بداية، هناك صورة نمطية في أذهان الكثيرين عن أن الإعلاميين الجزائريين الذين غادروا الوطن تصعب عليهم العودة والعمل في بلدهم، وأنت اليوم تعود إلى الجزائر؟ كان الخروج من الجزائر، مثلما حصل لكثير من الإخوة والزملاء لسببين، أولا بسبب الظروف القاسية التي مرت بها الجزائر، وثانيا بسبب انعدام شروط ممارسة المهنة، حسب ما تقتضيه القواعد، لذلك أخذتنا وجهات عديدة نحو الخارج. شخصيا، لم أخف منذ سنوات رغبتي في العمل في بلدي، وقلت إنه إذا عُرض علي ذلك، لن أتردد في المجيء. وقدمت اليوم بعدما أكرمتني مؤسسة “الخبر” بهذه المهمة. لن أقول إني سأكون الأحسن أو أني سأكون الأفضل، لكن سأجتهد مع فريق، ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا. ما هي ملامح قناة “كاي بي سي”؟ وما الجديد الذي ستقدمه للساحة الإعلامية؟ ”كاي بي سي” مشروع تلفزيوني يريد أن يحتكم أولا إلى قواعد مهنية، ويولد معززا برصيد خبرة وتجربة ثرية لصحيفة حافظت دائما على خط تحريري يُحترم فيه القارئ ويحترم ذكاءه وفهمه، وعملت على تكريس هذا الخط في التعاطي مع الأخبار. إذن، ستُؤسس القناة على هذا الرصيد وتفتح آفاقا جديدة لتطبيق إعلامي جديد هو التلفزيون، بالاحتكام إلى قواعد الممارسة المهنية الصحيحة والمطبقة في المؤسسات الإعلامية الكبرى، ولن تكون منصة للتهريج ولا لمحاكمة الناس أو الإساءة إليهم. وسنوجه جهدها اليومي نحو البحث في قضايا الجزائريين وما يهمهم. نريد أن نكون قريبين من الجزائريين وبينهم، نتحسس قضاياهم ومشاكلهم التي هي مشاكلنا وننقلها إلى الشاشة، ونترك المشاهد يحكم عليها. نحن في القناة لا توجد لدينا أحكام سابقة أو لاحقة على ما نقدم، والحكم الأخير سيكون للمشاهد، والتقدير التحريري الصحيح هو ما يحركنا على التعاطي مع الأحداث. تعتبر تجربة السمعي البصري جديدة في الجزائر، ألا ترون بأن الرّهان سيكون صعبا، خصوصا أن المجال يتطلب إمكانات مادية وبشرية ضخمة؟ التلفزيون تقنيات ومعارف ومهارات، وسنعمل على تسليح فرق العمل بهذه الأدوات، ونخضعها لقواعد الممارسة المهنية الصحيحة التي تختلف عن الصحافة المكتوبة، ويجب على كل من يدخل هذا الحقل أن يعرف بأن لهذه المهنة قواعد وضوابط وأخلاقا، من دونها لا يمكن ممارستها، لأنها مقننة ومؤطرة وليست ساحة عبث، هذا ما سيجعلنا نرسّخ هذه القواعد في قاعات الأخبار وفيما نقدمه للمشاهد. ستتواجد قناة الخبر “كاي بي سي” ضمن حقل إعلامي سبقتها إليه تجارب أخرى اكتشفها الجمهور الجزائري، فكيف ستتعاملون مع الأمر؟ لا أريد أن أحكم على الآخرين، بل أريد من الآخرين أن يحكموا علينا، نحن قادمون إلى ساحة سبقنا إليها زملاء وإعلاميون شاهد تجاربهم الجمهور الجزائري وتعرّف عليها، لكننا نعدهم أننا سنمنحهم الوقت ليحكموا علينا ويقارنوا بين الجميع. سنحرص قدر المستطاع على عدم الوقوع في الخطأ، لأن التقنيات تختلف، الصحافة المكتوبة تعبّر بالكلمات، ولكن التلفزيون يكتب للصورة. نريد ترسيخ ثقافة المشاهدة، وليست ثقافة القراءة أو الاستماع، في التلفزيون لا تقل لي الحقيقة، بل أرني إياها، لا نحكي عنها بل نأتي بها صورة وقرينة وحجة نقدمها للناس. بماذا تعدون المشاهد الذي تاه بين القنوات وهل ستركز القناة على الجانب الإخباري؟ نعد المشاهد بأننا سنسعى قدر المستطاع إلى تقديم الأجود له، مع احترام السائد دون أي إقصاء. أما بالنسبة لاهتمامنا بالجانب الإخباري، أعتقد أن هناك حاجة ملحة للأخبار في الجزائر، لأن الخطوط التحريرية تداخلت إلى حد الاشتباك، وتاه بينها القارئ والمشاهد، لذلك نريد رفع الضبابية وتبديدها بعض الشيء. وبغضّ النظر عن المراحل والأشخاص، نريد ممارسة المهنة وفق القواعد، ولا نريد خدمة المشاهد بشكل موسمي، تارة بشكل وبعد 3 أشهر بشكل آخر، وفي كل مرة نتلاعب به. أعتقد أن هذا ضحك على ذكاء المشاهد الذي نحترمه ونفهمه، لذلك نحن نخشاه، لكننا نعده أن نكون أمناء على الحقيقة التي نتعاطى معها. مدني عامر في سطور من مواليد 1956، متحصل على ماجستير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، تخصص إدارة الأزمات الدولية، التحق سنة 1982 بالتلفزيون الجزائري، حيث اشتغل كمعدّ برامج ومحرر ومراسل ومذيع، اشتهر في برنامج “الحدث” الذي كان يبث في عدة قنوات عربية، كما اشتغل على عدة تحقيقات وأعمال توثيقية أهمها “على خطى بومدين”. التحق بقناة “آم بي سي” في أكتوبر 1993 كرئيس تحرير، وبعدها بأبوظبي، حيث أشرف على إطلاق أول مركز للأخبار في العالم العربي، ثم مدير أخبار وبرامج في قناة دبي الاقتصادية، وسنة 2004 اشتغل مدير أخبار بقناة قطر، وفي 2009 عاد لأبوظبي كمدير إنتاج الأخبار.