بعدما أصبح بإمكان مواطني بلغاريا ورومانيا السفر دون قيود إلى دول الاتحاد الأوروبي، يسود نقاش سياسي حاد في ألمانيا حول احتمال تضررها من هذه الهجرة، رغم الحاجة الكبيرة في البلد إلى مزيد من المهاجرين لإنعاش سوق العمل فيها. ودعت ألمانيا السنة المنقضية دون تسجيل أرقام سلبية كبيرة فيما يخص سوق العمل. فعدد العاطلين في هذا البلد الأوروبي ارتفع بشكل طفيف خلال نهاية العام مقارنة بنفس الفترة في الأعوام الماضية. وقد وصل معدل البطالة في ألمانيا إلى 6.7 في المائة بزيادة 0.2 بالمائة. ويرجع الوضع المريح نسبياً في سوق العمل إلى قدرة الاقتصاد الألماني على تنويع موارده. وهذا ما يؤكده الخبير في سوق العمل غيرهارد بوش من جامعة دويسبورغ إيسن في حديث خص به DW. ويقول بوش "إلى جانب قوة الصادرات الألمانية ساهمت الزيادة في الأجور على زيادة معدلات الاستهلاك داخل البلاد". هل سينخفض فعلاً معدل البطالة؟ وأضاف بوش أن "عام 2013 لم يعرف استثمارات كثيرة لأن المؤسسات الاقتصادية كانت قلقة بشأن الأوضاع الاقتصادية على المدى البعيد. لكن قرارات الحكومة الجديدة من شأنها أن تساهم في تحسين الوضع، بعدما التزمت بتخصيص أموال للبنيات التحتية والتعليم. ويتوقع أن تبقى معدلات الاستهلاك مرتفعة بسبب الزيادات في المعاشات والالتزام بوضع حد أدنى للأجور. ويقدر متوسط عدد العاطلين في ألمانيا ب 2.9 مليون عاطل. ويتوقع خبراء وكالة العمل الألمانية أن ينخفض مستقبلاً عدد العاطلين عن العمل، لكن بعض الأصوات المتشككة من المعهد الألماني للاقتصاد لا ترى إمكانية توفير فرص عمل جديدة. ويستند المعهد في ذلك إلى دراسة قام بها نهاية عام 2013 واستطلع خلالها آراء الهيئات الاقتصادية الكبرى في ألمانيا. ويعترف ميشائيل هوتر، رئيس المعهد الألماني للاقتصاد، بأن الحالة العامة للاقتصاد جيدة، لكنه يستبعد تحقيق أكثر مما تم تحقيقه الآن. ويقول هوتر "حققنا فعلا إنجازا تاريخيا بتوفير 42 مليون منصب عمل. لكن حيوية سوق العمل ستبدأ الآن في التراجع". وفيما يخص توافد مهاجرين من بلغاريا ورومانيا على ألمانيا، بعد فتح دول الاتحاد الأوروبي حدودها لمواطني هاتين الدولتين، فإن خبراء وكالة العمل الألمانية لا يرون أي مشكل في قدوم هؤلاء الى ألمانيا. فخلال السنوات الماضية كانت هناك هجرة من تلك الدولتين للعمل الموسمي في قطاع الزراعة أو في غيره من القطاعات التي كانت في حاجة إلى اليد العاملة مثل قطاع الرعاية الصحية والتمريض أو للعمل في المطاعم. ويعمل في ألمانيا حالياً حوالي 155 ألف مواطن من دولتي بلغاريا ورومانيا. ويعتبر معدل البطالة في صفوف المواطنين البلغار أو الرومان القاطنين في ألمانيا الأكثر انخفاضا مقارنة بباقي العمال الأجانب في البلاد. كما ُيسمح الآن لمواطني بلغاريا ورومانيا بالعمل في جميع القطاعات دون أي قيود في ألمانيا. ويرى مدير الوكالة الألمانية للعمل هاينريش ألت في ذلك عنصرا إيجابيا "سيرفع من فرص إدماجهم في سوق العمل". وتحتاج ألمانيا في السنوات القادمة إلى 1.5 مليون من اليد العاملة المتخصصة الأجنبية بسبب التحول الديموغرافي الذي تعيشه البلاد. وذلك من أجل "ضمان النمو الاقتصادي والمساعدة على استقرار النظام الاجتماعي"، كما يقول مارتن فانسلبن، الرئيس التنفيذي للغرفة التجارية والصناعية الألمانية، حيث أكد على أهمية ما أسماه ب"ثقافة الترحيب بالمهاجرين" في ألمانيا.