تعيش الساحة السياسية، ركودا غير مسبوق في تاريخ الجزائر المستقلة، حيث لم تتضح الرؤية لدى مختلف الأطراف المكونة للساحة سواء عند أحزاب المعارضة أو أحزاب السلطة وحتى لدى السلطة نفسها، غير أنه باستدعاء الهيئة الناخبة قد يتبدد الضباب الذي يحوم حول سماء العمل الحزبي والسياسي بصفة عامة. واعترفت السلطة بطريقة غير مباشرة بوجود ركود سياسي قبل ثلاثة أشهر تفصلنا عن موعد الرئاسيات، حيث سبق لوزير الداخلية الطيب بلعيز أن صرح قائلا "أعتقد أنه في اليوم الموالي لاستدعاء الهيئة الناخبة ستتحرك الساحة السياسية والأحزاب مباشرة، لاسيما للإعلان عن التصريحات للترشح"، وهو نفس الموقف الذي تتقاسمه العديد من الأحزاب الموالية التي تنتظر المرسوم الرئاسي الخاص باستدعاء الهيئة الناخبة، حيث لم تخف هذه الأحزاب نيتها في الكشف عن موقفها النهائي مباشرة بعد إعلان الرئيس عن موعد الاستحقاقات الرئاسية القادمة. توقفت الأجندة السياسية لمختلف الأحزاب عند موعد ال16 أو ال17 من الشهر الحالي المصادف لاستدعاء الهيئة الناخبة، كما أن الجميع ينتظر إعلان الرئيس بوتفليقة ترشحه من عدمه، مما سيحرك عجلة العمل السياسي، حيث أكدت أحزاب الموالاة أنه في حالة لم يعلن الرئيس بوتفليقة عن نيته في الترشح لعهدة أخرى، فإنها مستعدة لطرح خياراتها سواء بتقديم مرشحها الخاص أو بالتوافق "حول الرجل الذي يخدم مصلحة الجزائر"، وهو الطرح الذي اختارته الحركة الشعبية الجزائرية التي يتزعمها الوزير عمارة بن يونس، الذي أعلن عن دعمه المطلق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إذا ما قرر الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة شهر أفريل.. وأنه إذا لم يترشح فستدعم الحركة المرشح الذي تتوافق عليه الأحزاب الموالية، في إشارة إلى الشخصية التي قد سيدعمها بوتفليقة ويزكيها في الانتخابات القادمة. كما لم يخالف هذا النهج التجمع الوطني الديمقراطي، الذي جدد في العديد من المناسبات دعمه للرئيس بوتفليقة إذا أبدى رغبته في الترشح للرئاسيات. كما يصر حزب جبهة التحرير الوطني، وتجمع أمل الجزائر على ترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية أخرى، حيث قال عمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "سيترشح" للانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل القادم، وذلك بعد استدعاء الهيئة الناخبة، كما صرح أيضا رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، عمر غول بأن "الرئيس بوتفليقة هو الأصلح لقيادة الجزائر لعهدة أخرى"، مؤكدا دعمه المطلق للرئيس. ومن جهة أخرى، ترى الأحزاب المعارضة أن اتخاذ موقف واضح بخصوص الاستحقاقات القادمة ربيع السنة الجارية لا علاقة له باستدعاء الهيئة الناخبة، بقدر ما هو مرتبط بترشح الرئيس من عدمه وضمان نزاهة العملية الانتخابية، مرجعة سبب الركود الحالي الذي أصاب الساحة السياسية كون الجميع يترقب ويرغب في معرفة ما الذي سيحدث في قابل الأيام، معتبرة أن غياب هاذين الشرطين "عدم ترشح الرئيس ونزاهة الانتخابات" يعد بمثابة غلق للعملية السياسية ينتفي مع وصف الانتخاب وتعتبره "استفتاء على طريقة الحزب الواحد"، كما تطالب مجموعة الأحزاب المعارضة بتغيير الحكومة الحالية، وترفض أن تشرف هذه الأخيرة على العملية الانتخابية "إذا أرادت السلطة أن تضمن نزاهتها". كما تنتظر الأحزاب المحسوبة على المعارضة ظهور هلال مرشح السلطة، الذي تعتبره "حتمية" بالنظر إلى تجاربها السابقة، أو ترشح الرئيس الذي يعني -حسبها- "قتل" للعمل السياسي، مؤكدة أنه رغم استدعاء الهيئة الناخبة "ستبقى دار لقمان على حالها" إلى غاية ظهور الخيط الأبيض من الخيط الأسود من ترشح الرئيس لعهدة أخرى أو إعلان دعمه لمرشح آخر.