لم يعرف الأورو ارتفاعا بمثل المستوى الذي شهده خلال الأسبوع، منذ أكتوبر 2011، مما سيساهم في إحداث موجة تضخمية في أسعار العديد من المنتجات المصدرة من الاتحاد الأوروبي التي تمثل بالنسبة للجزائر أهم شريك تجاري، حيث تستورد الجزائر من منطقة الأورو ما بين 52 و55 في المائة من مجموع الواردات. ومن المعلوم أن الجزائر تتعامل تجاريا بالأورو أساسا في وارداتها مقابل فوترة صادراتها بالدولار، ومن شأن تقلبات الصرف أن يزيد من إضعاف قيمة ما يتم تحصيله بالعملة الأمريكية، مقابل تأثر التعاملات بالأورو من موجة تضخمية في حالة استمرار الارتفاع أو بقائه في مستوى عالي. ومن بين الأسباب التي تدفع إلى مثل هذه التقلبات الكبيرة، السياسات النقدية التي تتبناها الولاياتالمتحدة لدعم اقتصادها وصادراتها، بحث أن انخفاض قيمة الصرف للدولار يسمح بجعل المنتجات الأمريكية أقل كلفة وأكثر تنافسية، خاصة في السوق الأوروبية. وعلى العكس من ذلك، تصبح السلع والمنتجات الأوروبية أقل تنافسية وأكثر تكلفة. ويعرف سعر الصرف للعملة الأوروبية نموا ايجابيا منذ أربعة أيام، وينتظر أن تبرز أولى انعكاساته بداية من الأسبوع المقبل، في حال استمرار المنحى التصاعدي أو المستوى العالي للأورو، وسط تفاؤل المستثمرين من توجهات البنك المركزي الأوروبي وتصريحات ماريو دراغي المطمئنة حول الظرف الايجابي للنمو في منطقة الأورو بنسبة ايجابية هذه السنة ب1.2 في المائة للناتج المحلي الخام، مقابل نسبة تضخم متوقعة ب1 في المائة. بالمقابل، فإن الدولار الأمريكي يواجه ضغوطا على خلفية الأرقام الخاصة بالبطالة وسوق العمل والسياسات النقدية، مما دفع بالعديد من المستثمرين إلى استباق الأمر والتعويل على تراجع المؤشرات المتصلة بالدولار الأمريكي. وساهمت التقلبات المسجلة في ارتفاع محسوس لسعر صرف الأورو مقابل الدينار في السوق الموازية منذ أكثر من أسبوع، حيث ارتفعت في مختلف الأسواق إلى مستويات تراوحت ما بين 153 و154 دينار جزائري، ويعزو متابعون للسوق ذلك إلى عدة عوامل، منها داخلية مع تسجيل زيادة في الطلب على الأورو، نتيجة تحويل البعض من التجار ورجال الأعمال للدينار إلى عملة أكثر أمنا، بالنسبة إليهم، سواء بالنظر إلى ضبابية الوضع السائد أو القرارات الجديدة المعتمدة، على غرار قرب فرض التعاملات بالصك فوق قيمة 100 مليون سنتيم، يضاف إلى ذلك الاتساق المسجل بين السوق الموازية المحلية والسوق الدولية للعملة الصعبة، على عكس توجهات بنك الجزائر التي تبقى بعيدة عن تحديد قيمة العملة وفقا للواقع، بل لقرارات إدارية، ناهيك عن العوامل التقنية التي تجعل تحديد قيمة الدينار متصلا بسلة من العملات، لا بعملة واحدة. ومع ذلك، فإن الانعكاسات يمكن أن تكون بارزة مع استمرار المنحى التصاعدي، نتيجة الارتفاع المتوقع للسلع المستوردة من منطقة الأورو، بينما يمكن للجزائر أن تستفيد من ارتفاع قيمة الاحتياطي المقدر بالأورو مقابل تراجع قيمة تلك المعتمدة بالدولار في حالة استمرار الوضع لعدة أيام أخرى.