كشف فضيلة الشيخ خالد تقي الدّين، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالبرازيل، والمشرف على الحملة العالمية للتّعريف بالدّين الإسلامي في مونديال البرازيل، في حوار خصّ به “الخبر”، عن إطلاق مشروع كبير للتّعريف بالإسلام خلال كأس العالم 2014 والأولمبياد 2016 اللّتين ستُقامان في البرازيل، من خلال تفعيل دور الشباب المسلم من أبناء الجالية لتوضيح صورة الدّين الإسلامي الصّحيحة بين جماهير كأس العالم، والوصول للمشجّعين المسلمين في البرازيلوأمريكا اللاتينية والتّواصل معهم. وبدأت “الخطة” بزيارة لاعب كرة القدم “بيليه” وإهدائه مجموعة من الكتب حول الإسلام. كيف وصل الإسلام إلى البرازيل؟ تتعدّد الروايات حول دخول الإسلام إلى البرازيل، بعض هذه الروايات تذكر أنّ المسلمين اكتشفوا البرازيل قبل اكتشاف كابرال لها، ولكن ما لا شك فيه أن كابرال “مكتشف البرازيل” ساعده بعض البحارة المسلمين من المورسكيين الهاربين من محاكم التفتيش في إسبانيا، وقد أقيمت لهم محاكم في البرازيل ووضعت لهم مواصفات لمعرفة المسلمين، وقد حكم على بعضهم بالإعدام. ثم جاءت مرحلة استقدام العبيد والّتي بدأت في منتصف القرن السادس عشر لتنقل الكثير من المسلمين الأفارقة إلى دولة البرازيل، هؤلاء العبيد كانوا أصحاب ثقافة واسعة وعلوم متقدمة، وقد تمّ إرغامهم على التنصّر ولكنّهم حافظوا على إسلامهم سرًّا داخل الأكواخ والمنازل وكانوا يمارسون عقائدهم بشكل منتظم ويُعلّمون أبناءهم القرآن، وحاولوا القيام بأكثر من ثورة ولكنّها فشلت، حتّى قاموا بثورتهم الكبرى عام 1835م والتي كادت أن تحوّل مجرى تاريخ البرازيل، ولكنّها جوبهت بحزم شديد من الحكومة، وتمّ تطبيق حكم الإعدام على قادة الثورة ونُفيَ بعضهم إلى إفريقيا وحبس البعض الآخر والبقية تمّ تشتيتها في أرض البرازيل الواسعة في أكبر عملية تطهير عرقي، ولكنّهم مع ذلك حاولوا جمع شتاتهم وكانوا يمارسون شعائر الإسلام سرًّا وإن كانوا قد فقدوا بعض أمور دينهم. أمّا المرحلة الحديثة فقد بدأت عام 1920 بهجرة الكثير من بلاد الشام إلى البرازيل، حيث استقرّوا وأنشأوا المراكز والمدارس الإسلامية. هل يمكن أن نتعرّف على واقع المسلمين اليوم في البرازيل؟ كم عددهم ؟ وأين يتواجدون؟ لا توجد إحصاءات دقيقة بأعداد المسلمين، غير أنّ الكثير من المصادر تقدّر أعدادهم بحوالي مليون ونصف مليون مسلم، ويتمركزون في ولاية ساو باولو حيث سيلعب المنتخب الوطني الجزائري وحيث يوجد 70 بالمائة من المسلمين، ثمّ ولاية بارانا، ثمّ بقية الولايات ريو جراندي دوسول، باهيا، ريو دي جانيرو. أمّا واقع الأقلية اليوم فيُبشِّر بالخير، حيث توجد نهضة دعوية في جميع الولاياتالبرازيلية، ويوجد لدينا اليوم 120 مسجدً ومصلّى، وحوالي 65 داعية وشيخًا، وهو عدد قليل إذا ما قورن بعدد المسلمين وانتشارهم داخل البرازيل، كذلك تنشط الجالية في إنشاء المدارس الإعلامية لعلمها بأهمية هذه المحاضن التربوية، وبدأت بعض المؤسسات الإسلامية تسير نحو المهنية والاحتراف وهذا يبشّر بالخير. كيف تقيّم وجود المسلمين بين شرائح المجتمع البرازيلي؟ وما مدى تقبّل البرازيليين للمسلمين بينهم؟ الشعب البرازيلي شعب من أروع شعوب العالم لطفًا ومعاملة، ولديه قابلية للتعرّف على الإسلام، وقد وجدنا من خلال عملنا الدعوي أنّ أكثر ما يؤثّر في الشعب البرازيلي، المعاملة الحسنة الطيّبة. قديمًا اختلط المسلمون بالمجتمع البرازيلي بشكل كبير وتأثّروا بالجوانب السّلبية لهذا المجتمع، ولكن الجيل الجديد ووسط الصّحوة الإسلامية المعاصرة، وجدوا أنّ اندماجهم وسط المجتمع البرازيلي مطلوب لأنّهم أصبحوا مواطنين برازيليين، ورأوا ضرورة أن يكون هذا الاندماج إيجابيًا، فبدأوا بأعمال يكونون فيها مبادرين لدعوة المجتمع البرازيلي للإسلام مع احتفاظهم بهويّتهم، وهذا العمل كان سببًا في تقوية شباب المسلمين واعتزازهم بدينهم. والشعب البرازيلي شعب من أروع شعوب العالم لطفًا ومعاملة، ولديه قابلية للتعرّف على الإسلام، وقد وجدنا من خلال عملنا الدعوي أنّ أكثر ما يؤثّر في الشعب البرازيلي، المعاملة الحسنة الطيّبة، والخطاب الّذي يملأ فراغه الروحي، ونظرة الإسلام للمسيح ومريم عليهما السّلام، وقد كانت هذه الوسائل من أكثر الأسباب الّتي دفعت البرازيليين لاعتناق الإسلام. ما هي أهم المشاريع الّتي تقدّمونها لمسلمي البرازيل؟ ❊ نقدّم الكثير من الخدمات للقضايا الإسلامية داخل البرازيل وخارجها في دول أمريكا اللاتينية، فمن خلال اتحاد المؤسسات الإسلامية والّذي يضم في عضويته 37 مركزًا ومؤسسة إسلامية على امتداد دولة البرازيل، تقوم إدارة الشؤون الإسلامية بإدارة مشروع ينقسم إلى قسمين: قسم الدعوة وقسم المشاريع الخيرية، بالنسبة لقسم الدعوة فهو يهدف لنشر الإسلام وتعاليمه وسط أبناء الجالية المسلمة والمجتمع البرازيلي، ويعتمد على بعض المناشط لتحقيق هذا الهدف، منها توزيع الكتاب الإسلامي باللغة البرتغالية مجانًا من خلال طاولة الدعوة والمشاركة في معارض الكتب الدولية وإرسال الكتب عن طريق البريد مجانًا، حيث نقوم حاليًا بإرسال ألف طرد بريدي شهريًا لمَن يطلبون الكتاب عن طريق موقع الاتحاد الإلكتروني، وقد امتدّ هذا النشاط لبعض دول أمريكا اللاتينية مثل البراغواي والمكسيك والأوروغواي، أمّا المشاريع الخيرية فتتضمّن كفالة طالب عن طريق المنح الدراسية، حيث يقدّم الاتحاد سنويًا كفالة ل80 طالبًا في التعليم الأساسي و15 منحة لطلاب الجامعة، ويوجد مشروع مساعدة الأسر المحتاجة، إلى جانب المشاريع السنوية من إفطار صائم، الحجّ والأضاحي، والّذي يستفيد منه أكثر من 20 مركزًا إسلاميًا، ويقدّم الاتحاد دعمًا ماديًا شهريًا ل15 مؤسسة، وكفالة لبعض الدعاة الّذين يغطّون بعض المساجد داخل البرازيل، ويشرف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على كلّ هذه المناشط ويقوم بتوجيهها. بطولة كأس العالم على الأبواب، هل هناك تفكير في استغلال الحدث للتّعريف بالإسلام؟ وكيف ذلك؟ ويهدف المشروع للتّعريف بالإسلام خلال كأس العالم 2014م، وتفعيل دور الشباب المسلم من أبناء الجالية لتوضيح صورة الدّين الإسلامي الصّحيحة بين جماهير كأس العالم، والوصول إلى المشجّعين المسلمين في البرازيلوأمريكا اللاتينية والتّواصل معهم. تكتسي بطولة كأس العالم لكرة القدم اهتمامًا خاصًا وشعورًا متميّزًا لدى كافة شعوب العالم قاطبة، حيث أنّها تظاهرة عالمية يشارك فيه الملايين من كافة أنحاء المعمورة، ويزيد من إثارتها وحيويتها أنّها ستُقام هذا العام في دولة البرازيل الّتي تعشق كرة القدم وتقدّم آلاف اللاعبين أصحاب الخبرات والمهارات الخاصة ليمتّعوا البشرية بأدائهم الرّائع حتّى أصبحوا محط أنظار الكثير من أقطار العالم. وحيث أنّ الدعوة إلى الله هدف كلّ مسلم وغايته، وواجب عليه إبلاغ رسالة الإسلام ونوره للبشر كافة، وقدوتنا في ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّذي لم يدخر وسعًا ولا وسيلة لتبليغ رسالة الإسلام إلاّ واستخدمها في عصره، وكان صلّى الله عليه وسلّم يزور الأسواق ويحضر المتلقيات ويلتقي الوفود الّتي تأتي لحجّ بيت الله الحرام. وإيمانًا منه بواجب البلاغ والتّعريف بالإسلام في تلك التّظاهرة العالمية، بدأ المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل كهيئة علمية شرعية وبالتّعاون مع اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل، منذ فترة، بوضع التّصورات والخطط، وقام بالكثير من الاتصالات الداخلية والخارجية، لإطلاق مشروع كبير للتّعريف بالإسلام خلال كأس العالم 2014 والأولمبياد 2016 واللّتين ستُقامان في البرازيل، وذلك من خلال استخدام أفضل الطرق والوسائل التقنية الحديثة، مستفيدًا من علاقاته المتميّزة بالحكومة البرازيلية والبلديات المختلفة وسفارات الدول العربية والإسلامية داخل البرازيل. والاتحاد لديه خبرة متميّزة على أرض الدّعوة الإسلامية في البرازيل، حيث يتبنّى مشروعًا ضخمًا للتّعريف بالإسلام تحت شعار “اعرف الإسلام”، ويسخِّر جميع الإمكانات المادية واللوجستية لنجاحه وتميّزه، ويحمل الكثير من الخبرات الواسعة والمتراكمة، والعمل وسط النّاس في الأسواق والجامعات ومحطات المترو ومعارض الكتب، ويمتلك فريقًا متميّزًا يعمل بحرفية لإيصال رسالة الإسلام لكلّ النّاس. ويهدف المشروع للتّعريف بالإسلام خلال كأس العالم 2014م، وتفعيل دور الشباب المسلم من أبناء الجالية لتوضيح صورة الدّين الإسلامي الصّحيحة بين جماهير كأس العالم، والوصول للمشجّعين المسلمين في البرازيلوأمريكا اللاتينية والتّواصل معهم. وتعتمد آلية التحرّك على عمل زخم إعلامي دعوي أثناء مباريات كأس العالم في جميع المدن الّتي ستُقام فيها مباريات، وبدأت الخطة بزيارة لاعب كرة القدم “بيليه” وإهدائه مجموعة من الكتب حول الإسلام، وعمل لجنة مشتركة بين اتحاد المؤسسات الإسلامية والمؤسسات والشّخصيات الداعمة برعاية المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل لمتابعة سير العمل وتهيئة الخطط اللازمة لنجاح المشروع، أعقب ذلك توقيع الاتفاقيات بين اتحاد المؤسسات الإسلامية والمؤسسات الدّاعمة للمشروع الدّعوي. أمّا الوَسائل الّتي سيتم استخدامها فهي كثيرة ومتعدّدة، وستشمل إقامة غرفة عمليات مجهّزة بوسائل الاتصال الحديثة للتّواصل مع المناطق الدّعوية في المدن المختلفة خلال كأس العالم لتذليل العقبات والمشاكل الّتي تواجه العاملين، وخط تليفوني ساخن لمساعدة الوافدين من البلاد الإسلامية، وطباعة كتيب إرشادي يحتوي معلومات عن المدن الّتي ستقام فيها المباريات والمراكز الإسلامية والمساجد وأماكن مطاعم الحلال ومواقيت الصّلاة، وكذلك توزيع ملصق اتجاه الكعبة على جميع الفنادق لوضعه بجميع الغرف. ومن الوسائل، السيارة الدّعوية والخيمة الدّعوية، لتوزيع مليوني مطوية وكتاب، وأقراص صلبة سمعية وبصرية تتحدّث عن مواضيع مختارة بعناية حول الإسلام ومجازة من المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، إضافة للقُمصان والحقائب الدّعوية الّتي ستُهدى لكبار الشّخصيات ولاعبي كرة القدم، وإنشاء موقع خاص بالمشروع على شبكة الإنترنت وصفحات التّواصل الاجتماعي “فيسبوك، تويتر”. وتشمل الخطة صيانة المساجد أو بناء مساجد جديدة في بعض المدن الّتي ستعقد فيها مباريات المونديال، والّتي تتواجد بها جاليات مسلمة مثل “ناتال، سلفادور، ريسيفي، فورتاليزا، كوريتيبا، ريو دي جانيرو، بورتو أليجري”، وإقامة ثلاث دورات تدريبية للمتطوعين للعمل في المشروع تشمل جنوب ووسط وشمال البرازيل. فما هي المؤسسات الدّاعمة لمشروع التّعريف بالإسلام في مونديال البرازيل؟ هذا المشروع مفتوح لمساهمة الأشخاص أو المؤسسات في العالم الإسلامي، وسوف يتم بالتّعاون والتّنسيق مع سفارات الدول العربية والإسلامية في البرازيل، لتسهيل العمل وتذليل العقبات داخل البرازيل وخارجها. أمّا المؤسسات المشاركة والدّاعمة للمشروع والّتي بدأت في التحرّك بشكل عملي فهي: المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل، جمعية إحياء التراث الإسلامي دولة الكويت، الهيئة العالمية للتّعريف بالإسلام، والدكتور عبد الرّحمن الشّيحة، ومازالت بعض المؤسسات الدّعوية تتواصل للمشاركة. إنّ هذا المشروع مفتوح لمساهمة الأشخاص أو المؤسسات في العالم الإسلامي، وسوف يتم بالتّعاون والتّنسيق مع سفارات الدول العربية والإسلامية في البرازيل، لتسهيل العمل وتذليل العقبات داخل البرازيل وخارجها.