الفريق أول شنقريحة يشيد بالتعاون العسكري الجزائري الأمريكي    الرعية الاسباني يتوجه بالشكر الخاص للرئيس تبون    اللحوم الحمراء الطازجة في رمضان ستبلغ أقصى مبلغ 1900 دج    خنشلة : الأمن الحضري السابع توقيف شخص بحوزته مؤثرات عقلية وأسلحة    خصص الهلال الأحمر الجزائري 300 طن من المساعدات الإغاثية    الكوكي مدرباً للوفاق    عرقاب يشرف على مراسم التوقيع على اتفاقية إنجاز الدراسة والإمكانيات    العنصرية الفرنسية الرسمية..!؟    إيتوزا تستعين ب30 حافلة محليّة    الصحافة الفرنسية تسج قصة جديدة ضمن سلسة تحاملها ضد الجزائر    ريادة الجزائر في المنطقة تستفيد منها كل الدول    طاقة ومناجم: السيد عرقاب يستقبل وفدا برلمانيا سلوفينيا    إنتاج صيدلاني: إبرام عقد بين "اناد شيميكا" ومؤسسة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي    الجزائر تسلّم الرعية الإسباني المحرر إلى سلطات بلاده    الجزائر لا تتلقى دروسا في الحقوق والحريات من أحد    الثورة الجزائرية الوحيدة التي نقلت المعركة إلى عقر دار العدو    الأمم المتحدة : السيد عطاف يتحادث بنيويورك مع الأمين العام لجامعة الدول العربية    متابعة أشغال مشروع قصر المعارض الجديد    ديون الجزائر لدى المستشفيات الفرنسية.. حملة اعلامية جديدة تسوق البهتان    تقرير جديد يسلط الضوء على استمرار الاحتلال المغربي في ارتكاب الجرائم الممنهجة بالصحراء الغربية    الكرة الطائرة/البطولة الوطنية: تغييرات في صيغة المنافسة ابتداء من موسم 2025-2026 /الاتحادية/    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : لجنة الكونفدرالية الإفريقية "مرتاحة جدا" لتقدم التحضيرات    إصلاحات قطاعي في اجتماع الحكومة برئاسة الوزير الأول    المدير العام للحماية المدنية يقوم بزيارة عمل وتفقد إلى ولاية المغير    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, مزيان يستقبل بماسيرو من قبل الوزير الأول لمملكة ليسوتو    فلاحة: مزارعو الحبوب مدعوون للقيام بالتعشيب الكيميائي لحماية المحاصيل    مشروع قصر المعارض الجديد: سيفي يقف على سير الأشغال    الأمم المتحدة تبدي قلقها حول العملية العسكرية التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني في جنين    التلفزيون الجزائري يكشف عن شبكته البرامجية لرمضان 2025    كرة القدم: الجزائريون يهيمنون على التشكيلة المثالية لدور المجموعات    حماس: غزة أمام مرحلة جديدة لإزالة آثار العدوان الصهيوني وإعادة الإعمار    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    المشاركون في جلسات السينما يطالبون بإنشاء نظام تمويل مستدام    تحرير الرعية الاسباني المختطف: رئيس الجمهورية يقدم تشكراته للمصالح الأمنية وإطارات وزارة الدفاع الوطني    تحويل ريش الدجاج إلى أسمدة عضوية    "فتح 476 منصب توظيف في قطاع البريد ودعم التحول الرقمي عبر مراكز المهارات"    61 ألفا ما بين شهيد ومفقود خلال 470 يوم    تطبيقة إلكترونية للتبليغ عن مواقع انتشار النفايات    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    هذا موعد قرعة كأس إفريقيا    وزيرة الدولة الفلسطينية تشكر الجزائر نظير جهودها من أجل نصرة القضية    915 فضاء للبيع من المنتج للمستهلك في رمضان    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    "زيغومار".. "فوسطا".."كلاكو" حلويات من الزمن الجميل    حدائق عمومية "ممنوع" عن العائلة دخولُها    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    من 18 إلى 20 فيفري المقبل.. المسابقة الوطنية سيفاكس للقوال والحكواتي    وفد برلماني يتفقد معالم ثقافية وسياحية بتيميمون    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زروال ضد العهدة الرابعة
نشر في الخبر يوم 19 - 03 - 2014


* زروال يشكك في دستورية ترشح بوتفليقة
* الانحراف عن التداول على السلطة بدأ في 2008
* فتح العهدات أدى بشكل عميق إلى تعكير النقلة النوعية التي كان يقتضيها التداول على السلطة
* العهدة الرئاسية القادمة تعتبر الفرصة الأخيرة التي ينبغي اغتنامها لوضع الجزائر على درب التحول الحقيقي
* المؤسسة العسكرية تعرضت مؤخرا إلى هجمة لاذعة ومؤسفة لا طائل من ورائها سوى إضعاف جهاز الدفاع

انتقد رئيس الجمهورية السابق، اليمين زروال، ضمنيا، ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة، ملمحا إلى أن ترشحه “استمرار في تعكير النقلة النوعية التي كان يقتضيها التداول على السلطة”، والذي بدأ بتعديل الدستور في 2008. وحرص زروال على إبراز تساؤل حول الوضع الصحي للرئيس: “الانتخاب الرئاسي يعد مهمة ثقيلة من الناحية المعنوية والبدنية... ولكي يتم أداؤها تتطلب أن تحاط بشروط يمليها الدستور والأخلاق البروتوكولية”.
خص اليمين زروال ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بانتقاد واضح لما شكك، ضمنيا، في رسالة مطولة بعث بها إلى “الخبر”، في قدراته الصحية المنصوص عليها دستوريا، كما دافع عن دور المؤسسة العسكرية ضد الانتقادات التي طالتها في الفترة الأخيرة وفقا لتعبيره. وتحدث سادس رؤساء الجزائر عن الضمانات الواجب توفيرها للجزائريين من أجل أخذ الرئاسيات المقبلة بعين الاعتبار.

الانتخاب الرئاسي شرف ومهمة ثقيلة من الناحية المعنوية والبدنية
وبدأ زروال رسالته، التي تأتي فيما يبدو تحقيقا لمطالب كثيرين ناشدوه لكي يكشف موقفه من الرئاسيات ومن زلة لسان عبد المالك سلال الأخيرة التي استهدفت الشاوية، بتلميح ينتقص من قدرات الرئيس البدنية في الترشح، قائلا إن “الهيئة الناخبة مدعوة يوم الخميس 17 أفريل إلى الانتخاب لرئاسة الجمهورية... ومن المعروف أن الانتخاب الرئاسي قد شكل دوما لحظة قوية في حياة الأمة”، مضيفا أن “الأمر يعتبر شرفا عظيما بقدر ما يعد مهمة ثقيلة ودقيقة سواء من الناحية المعنوية أو من الناحية البدنية بالنسبة لكل من يتطلع إلى الارتقاء إلى منصب القاضي الأول في البلاد”، بل إن زروال ذهب أبعد من ذلك ملمحا إلى شكوك حول مدى دستورية ترشح الرئيس نفسه قائلا: “غير أن هذه المهمة (رئاسة البلاد) لكي يتم أداؤها أداء مشرفا، تتطلب أن تحاط بجملة من الشروط ومنها خصوصا تلك التي يمليها الدستور رسميا من جهة، وتلك التي تفرضها قواعد الأخلاق البروتوكولية المرتبطة بممارسة الوظيفة من جهة أخرى”.
ومثلما يبرر اليمين زروال، في الرسالة، امتناعه عن الخوض في شأن العامة “انطلاقا من واجب التحفظ”، إلا أنه يكشف أسباب رسالته الجديدة التي تشابه تلك التي أصدرها قبل رئاسيات 2009، والظروف الجديدة التي دفعت الرئيس السابق للخروج عن صمته “للتعبير من باب الواجب الأخلاقي وتقاسم مشاعري ومخاوفي مع الجزائريين”، هي “ظهور سلسلة من الأحداث والتصريحات التي كانت متعددة بقدر ما هي غير معهودة ولاسيما عشية استحقاق انتخابي بالغ الأهمية”. ويبدو أن تصريحات عبد المالك سلال مقصودة بشكل واضح في رسالة زروال.
وحذر الرئيس الأسبق مما سماه “الاستخفاف بالوضع الراهن”، منتقدا إحدى سمات حكم بوتفليقة في اعتماده على خزينة الدولة لإخماد المطالب الاجتماعية “يجب الحذر من الاعتقاد بأن الوفرة المالية يمكن لوحدها أن تتغلب على أزمة ثقة هيكلية”، وشكك في الأرقام التي توفرها الحكومة عن جوانب كثيرة من القطاعات: “إن الإحصائيات والحصائل الرقمية التي تستعرض على رأي عام وطني منزوف، لا يمكن أن تبدد شكوكه المستفحلة، ولا من شأنها أن تحتوي غليان المواطنة الذي تشهده حاليا الساحة السياسية الوطنية”.
لكن أبرز ما حملته رسالة زروال الذي تسلم بوتفليقة الرئاسة من يديه في حفل شهير أقيم عام 1999، انتقاده لإلغاء مبدأ التداول على السلطة من قبل الرئيس الذي حكم البلاد بعده: “إن مراجعة الدستور الجزائري في سنة 2008، ولاسيما تعديل المادة 74 منه، المتعلقة بتحديد العهدات الرئاسية في عهدتين، قد أدت بشكل عميق إلى تعكير النقلة النوعية التي كان يقتضيها التداول على السلطة وحرمت مسار التقويم الوطني من تحقيق مكاسب جديدة على درب الديمقراطية”. ومعلوم أن فتح مادة الترشح مكن الرئيس بوتفليقة من الترشح لولاية ثالثة والآن لرابعة، ويبدي زروال رأيه قائلا: “إنه من الأهمية بمكان التذكير بأن التداول على السلطة يكمن هدفه في التضامن ما بين الأجيال وتعزيز التماسك الوطني ووضع الأسس المهيكلة لاستقرار مستدام”.

العهدة الرئاسية المقبلة “انتقالية” وهي الفرصة الأخيرة
واختار زروال وصف العهدة الرئاسية المقبلة ب”الانتقالية” مهما كانت هوية الرئيس المقبل، والتي يجب أن “تشكل المرحلة الجدية الأولى لتحقيق قفزة نوعية نحو تجديد جزائري أكثر تطابقا مع التطلعات المشروعة لأجيال ما بعد الاستقلال”، واعتبر أيضا أنه مهما كانت نتيجة اقتراع ال17 أفريل المقبل “فإنه يجب أن يوضع في الحسبان بأن العهدة الرئاسية القادمة تعتبر الفرصة الأخيرة التي ينبغي اغتنامها لوضع الجزائر على درب التحول الحقيقي”، وحث، بناء على مؤشرات، على “الشروع بصفة عاجلة وفي كنف الهدوء وبصفة سلمية في الأشغال الكبرى لهذا المسعى الوطني المنقذ الذي يستوجب إشراك جميع الجزائريين في إنجازه”، مكررا رأيه المناهض للحكم الفردي: “هو هدف وطني كبير يخطئ كل من يعتقد بأنه يتحقق بإرادة رجل واحد مهما كان ملهما ولا بإرادة قوة حزب سياسي وحيد مهما كان مستوى الأغلبية التي يمثلها”.
واعتبر الرئيس الأسبق تهجم عمار سعداني على المخابرات في الفترة الأخيرة “إضعافا لجهاز الدفاع والأمن”، ودافع بالتالي عن المؤسسة العسكرية التي انتسب إليها في كل مسيرته المهنية: “ما يحز في النفس هو أن المؤسسة العسكرية قد تعرضت مؤخرا إلى هجمة لاذعة ومؤسفة لا طائل من ورائها سوى إضعاف جهاز الدفاع والأمن الوطنيين من جديد وفتح الباب أمام المخاطر التي تحدق بالجزائر”.

بيان

إن الهيئة الناخبة مدعوة يوم الخميس 17 أبريل 2014، إلى الانتخاب لرئاسة الجمهورية؛ انتخاب سيختار الشعب السيد من خلاله رئيس الجمهورية القادم الذي سيفوضه التصرف باسمه لفترة خمس سنوات. ومن المعروف أن الانتخاب الرئاسي قد شكّل دوما لحظة قوية في حياة الأمة وحدثا أساسيا بالنسبة للمصير الوطني. وهنا، فإن الأمر يعتبر شرفا عظيما بقدر ما يعد مهمة ثقيلة ودقيقة، سواء من الناحية المعنوية أم من الناحية البدنية بالنسبة لكل من يتطلع إلى الارتقاء إلى منصب القاضي الأول في البلاد. غير أن هذه المهمة لكي يتم أداؤها أداء مشرّفا، تتطلب أن تحاط بجملة من الشروط، ومنها خصوصا تلك التي يمليها الدستور رسميا، من جهة، وتلك التي تفرضها قواعد الأخلاق البروتوكولية المرتبطة بممارسة الوظيفة من جهة أخرى. وإنه لفي ظل مثل هذه الاستشارة الانتخابية الهامة، والشروط الموضوعية للشفافية والحرية التي يجب أن تطبع سيرها، لأمكن تقدير مدى التأصل الاجتماعي للدولة ولأمكن أن يفتك التقدير المستحق في محفل الأمم. ولذلك، فإن الانضمام التساهمي للمواطنين في القرارات الوطنية الكبرى، من شأنه أن يضفي على مؤسسات الجمهورية مصدرا للشرعية ذا قيمة ثمينة، ويشكّل من هذا المنطلق الحصانة الأوثق التي يمكن للجزائر أن تعتمد عليها لرفع التحديات الكبرى للتشييد والتصدي للرهانات التي تتهددها. وبصفتي رئيسا سابقا للجمهورية، فقد امتنعت إلى حدّ الآن، عن الخوض المكثف في الحقل السياسي انطلاقا من واجب التحفّظ، مثلما امتنعت عن التدخل في الفضاء المؤسساتي بحكم أدبيات الجمهورية. ومع ذلك، فإن هذا الموقف التحفّظي لم يمنعني أبدا من أن أتحسس نبضات المجتمع الجزائري، كما لم يمنعني من أن أتابع عن كثب وباهتمام خاص تطور المستجدات الوطنية. غير أن ظهور سلسلة من الأحداث والتصريحات التي كانت متعددة، بقدر ما هي غير معهودة، ولاسيما عشية استحقاق انتخابي بالغ الأهمية، قد جعلني من باب الواجب الأخلاقي ملزما بالتعبير عن وجهات نظري وتقاسم مشاعري ومخاوفي مع المواطنين الجزائريين. إن ما يجري اليوم على الساحة الوطنية لا يمكن أن يترك المرء غير مبال، بل إنه يستوقف وعي كل مواطن جزائري غيور على استقلال بلاده ويقدر حق التقدير ضريبة التضحيات الباهظة التي بذلت في سبيل استعادة هذا الاستقلال. كما يجب التذكير بأن الجزائر بالأمس القريب ولنفس هذه الغاية، قد دفعت من جديد ثمنا باهظا بعد أن عاشت مرحلة من أدق مراحل تاريخها المعاصر، واستطاعت أن تتخلص منها بأعجوبة بفضل الله تعالى ثم بفضل كل القوى الحية للأمة التي تجنّدت إلى جانبها بكل شجاعة وكرامة مثالية. واليوم، فإن واجب الذاكرة، ينبغي أن يشكّل أكثر من أي وقت مضى، مصدرا لا ينضب، بحيث يجب أن يلهم الشعب الجزائري حتما في سعيه الوطني إلى تعبيد طريق المستقبل. وهنا، أود، باسم واجب الذاكرة هذا، أن أشيد من جديد بكل هذه القوى الحية للأمة وأن أنوّه بالدور البارز الذي أدته، ولاسيما ذلك الدور الذي اضطلع به الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن في حلحلة المأساة الوطنية الخطيرة التي عاشتها الجزائر. فبالرغم مما واجهته الجزائر من عداء شديد في كفاحها ضد الإرهاب، فقد عرف الجيش الوطني الشعبي واستطاع بمعية قوات الأمن أن يحبط كل محاولات زعزعة استقرار البلاد، ونجح في رفع التحدي بشكل لم يكن متوقّعا، وسمح بجعل الجزائر في منأى عن المخاطر الكبرى التي كادت أن تعصف حتى بأسسها. ومما يحز في النفس، هو أن المؤسسة العسكرية قد تعرّضت مؤخرا إلى هجمة لاذعة ومؤسفة لا طائل من ورائها سوى إضعاف جهاز الدفاع والأمن الوطنيين من جديد، وفتح الباب أمام المخاطر المتعددة التي تحدق بالجزائر. غير أن الجيش الوطني الشعبي في هذا المجال، مؤهل تماما للتصدي لمثل هذه المخاطر، اعتبارا لصفات الرجال العاملين به، وبما يتوفر عليه من طاقات وطنية كفيلة بتمكينهم من أداء مهامهم وواجبهم في خدمة الأمة دون سواها. إن الجيش الوطني الشعبي بكل مكوّناته، سيظل قبل كل شيء في خدمة الوطن. وكل المسؤولين الذين تعاقبوا على العمل باسمه منذ الاستقلال الوطني، قد كانوا، قبل أي اعتبار آخر، يسترشدون بواجب الحفاظ على تماسك صفوفه في ظل احترام القانون، وتعزيز قدراته العملياتية من أجل حماية الوطن. وسيظل التماسك الداخلي للجيش الوطني الشعبي وامتداده الشعبي يشكّلان الاثنان معا العاملين الحقيقيين لقوته. بيد أن الجيش الوطني الشعبي، بعد أن ساهم في تعزيز الاستقرار والأمن بمساعدة مصالح الأمن وبدعم حاسم من القوى الوطنية، سيظل ملتزما في هذه المعركة الحيوية لكونه يدرك أنه يمثّل الدرع المسلح القادر على التعرض لكل المحاولات الهادفة إلى المساس بالجزائر، اقتداء بجيش التحرير الوطني المجيد، أو الرامية إلى النيل من سيادتها وسلامة ترابها الوطني. بالفعل، فإن ما يجري اليوم على الساحة الوطنية، وعشية موعد انتخابي من الأهمية بمكان، يستحق جيدا أن يسترعي اهتمام كل الفاعلين في الحياة الوطنية، ولا يمكن التهرب منه دون تمييز لفائدة مقاربات ليس لنواياها الخفية أن تخدم بالضرورة المصالح الحيوية للجزائر. بل يجب الحذر من الاستخفاف بالوضع الراهن، والاعتقاد بأن الوفرة المالية يمكن لوحدها أن تتغلب على أزمة ثقة هيكلية. ومهما كانت مؤسسة، فإن الإحصائيات والحصائل الرقمية التي تستعرض على رأي عام وطني منزوف، لا يمكن أن تبدد شكوكه المستفحلة، ولا من شأنها أن تحتوي غليان المواطنة الذي تشهده حاليا الساحة السياسية الوطنية؛ غليان مواطنة ليس له من طموح مشروع سوى تقديم مساهمته الخاصة في بناء نظام سياسي جديد في ظل الوفاء لروح بيان أول نوفمبر 1954، وفي توافق مع المعايير المكرسة عالميا، مع الحفاظ على قيمنا وخصوصياتنا. إن مراجعة الدستور الجزائري في سنة 2008، ولاسيما تعديل المادة 74 منه، المتعلقة بتحديد العهدات الرئاسية في عهدتين، قد أدت بشكل عميق إلى تعكير النقلة النوعية التي كان يقتضيها التداول على السلطة وحرمت مسار التقويم الوطني من تحقيق مكاسب جديدة على درب الديمقراطية. وإنه من الأهمية بمكان التذكير بأن التداول على السلطة يكمن هدفه في التضامن ما بين الأجيال، وتعزيز التماسك الوطني ووضع الأسس المهيكلة لاستقرار مستدام، كما يكمن في تحصين الديمقراطية وإضفاء المصداقية على مؤسسات الجمهورية التي تعد أثمن ما ينبثق عنها. وأخيرا، فإن التداول على السلطة تتمثل غايته في ضمان أحسن الشروط الكفيلة، دون صدامات كبرى، بإحلال دولة عصرية. وفي هذا السياق، فإن تاريخ الديمقراطيات العريقة في العالم، يعلّمنا بأن الدولة القوية هي تلك التي تستمد قوتها من التعايش مع سلطة مضادة قوية بدورها، كما يعلّمنا نفس هذا التاريخ بأن مبدأ الشفافية في إدارة الشؤون العمومية، وتسيير موارد البلاد وفي ممارسة الحريات الفردية والجماعية، يشكّل رهانا قويا للحكم الراشد ويسمح بمكافحة كل أشكال التعسف والفساد، بفعالية، في ظل السلطان القاطع لسيادة القانون وإنصاف العدالة. وبهذا الشأن، ينبغي الإشارة بشدة إلى كل أولئك الذين لازالوا يشككون في العبقرية الوطنية بأن الشعب الجزائري يعرف كيف يميز بين ما هو أساسي وما هو تافه، كما يعرف كيف يتكرم مجانا بصبره الأسطوري كلما تعلق الأمر بخدمة قضية وطنية كبرى. فكل قضية تحظى بانضمام الشعب التساهمي، تصبح قضية مسموعة ولا مناص من كسبها. ولذلك، فإن العهدة الرئاسية القادمة يجب أن تندرج في إطار تصميم وطني كبير وأن تكون بمثابة الفرصة التاريخية للعمل على توفير الشروط الملائمة لإجماع وطني حول رؤية متقاسمة بشأن مستقبل الجزائر؛ رؤية يتقاسمها أهم الفاعلين في الحياة الوطنية والتي يجب بالضرورة أن تتوج في آخر المطاف، بالموافقة السيادية لكافة الشعب الجزائري. ومن شأن هذه العهدة الانتقالية أن تشكّل المرحلة الجدية الأولى لتحقيق قفزة نوعية نحو تجديد جزائري أكثر تطابقا مع التطلعات المشروعة لأجيال ما بعد الاستقلال، وفي تناسق مع التحولات الكبرى التي يشهدها العالم. فقد حان الوقت لتمكين الجزائر من التوفر على الجمهورية التي يحق لها أن تشترطها على شعبها ونخبتها المستنيرة. وفي هذا الإطار وبهذا الشأن، ينبغي التذكير بكل موضوعية بأن حق التصويت يشكّل الوسيلة الدستورية الأكثر سلمية التي يستعملها المواطن للتعبير عن خياراته. كما إنه من الواجب الوطني التعبير عن خياراته، وبالتالي المساهمة في مسار إعداد القرار الوطني من خلال ممثليه المنتخبين. وعليه، فإن الصوت الذي يعبّر عنه المواطن يتعين أن يشكّل قيمة ثمينة في البناء الديمقراطي للنظام السياسي الجزائري، الذي يجب أن يحرص على عدم تقويض هذا البعد الذي لا يقدر بثمن. ذلك أنه بفعل الصوت الذي يعبّر عنه المواطن لأمكن أن تبنى جزائر الغد. وإذا كان من واجب المواطن الجزائري أن يدلي بصوته في المحطات الوطنية الكبرى، فإنه يتعين على الدولة أن توفر أحسن شروط الشفافية والحرية حتى يتم احترام هذا الخيار ويؤخذ في الحسبان بشكل حازم. وذلكم هو الأسلوب الذي تترسخ على أساسه الثقة وتستدام الممارسة الديمقراطية. وبهذه الروح، يجب أن نعتبر بأن الدستور، والتماسك الاجتماعي ووحدة القوات المسلحة للجمهورية، يشكّلون الأعمدة التي تقوم عليها الجزائر، كما إنها تمثل التراث النفيس المشترك الذي يجب أن يصونه ويذود عنه الجزائريون مهما كان مستوى وطبيعة التضحيات التي ينبغي بذلها. ومهما كانت النتيجة التي ستتمخض عن اقتراع 17 أفريل القادم، فإنه يجب أن يوضع في الحسبان وبالأخص، بأن العهدة الرئاسية القادمة تعتبر الفرصة الأخيرة التي ينبغي اغتنامها لوضع الجزائر على درب التحوّل الحقيقي. فكل المؤشرات الموضوعية تدعو إلى الشروع بصفة عاجلة وفي كنف الهدوء وبصفة سلمية، في الأشغال الكبرى لهذا المسعى الوطني المنقذ، الذي يستوجب إشراك جميع الجزائريين في إنجازه؛ وهو هدف وطني كبير يخطئ كل من يعتقد بأنه قد يتحقق بإرادة رجل واحد مهما كان ملهما، ولا بإرادة قوة حزب سياسي وحيد مهما كان مستوى الأغلبية التي يمثّلها. فعظمة التصور الوطني مرتبط ارتباطا وثيقا بعظمة الشعب وقدرته على العمل باستمرار على كسب فضاءات ديمقراطية جديدة. وفي هذا المنظور، فإن بلادنا غنية، بلا شك، بالقدرات والطاقات الكفيلة بتمكينها من المضي قدما نحو كسب استحقاقات جديدة. وقد أثبت الشعب الجزائري على مر تاريخه، وفي كل الظروف، بأنه قوي بوحدته، وقادر على رفع أكبر التحديات. تحيا الجزائر، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. اليمين زروال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.