توقعت معاهد بحوث وخبراء اقتصاد ألمان وأجانب ان تحقق ألمانيا هذا العام نمواً يراوح بين 1.7 و2 في المئة، أي أعلى مما كان منتظراً قبل شهر. وعلى عكس السنة الفائتة التي حقق فيها الاقتصاد الألماني معدل نمو ضعيفاً بلغ 0.4 في المئة، يُنتظر ان ترتفع الاستثمارات الداخلية والخارجية في السنة الجديدة في صورة ملموسة. وبعدما أظهر المستهلكون الألمان رغبة شديدة في الاستهلاك والإنفاق، سجلت التجارة الخارجية تباطؤاً بعض الشيء السنة الماضية على رغم تسجيلها رقماً قياسياً جديداً فيما تراجعت استثمارات الشركات في صورة ملحوظة، الأمر الذي سيتغير الآن وفق ما أكده خبراء ومراقبون كثيرون. وكانت الإشارة الأولى إلى ذلك الزيادة التي حققتها المبيعات الصناعية في الشهر الأخير من العام الماضي وبلغت 3 في المئة مقارنة بالشهر الذي سبقه.ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة أخيراً عن غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية عن كبير خبراء مصرف «كوميرتس بنك»، يورغ كرايمر، قوله تعليقاً على التطور الإيجابي الجديد ان الاقتصاد الألماني «استفاد إلى حد كبير من انتهاء الركود في منطقة اليورو، ومن قرار البنك المركزي الأوروبي بخفض الفائدة إلى 0.25 في المئة»، الأمر الذي دفع في رأيه عدداً من الخبراء ومعاهد البحوث إلى رفع توقعاتهم لمعدل النمو المنتظر لألمانيا إلى 2 في المئة، وهو رقم متفائل.وأدى تفاؤل الاقتصاديين هذا إلى إعطاء دفع جديد لمؤشر «داكس» للأسهم الألمانية الذي شهد في أواسط كانون الثاني (يناير) الجاري، وبعد وقفة ترقّب، قفزة جديدة رفعته إلى 9742 نقطة، بزيادة 2 في المئة تقريباً، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً جديداً يقرّبه شوطاً لا بأس به من هدف تحطيم عتبة 10 آلاف نقطة قريباً وليس في منتصف السنة كما كان متوقعاً.وتنعم ألمانيا حالياً بثقة متزايدة من جانب المستثمرين في الداخل والخارج، وتعززت هذه الثقة مطلع هذا العام بعدما أعلنت وكالة «ستاندرد أند بورز» الأميركية للتصنيف الائتماني الإبقاء على التصنيف الممتاز AAA الخاص بالسندات الحكومية الألمانية، وهو تصنيف لم تحصل عليه سوى لوكسبورغ وفنلندا من بين دول منطقة اليورو الثمانية عشرة. وأفادت الوكالة بأن ألمانيا «أظهرت قدرتها على تحمل الصدمات الاقتصادية في فترة الأزمات»، مشيرة إلى القدرة التنافسية العالية لمنتجاتها ولضبطها الجيد لموازناتها المالية. وأضافت أنها تنتظر من «حكومة التحالف الكبير» الجديدة في برلين ان تتابع نهج الاستقرار المالي.وإذا كانت هذه الشهادة ستشجع المستثمرين في ألمانيا على مزيد من الاستثمار، فستمكن برلين أيضاً من الحصول على فوائد مخفضة جداً على سنداتها الحكومية، تماماً كما حصل في السنوات الأخيرة، ما وفّر على البلاد دفع فوائد بمئات بلايين اليورو. وتشهد قطاعات الاقتصاد الألماني تحسناً في أوضاعها، خصوصاً الشركات المتوسطة والصغيرة التي ارتفعت أرباحها في صورة ملموسة. وأعلن مسؤولو قطاع البناء نهاية العام الفائت انتعاشاً لم يشهدوا مثله منذ عقدين في البلاد، خصوصاً في مجال بناء المساكن، الأمر الذي ينعكس أيضاً ازدهاراً في قطاع العقارات.وقال رئيس النقابة الاتحادية لصناعة البناء هايكو شتيبلمان إنه يتوقع زيادة في الدخل تراوح بين 3 و4 في المئة هذا العام. وأعربت النقابة الاتحادية لصناعة الآلات عن تفاؤلها بالعام الجديد بعد عام ضعيف، وتوقعت زيادة بواقع 3 في المئة في الطلب عليها، الأمر الذي سيمكنها من تسجيل مبيعات قياسية في نهاية العام تصل إلى 203 بلايين يورو. ويشغّل قطاع صناعة الآلات مليون موظف وعامل، ويعتبر من أكبر القطاعات الصناعية وأهمها في البلاد.وحققت صناعة السيارات الألمانية عام 2013 مرة أخرى مبيعات وأرباحاً قياسية على رغم استمرار ضعف الطلب في السوقين الألمانية والأوروبية، إنما مع تفاؤل بتحسنها هذه السنة. وما يترك مجالاً للتفاؤل أكثر هو الخروج ولو البطيء، لمنطقة اليورو عموماً، والدول المتعثرة فيها خصوصاً، من مرحلة الركود التي لجمتها سنوات، ودخولها بثبات مرحلة النمو النسبي. وأعلن مركز الإحصاء الأوروبي أخيراً ان حجم الإنتاج في منطقة اليورو ارتفع في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بنسبة 1.9 في المئة عن الشهر الذي سبقه، للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات ونصف سنة، فيما زادت الاستثمارات في الآلات بهدف تعزيز الإنتاج، ما ينعش مؤشرات عودة النمو.