أجمع الحاضرون في المنتدى المنظم، أمس، بمقر جريدة “الخبر” حول “استغلال الغاز الصخري”، على أن الحديث عن استغلال الغازات غير التقليدية سابق لأوانه، حيث لا تمتلك الجزائر لا الإمكانيات المالية والمادية، وحتى الإطارات المكونة في هذا المجال، للشروع في عمليات حفر الآبار الخاصة بهذا النوع من الطاقة، مؤكدين بذلك أن استغلال الغاز الصخري لن يكون قبل 20 سنة. غير أن النقاش الحقيقي، والذي كان على الحكومة تنوير الرأي العام بخصوصه، حسب ضيوف “الخبر”، هو ما تبقّى للجزائريين من احتياطات النفط والغاز الذي يبقى المورد الأساسي لتمويل الاقتصاد، في ظل سياسات الاستغلال غير المدروسة بالنسبة لأهم الحقول المنتجة، إلى جانب كيفية الخروج من اقتصاد ريعي إلى منتج لا يعتمد على مداخيل عائدات صادرات المحروقات. ورغم إجماع هؤلاء على ضرورة استغلال الطاقات غير التقليدية والغاز الصخري كخيار لتحقيق الأمن الطاقوي مستقبلا، خاصة عبد المجيد عطار، الذي يرى أن انطلاق الدراسات والأبحاث الخاصة بها حاليا ضرورة لربح الوقت مستقبلا، إلا أن مسؤولي سوناطراك السابقين أبدوا تخوفهم من سياسة استغلال المحروقات التقليدية الحالية التي يمكن أن تتسبب في نفاذ النفط في حال الاستمرار في اعتمادها قبل 2022، أي حتى قبل الآجال المحددة من طرف الحكومة، والتي تكلم وزيرها الأول، عبد المالك سلال عن 2030، أين تصبح الجزائر، حسبه، عاجزة عن تغطية الطلب الخارجي على بترولها وغازها. غزالي: “تسليط الضوء على الغاز الصخري مناورة لتخويف الجزائريين” قال رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، إن إعادة فتح ملف استغلال الغاز الصخري، وظف كإعلان تشهيري فقط للحكومة، التي حاولت من خلاله “تغليط الرأي العام” وإيهامه بأنها تخطط على المدى البعيد وتهتم بالحفاظ على نصيب الأجيال المقبلة من نصيبها في الريع. ويرى غزالي أن المسعى يهدف إلى طمأنة الجزائريين بأن أموال الريع ستبقى أهم مورد مالي للدولة، حتى بعد نفاذ الغازات التقليدية من البترول والغاز، لتعوّضها الغازات غير التقليدية، وأهمها الغاز الصخري. بالمقابل، أوضح سيد أحمد غزالي بأن تسليط الضوء على ملف استغلال الغاز الصخري، يعد أيضا مناورة لتخويف الجزائريين بخصوص مصير أجيال المستقبل، التي لن تحظى بنصيب من الريع، في حال استمرار الحكومة في اعتماد السياسة الطاقوية الحالية. وأوضح سيد أحمد غزالي، أنه من الخطأ “الوقوع في الفخ” الذي وضعته الحكومة لتغليط الرأي العام وتدخل الجزائريين في نقاش عقيم، مؤكدا على أهمية الدور الهام الذي تلعبه وسائل الإعلام في تنوير الرأي العام، الذي تبقى تجهل حتى التعريف الحقيقي لبئر نفطي، ليتم إغراقها بمفاهيم أخرى تتعلق بالغاز الصخري. وحسب المسؤول السابق في الدولة، فإن الحكومة تحاول ومن خلال التركيز على ملف استغلال الغاز الصخري في المخطط الحكومي، إخفاء حقائق هامة عن الجزائريين، تتعلق بعدم قدرتها على مواكبة الطلب الخارجي للغاز بعد تراجع الإنتاج والوضعية التي آلت إليها أهم الحقول الإنتاجية للنفط بالجزائر. في السياق نفسه، أكد المسؤول ذاته أن هناك إجماعا من طرف جميع الخبراء، على ضرورة استغلال جميع الموارد الطاقوية، بما فيها الغاز الصخري، الموضوع الذي لا يعتبر، حسب سيد أحمد غزالي، موضوع الساعة، بالنظر إلى الوقت الذي سيتم استغراقه لاتخاذ قرار يخص الشروع في استغلال هذا النوع من الطاقات الذي سيكون مكلفا جدا، موضحا بأن هناك حلولا أخرى بديلة، الأقرب تجسيدا إلى الواقع، مثل تثمين الموارد الطاقوية التقليدية عن طريق تحسين معدل استرجاعها وتحقيق اكتشافات هامة أخرى للبترول والغاز. في السياق نفسه، أشار غزالي إلى أنه لا يجب أن نستند إلى تجارب دول أخرى، تبنّت سياسة تشجيع استغلال الغاز الصخري مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي جسدت تقدما كبيرا في هذا المجال، أو فرنسا التي لا ترى بديلا آخر لتحقيق الأمن الطاقوي مستقبلا، من دون اللجوء إلى استغلال الغاز الصخري، لأن الظروف السائدة لديها مغايرة تماما. “السلطة تسيّر البلاد بالأكاذيب” شبّه رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، النقاش الذي فتحته الحكومة من خلال برنامجها المصادق عليه، نهاية الأسبوع، من طرف المجلس الشعبي الوطني، بالسيناريو الذي شاب النقاش الذي دار حول استمرار الرئيس لعهدة رابعة أو انسحابه من الحكم، مؤكدا بأن ما تخفيه هذه النقاشات أكبر من أن تختزل في شخصية الرئيس أو استغلال طاقة بديلة، بقدر ما يتعلق بفشل الدولة في تغيير النظام وإعداد سياسة طاقوية ناجعة. واتهم غزالي السلطة بالكذب على المواطنين، مصرحا بأنه “لدينا سلطة سياسية تكذب على الناس وتسيّر البلاد بالأكاذيب”. عطار: لا يمكن استغلال الغاز الصخري قبل 15 سنة شدّد عبد المجيد عطار، الرئيس المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك، على أن النقاش الذي يدور حول الغاز الصخري أو الطاقات غير التقليدية، لا يجب أن يتم بمثل هذه الطريقة وهذه الأبعاد، مشيرا إلى أن الحكومة أعلنت عن قراراتها خلال مجلس الوزراء الأخير دعما لقانون 2013 المعدل لقانون المحروقات، وكرسالة توجه للشركات الأجنبية، ليؤكد أن استغلال الغاز الصخري في الجزائر لا يتم قبل 15 سنة. وأوضح عطار أن مسألة استغلال الغاز الصخري بدأ مناقشته في 2012 وتأكد السنة الماضية مع تعديل القانون، وإطلاق مناقصة تخص 31 كتلة قابلة للاستكشاف، توضع في متناول الشركات الأجنبية بالخصوص، وهذه الأخيرة هي التي ستتحمّل تكاليفها في حالة الشروع في العمليات، وبعدها يتم التطرق إلى مسألة الاستغلال الذي لن يتم قبل خمس سنوات على أقل تقدير، بل يمكن أن يمتد لعدة سنوات أخرى. في السياق نفسه، لاحظ عطار أن النقاش شوّه نوعا ما المقاربة أو النظرة إلى المحروقات عموما، مشيرا إلى أن المحروقات تمثل 98 في المائة من الإيرادات، و70 في المائة من الميزانية، و33 في المائة من الناتج المحلي الخام، بينما يتم تغطية ميزانية التسيير بأكثر من 50 في المائة من الجباية البترولية، وهذه في حد ذاتها تبعية خطيرة. وأكد عطار أن الجزائر تصدر نسبة 70 في المائة من إنتاجها، مقابل استهلاك 30 في المائة محليا، ومن هذه النسبة الأخيرة هنالك 12 في المائة استهلاك منزلي، و11 في المائة مخصص للنقل، بينما نسبة 3.5 في المائة موجه للصناعة فقط، وحاليا نستهلك، حسب عطار، 14 مليون طن من الوقود وسنصل إلى 30 مليون في 2030. أما الغاز، فإننا نستهلك 35 مليار متر مكعب، ونصل إلى 60 مليارا في 2030. الجزائر لن تستطيع تصدير المحروقات بعد 2022 اعتبر عبد المجيد عطار أن الجزائر لن تستطيع تصدير كميات كبيرة من المحروقات بعد 2022، إذا ظلت الأوضاع والمعطيات الحالية، وإذا لم نحقق اكتشافات كافية وهامة، مشيرا إلى أن الريع سيصل إلى مستوى الصفر في غضون 2030 ولن نخصص الموارد المتاحة إلا للاستهلاك المحلي. في السياق نفسه، أشار عطار إلى أن المعلومات المتاحة حاليا هو أن الحكومة عازمة على بلوغ نسبة 40 في المائة من الطاقات المتجددة، مع استثمار 60 مليار دولار، بينما تكشف التقديرات الإحصائية العالمية أن المعدل لا يتجاوز 22 في المائة. وشدد عطار على ضرورة تبني إستراتيجية طاقوية متكاملة وعدم الاقتصار على الطاقات الأحفورية التقليدية وضمان الانتقال إلى مرحلة جديدة نجد فيها كافة البدائل الطاقوية. زويوش: فرنسا حاولت إقناعنا ألا أمل في اكتشافات جديدة في الجزائر كشف نزيم زويوش، أن مسؤولين فرنسيين حاولوا إقناع الجزائر قبيل التأميمات بالخصوص، بعدم وجود أي إمكانية لأن نجد شيئا جديدا في الجزائر، أي أن كل ما تم اكتشافه من النفط والغاز هو القائم ويستحيل أن نكتشف احتياطات جديدة. وكان الفرنسيون يرمون من وراء ذلك أن يسود اعتقاد بأن النفط سينضب في محاولة للحفاظ على مصالحهم، والأمر نفسه ظل سائدا لسنوات، حيث تم التوقع بأن أكبر الحقول، وهو حاسي مسعود، سيعرف تراجعا في المخزون والاحتياطي مع سنة 1974، وهو ما لم يتم آنذاك ولا بعدها بسنوات. سوناطراك اكتشفت حقلا كبيرا في العرق الشرقي بعد تخلي الشركات الدولية عنه أفاد عبد المجيد عطار وسيد أحمد غزالي، أن الكثير من الشركات الأجنبية الدولية، ومن بينها توتال الفرنسية، لم تعر اهتماما كبيرا بما يعرف بالعرق الشرقي، وهي منطقة صحراوية تقع في الجنوب الشرقي للجزائر والشمال الشرقي للصحراء الكبرى من الجزائر إلى تونس، معتبرين بأن هذه المنطقة القاحلة لا يمكن أن تتواجد بها المحروقات، فعمدت سوناطراك خلال التسعينات بالخصوص إلى شق طريق على امتداد 260 كلم، وسمحت الشراكة الجزائريةالأمريكية ممثلة بسوناطراك وأناداركو، باكتشاف أحد أهم الحقول النفطية الجزائرية الجديدة في حوض حاسي بركين. استبعاد تحقيق اكتشاف حاسي مسعود جديد استبعد عبد المجيد عطار تحقيق اكتشافات جديدة عملاقة في الجزائر بحجم حاسي مسعود، مشيرا إلى أن الاكتشافات إذا تمت ستكون بأحجام أقل، ليضيف بأن الجزائر لم تستطع خلال العشرين سنة الماضية من تحقيق اكتشافات تماثل ما تم استهلاكه، مشيرا إلى أننا استهلكنا إلى حد الآن أكثر من 50 في المائة من المخزون المؤكد. الصين أبرمت عقدا مع روسيا رغم أنها ثاني احتياطي في الغاز الصخري أشار نزيم زويوش إلى أن الصين صنفت كثاني أكبر احتياطي عالمي في الغاز الصخري، ومع ذلك ارتأت بكين أن توقّع أكبر عقد للتزوّد بالغاز مع روسيا بقيمة 400 مليار دولار، مشيرا إلى أن الصين بإمكانها استكشاف الغاز الصخري ولها إمكانيات أفضل من الجزائر، ولكنها فضلت تأمين إمداداتها من الغاز قبل أي شيء، لأن التقديرات حول احتياطات الغاز الصخري يمكن أن يتبين خطؤها، كما أنه يمكن ألا تحقق مردودية كبيرة وتكون مكلفة جدا. الجزائر تحرق 6 ملايير متر مكعب من الغاز كشف نزيم زويوش أن الجزائر لا تزال تقوم بحرق 6 ملايير متر مكعب من الغاز، وهو مورد طاقوي يضيع في الهواء، إلى جانب عامل التلوث الذي يشكّله. ورغم إقدام الجزائر على توقيف جزء كبير من إحراق الغاز من حقول النفط، إلا أن جزءا من الغاز لا يزال يحرق في الهواء. واد غطريني بسور الغزلان أول حقل بترولي مكتشف في الجزائر على عكس ما هو معتقد، فإن أول حقل بترولي تم اكتشافه في الجزائر كان في الشمال، وليس في الجنوب، وقبل عدة سنوات من اكتشاف حاسي مسعود، حيث تفيد المعطيات المتوفرة أن أول حقل نفطي تم اكتشافه بمنطقة واد غطريني بسور الغزلان في 1947، كما تم اكتشاف في التاريخ نفسه تقريبا حقل آخر بالمنطقة الشمالية، علما بأن حقل حاسي مسعود اكتشف 1956. الجزائر بحاجة إلى آلاف الآبار ونصف مواردها المالية لاستغلال الصخري أشار كل من عطار وزويوش إلى أن الولاياتالمتحدة قامت باستغلال الغاز الصخري بحفر 45 ألف بئر، وإجمالا تم تسجيل حفر أكثر من 500 ألف بئر صغير ومتوسط وكبير منذ 2004، بينما قمنا نحن في مجال المحروقات ككل بحفر 12 ألف بئر، مشيرين إلى أن المشكل المطروح لاستغلال الغاز الصخري هو المساحات التي يتطلبها ذلك، فضلا عن ضرورة تجنيد موارد مالية معتبرة. وأوضح عطار أن المؤشرات تفيد بوجود مكامن غاز صخري في رڤان وتندوف وتيميمون وبركين وإليزي وماويدير وأهنات، ولكن التقديرات الإحصائية حول المخزون تبقى مجرد أرقام يمكن أن يتبين خطؤها فيما بعد، فضلا عن تكلفتها العالية. بينما أكد زويوش أن التجارب المسجلة في الولاياتالمتحدة بيّنت أنه لا يمكن استغلال أكثر من 10 في المائة من الاحتياطات المتاحة للغاز الصخري. وتحتاج الجزائر إلى حفر آلاف الآبار واستخدام كميات معتبرة من المياه، ولكنها تظل نسبية مقارنة بالمخزون المائي الموجود في مناطق الجنوب، وهو ما يجعل الحالة الجزائرية مختلفة، حسب عطار، مضيفا بأن استغلال الغاز الصخري يتطلب 3.5 إلى 5 مليار متر مكعب على أقصى تقدير، في حالة حفر 10 آبار على 10 عملية تكسير للصخر بالمياه، وكمعدل نسجل استخدام 120 إلى 166 مليون متر مكعب سنويا من المياه، بينما تسجل الولاياتالمتحدة استغلال 265 مليون متر مكعب من المياه سنويا. الاستثمار في الغاز الصخري لا يحقق أي مردودية اقتصادية أكد الرئيس المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك، نزيم زويوش، أن توجه السلطات العمومية لاستغلال الغاز الصخري، لن تكون له مردودية اقتصادية بالنظر إلى ارتفاع تكاليف التنقيب، الحفر والاستخراج، من منطلق أن العملية تحتاج إلى تكنولوجية وتقنيات معقدة لا تملكها الحكومة في الوقت الراهن. وكشف زويوش، خلال نزوله ضيفا على “فطور الصباح”، أن حفر بئر واحدة لاستخراج 50 مليون متر مكعب سنويا من هذا النوع من الطاقة غير التقليدية، يكلف ما معدله 20 مليون دولار، بينما تحتاج الجزائر إلى حفر آلاف الآبار لإنتاج الغاز الصخري، وذلك لرفع حجم مستويات الإنتاج إلى مستويات مقبولة تقترب من إنتاج الطاقات التقليدية. وأكد أن هذه الوضعية تجعل من المردودية على الصعيد الاقتصادي غير موجودة، لاسيما مع توجه الأسعار على مستوى البورصة الدولية نحو التراجع. وأشار ضيف “الخبر” في الاتجاه نفسه، إلى التكاليف المرتفعة لمعالجة مخالفات استغلال الغاز الصخري، كما هو الشأن بالنسبة للمياه التي تذرها الآبار التي تحتاج إلى معالجة دقيقة لتفادي آثارها السلبية التي تخلّفها. وعلى هذا الأساس، فإن الانطلاق في استغلال الغاز الصخري من طرف السلطات العمومية يدفعها إلى إنفاق مجمل مداخيل إنتاج وتصدير المحرقات التقليدية. وأوضح نزيم زويوش من الناحية المقابلة، أن استغلال المخزون الوطني من الغاز الصخري يتطلب مئات الأجهزة ذات التكنولوجية الحديثة التي لا تتوفر عليها الجزائر في الوقت الراهن، الأمر الذي جعل التجربة الوحيدة في العالم تقريبا هي التجربة الأمريكية، على الرغم من وجود كميات كبيرة من المخزون في كل مناطق العالم، قبل أن يضيف بأن اهتمام بعض دول العالم بالاستثمار بالجزائر في مجال إنتاج الغاز الصخري، بحكم وجود مخزون كبير، تصنفه تقارير المنظمات الدولية بأنه الثالث عالميا بعد الصين والأرجنتين، مجرد صفقة تحاول من خلالها الولاياتالمتحدةالأمريكية أو فرنسا بيع التكنولوجيا المكلفة جدا عبر البحث عن أسواق جديدة لعرض منتجاتها وتسويق هذا النوع من الأجهزة الغالية. الاستثمار في الطاقات المتجددة أولى أكد الرئيس المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك، نزيم زويوش، على أن اتخاذ خيار الاستثمار في الطاقات المتجددة، كالآليات البديلة عن المحروقات التقليدية المعرضة للنفاذ، أولى من التوجه الذي تبنته الحكومة مؤخرا عبر استغلال الغاز الصخري، مشيرا إلى الإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها الجزائر في مجال الطاقات البديلة والنظيفة، لاسيما الطاقة الشمسية. وأشار زويوش على سبيل المقارنة بين الاستثمار في الغاز الصخري والطاقة الشمسية، إلى أنه على الرغم ارتفاع التكاليف والتكنولوجيا بالنسبة إلى استخراج الطاقة من الشمس، إلى أنها تبقى تحتل مرتبة الأولوية قبل خيار التوجه نحو الغاز الصخري، بالنظر إلى العديد من المعطيات، أبرزها أن الطاقات المتجددة غير معرضة للنفاذ، وذلك من أجل القيام بدور الجانب المكمل للنفط التقليدي الذي يرى أكثر المتفائلين أنه سينتهي في آفاق 2030، في وقت أضاف أنه لا يمكن التكهن على وجه حقيقي بإمكانيات اكتشاف حقول نفطية جديدة خلال السنوات المقبلة، على خلاف ما يذهب إليه بعض المختصين، مستدلا بالاكتشافات الأخيرة، على غرار حقل حاسي بركين الذي يحتوي على كميات كبيرة من المحرقات. وأوضح ضيف “الخبر”، بالموازاة مع ذلك، أنه من ناحية المبدأ مع استغلال كل أنواع الطاقات التي تتوفر عليها الجزائر، بشرط أن يكون ذلك ممكنا ومفيدا من جانب المردودية المالية والاقتصادية باحتساب نفقات وتكاليف الإنتاج من جهة، وأسعار بيع الطاقة من الجهة المقابلة، على أن يكون ذلك ضمن سياسة طاقوية شاملة تأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب لتحقيق الأمن الطاقوي، بالإضافة إلى المساهمة في خلق الثروة وكذا إيجاد مناصب الشغل. وأكد الرئيس المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك في الاتجاه نفسه، أهمية الترشيد في استغلال الطاقة التي تصرف نسبة كبيرة منها في المجالات غير المنتجة، كما هو الشأن بالنسبة لحجم الطاقة التي تصرفها المنازل والزبائن العاديين للمؤسسات المنتجة من دون خلق أي ثروة بالمقابل من ذلك، ما يجعل السلطات العمومية تنفق حوالي 3 مليار دينار السنة الماضية لاستيراد وقود الديزل، على خلفية انخفاض أسعار الطاقة بحكم أن الخزينة العمومية تنفق أموالا كبيرة لدعم أسعارها، ولا يمثل، موازاة مع ذلك، استهلاك الطاقة في المجال الاقتصادي والصناعي على وجه الخصوص سوى نسبة ضئيلة جدا. ما هو الغاز الصخري؟ الغاز الصخري صنف غير تقليدي من الغاز الطبيعي، لوجوده داخل الصخور، وينتشر في الطبقات الصخرية داخل الأحواض الرسوبية وتطلق عليه تسمية غاز حجر الأردواز، لأنه يتواجد بطبقات صخرية تحمل هذا الاسم، ويعتبر الخبراء أنه غاز طبيعي، ينشأ من أحجار الأردواز. ويتواجد الغاز محبوسا بين طبقات تلك الأحجار، وتستخدم لاستخراجه تقنيات معقدة، مقارنة بتلك المستخدمة لاستخراج الغاز الطبيعي الذي يكون محبوسا في فجوات تحت الأرض، حيث لا تحتوي الصخور، في حالة الغاز الصخري، على ثغور أو شقوق، أو مسامات، وهو ما يجعل استغلال الغاز صعبا ومكلفا لضرورة استخدام تقنيات التكسير المائي باستخدام كميات كبيرة من الماء وتحت ضغط عالي. يبقى الغاز حبيسا في الشقوق الصخرية طبيعيا، وجزء منه في مسام الصخور وبعض الغاز يبقى ممتصا في المواد العضوية التي نشأ منها. ويمكن استخراج الغاز الموجود في الشقوق مباشرة عند الحفر، أما الغاز الممتص في المواد العضوية في الصخر فهو يتحرر عند خفض الضغط في البئر. ويلزم لاستخراج غاز حجر الأردواز بناء مئات الآلاف من الآبار، فإذا عثر على الغاز في أحد الآبار بدا الحفر عرضيا في الطبقة لاستخراج الغاز. ويجري ذلك بالضغط تحت ضغط عالي لمخلوط مكون من الماء والرمل وبعض الكيماويات، بذلك تتحطم الصخور ويتحرر منها الغاز. ومثّل نجاح الولاياتالمتحدة في حفر أول بئر للغار الصخري العام 1981، اختراقا في مجال تطوير هذه المادة. ومع التقدّم الذي تشهده تكنولوجيا الحفر المائي، برزت في الولاياتالمتحدة موجة كبيرة في تطوير الغاز الصخري، ساهمت في استغناء واشنطن عن الاستيراد وفي التأثير على سوق الغاز الطبيعي. ورغم أن تطوير الغاز الصخري يوفر فرصا للنمو الاقتصادي، إلا أن مخاطر التلوث التي يسبّبها تثير جدلا كبيرا في الولاياتالمتحدة وأوروبا، وغيرها، ناهيك عن الاستهلاك الكبير للمياه التي يتم ضخها لتكسير الطبقات الصخرية واسترجاع الغاز. كما يلزم لاستخراج الغاز من آباره الحفر الأفقي تحت الأرض، حيث قد تصل مسافة الحفر إلى ثلاثة كيلومترات خلال الطبقة الصخرية، من أجل تكوين أكبر سطح ملامس للصخور. كما ينتقد العلماء الاستهلاك المتزايد للمياه لاستخلاص الغاز، ويحذرون من تلوث المياه الجوفية بما يستخدم من كيماويات في عملية الاستخراج. وخاضت بريطانيا وبولونيا تجارب لاستغلال الغاز الصخري، وقررت هذه الأخيرة بعد ثلاث سنوات توقيفها لتكاليفها العالية وعدم مردوديتها.