تواجه الجزائر تحديات كبيرة مع انفتاحها على التجارة الخارجية وتبعيتها للاستيراد، حيث أضحى السوق الجزائري مغرقا بمختلف المنتجات التي تأتي من القارات الخمس، والتي يتعذر التحقق من جودتها ونوعيتها بدقة، وهو ما ينتج عنه مضاعفات وآثار على المستهلك الجزائري. اتفق المتدخلون في فوروم ”الخبر” حول إشكالية الاستيراد وضبط ومراقبة نوعية المنتجات على صعوبة التحقق من نوعية كل ما يدخل إلى السوق الجزائري أو يصل إليها بصورة رسمية وموازية، حيث تعرف فاتورة الواردات نموا قياسيا ببلوغها 54.9 مليار دولار العام الماضي، مقابل 40.5 مليار دولار في 2010، أي بزيادة قيمتها 14 مليار دولار في ظرف ثلاث سنوات. ولاحظ المتدخلون في فوروم ”الخبر” أن هنالك حلقات ضعف يتعين التركيز عليها، أهمها المخابر التي لا تمتلك القدرة والوسائل التقنية والتكنولوجية الكافية لتغطية كافة عمليات التحقق من نوعية المنتجات التي تدخل السوق الجزائري ويستهلكها الجزائريون بكافة التفاصيل الضرورية، يضاف إليها النشاط الكبير للسوق الموازية وتداول سلع وبضائع غير محددة الطبيعة. وشدد السيد سعدي عبد الرحمن، مدير مراقبة الجودة بوزارة التجارة، على ضرورة أن يتدخل كافة الفاعلين بما في ذلك العلامات الدولية لحماية منتجاتها المسوقة وأن تتحرك لتقديم شكاوى في بضائع أو سلع يشتبه في أنها مقلدة أو مغشوشة، مشيرا إلى أن هنالك برنامجا لضمان إرساء شبكة من الفضاءات التجارية لإدماج السوق الموازية لدرء جزء من ظاهرة تسويق منتجات غير مراقبة، فضلا عن تسليط عقوبات على كل المخالفين. الجزائر: حفيظ صواليلي
اكتشاف شهادات وأوسمة حلال مزورة، زبدي يكشف: ”مواد خطيرة تنفذ للسوق الجزائرية بسبب غياب المراقبة التحليلية” قال رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، إن جل المنتجات التي تدخل السوق الوطنية عبر الاستيراد غير مراقبة، وانتقد اعتماد الجهات الرقابية الوصية على المراقبة الوثائقية في ظل العجز الذي تعاني منه هذه الهيئات في مجال الرقابة التحليلية على مستوى المخابر الذي يدعمه المنحى التصاعدي لوتيرة الاستيراد، إذ يعتبر المنتوج الأجنبي أهم ممول للسوق المحلية. وأشار ضيف ”الخبر” إلى إمكانية تعرض الرقابة الوثائقية للتجاوز من طرف المستوردين أو المنتجين، مؤكدا اكتشاف شهادات وأوسمة مزورة، كما هو الشأن بالنسبة لشهادات حلال على المنتجات والسلع الغذائية، بصرف النظر عن عدم ضمانها لجودة المنتوج ومطابقته للمعايير، من منطلق أن الرقابة المخبرية هي الأساس للتأكد من ذلك. وعلى هذا الصعيد، أوضح مصطفى زبدي بأن المخابر الوطنية على قلتها بالمقارنة مع حجم المواد المستوردة والمنتجة محليا على السواء، تعتبر أيضا مخابر غير متطورة، وأشار إلى مجموعة من المنتجات الغذائية في المقام الأول تحتوي فطريات أو مكونات ذات طبيعة سامة كما هو الشأن بالنسبة للمضافات للقهوة والحبوب الجافة أو المواد الغذائية المعدلة جينيا، وبالإضافة إلى المواد المشعة المستوردة من أوروبا الشرقية. وذكر زبدي بهذا الخصوص استيراد مواد غذائية مضرة وغير مطابقة تتداول في السوق الوطنية، مشيرا إلى استيراد حليب لا يحتوي على المواصفات باعتبار أنه فقير من البروتينات، وأضاف بأن التحقيقات الميدانية التي قامت بها جمعية حماية المستهلك كشفت عن نتائج ”مخيفة” بالنظر إلى العديد من التجاوزات في مجال الصحة العمومية، ودعا السلطات العمومية والجهات الرقابية إلى عدم العمل بمبدأ إعادة مطابقة المنتجات المستوردة، من خلال توجيهها للاستهلاك الحيواني بدلا من البشري، وعلّل ذلك بعدم قدرة مصالح الرقابة على تتبع بدقة مسار المنتجات بعد دخولها السوق. وأشار زبدي بالمقابل إلى وجود صناعة موازية بالموازاة مع التجارة الفوضوية، قال إنها تنتج مواد ذات نوعية رديئة وقد تكون خطيرة لتعرضها للاستهلاك على مستوى السوق الوطنية، وشدد في هذا الصدد على دور الاتحادات الصناعية والمهنية في كشف الدخلاء عن المهنة وفضح الممارسات غير القانونية، إلى جانب دور الشركات العالمية في حماية علاماتها من التقليد عبر تسجيل علاماتهم في للمركز الوطني للملكية الصناعية. الحزائر: سعيد بشار
مصانع ”وهمية” تنجح في إيصال منتجاتها إلى الجزائريين سعدي: ”يستحيل تحليل جميع المواد المستوردة مخبريا” أكد مدير مراقبة الجودة بوزارة التجارة، عبد الرحمان سعدي، على أن القانون الجزائري ساري المفعول بشأن مراقبة الأنشطة التجارية ينص على عدة إجراءات عقابية يتعرض لها التاجر أو المستورد على وجه الخصوص في حال ثبوت استيراده منتجات غير مطابقة لمعايير السلامة، تستلزم كذلك منع المواد المعنية من دخولها وتسويقها محليا. وأشار المتحدث أيضا إلى تصحيحات في حالة ما إذا كانت العيوب الملاحظة في مجال التوثيق أو الوسم، بينما تطرق إلى مبدأ إعادة مطابقة بعض المواد وتوجهيها إلى صناعة تحويلية أخرى كشرط لمرورها عبر الحدود، على أنه أكد على وجود قائمة من منتجات معينة غير قابلة لإعادة المطابقة. وأوضح ضيف ”الخبر” بأن المصالح الرقابية التابعة لوزارة التجارة تقوم بثلاثة أنواع من المراقبة، وهي الرقابة التوثيقية الإجبارية، الرقابة العينية وكذا التحليلية، بالإضافة إلى تنسيق العمل مع الوزارات والمصالح الأخرى على غرار الجمارك، في وقت اعترف بوجود عجز في مجال المراقبة التحليلية التي يعتمد عليها أساسا في حالات ترتبط بدخول مادة جديدة، أو منتوج خطير أو سلعة تم تداول بأنها تحتوي مكونات خطيرة. وبرر المتحدث النقص الموجود في مجال الرقابة التحليلية بقلة المخابر مقابل ارتفاع حجم الاستيراد، على أنه قال إن برنامج الوزارة يهدف إلى إنشاء 48 مخبرا، بمعدل مخبر على مستوى كل ولاية لتجاوز العجز، وأكد عبد الرحمان سعدي، من الناحية المقابلة، وجود ”مصانع خيالية” تنجح في إيصال ما تنتجه إلى المستهلك، بينما قال إنه لا يمكن مراقبتها إلا من خلال تتبع مسار عندما تعرض في السوق، عملا لما ينص عليه القانون. الجزائر: س. بشار
مدير عام الهيئة الجزائرية للاعتماد ”ألجيراك”، نور الدين بوديسة ”ليس لدينا القدرة لنراقب كل ما نستهلكه في الجزائر” شدد السيد نور الدين بوديسة، مدير عام الهيئة الجزائرية للاعتماد ألجيراك، على ضرورة تدعيم القدرات الخاصة بالمراقبة وتحيين وسائلها التقنية، وتفعيل التنسيق بين مختلف الفاعلين، لكي تنجح الجزائر في تأمين ما يستهلكه الجزائريون، معترفا بأنه لا نمتلك حاليا كافة الوسائل التي تضمن مراقبة كاملة ودقيقة لما يدخل من منتجات ومختلف السلع والمواد الاستهلاكية بالصورة المثلى والمرضية. وأشار بوديسة إلى أن الجزائر اختارت الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وهذا قرار سياسي، وعليه يتعين تكييف القوانين لتتماشى مع التوجهات الجديدة، لضمان أن يكون المنتوج الجزائري مطابقا للمقاييس الدولية وأن نضبط المقاييس الخاصة بالأمان والسلامة والجودة والنوعية لكل ما يدخل السوق الجزائري من منتجات. وتساءل بوديسة: ما هي قدرات الجزائر الحالية لحماية اقتصادها والمستهلك، حيث إننا مرتبطون بالخارج من حيث استيراد نسبة كبيرة مما نستهلكه، والمطلوب إذن أن نضع لكل فرع نشاط أو قطاع قاعدة أو شبكة من المخابر وهيئات التفتيش وتفعيل دور الهيئات المتخصصة على شاكلة المعهد الجزائري للتقييس والمعهد الوطني الجزائري لحماية الملكية الصناعية، هذه الهيئات موجودة، فضلا عن وجود ترسانة من القوانين ولكن المفارقة، تكمن في أن هذه الهيئات وغيرها ليست لها القدرة لأن تلعب الدور المنوط لها قانونا، كما أنه لا توجد إمكانيات كافية للتأكيد على أن منتوج ما صالح أم لا بصورة مؤكدة ودقيقة، بناء على مواصفات تقنية عالية الدقة. ولاحظ بوديسة أن هنالك قدرات بشرية في الجزائر وكفاءات يتعين إعادة هيكلتها، متحديا، هل يمكن لأي هيئة أن تضمن مطابقة كل المنتجات وتضمن صحتها وسلامتها من أي مواد ضارة للمستهلكين الجزائريين وتحديد دقيق لمواصفاتها. في نفس السياق، شدد بوديسة على أن هناك عجزا ونقصا في التحكم في المعايير، حيث يجهل معايير المنتجات، واليوم الزبون الأجنبي هو الذي يتحكم في تحديد نوعية المنتوج، مضيفا ليس لدينا ضمان أكيد بأن المنتوج مضمون، وعليه فإن التحدي الأكبر يكمن في اعتماد شبكة من المخابر نوفر لها الوسائل الضرورية لتضمن تحاليل حسب المقاييس العالمية لكي نتفادى أن يقدم للمستهلك الجزائري منتوج يشوبه شكوك أو يتضح فيما بعد بأنه غير صحي، منبها بأن المشكل يطرح أيضا في المدخلات والمواد الأولية التي يتعين أن تخضع لنفس المراقبة الدقيقة لمصدرها ونوعيتها.
حميدوش يدعو إلى تفعيل دور مؤسسات التشاور ويؤكد: ”الاعتماد على شهادات المطابقة الأجنبية غير معقول” أكد الخبير الاقتصادي محمد حميدوش وجود عجز كبير في المجال التشريعي والتنظيمي، في إطار آليات ضمان احترام جودة المنتجات المسوقة محليا واستجابتها لمعايير الصحة والسلامة، بالمقارنة مع الترسانات القانونية المعمول بها في مختلف دول العالم، بالإضافة إلى الجوانب المرتبطة بنقص المخابر الأمر الذي يفرض الاكتفاء بالعمليات التحليلية للمخابر والهيئات الأجنبية. وأشار المتحدث إلى عدم فاعلية ما عبّر عنه ب«مؤسسات التشاور” بسبب التقليص من دورها من طرف القانون الساري المفعول، ودعا في هذا الصدد إلى تنظيم دور جمعيات حماية المستهلك من خلال منحها القوة القانونية للتدخل عبر التأسس كطرف في الدعاوى القضائية في حالة اكتشاف مخالفات في الممارسة التجارية من شأنها التسبب في إضرار لصحة وسلامة المستهلك. وشدد الخبير الاقتصادي أيضا على دور هيئات أخرى على غرار المعهد الوطني للاستهلاك الذي قال إن من واجبه القيام بتحليل الوضع العام وتقديم المؤشرات والأرقام بصفة درية حول الاستهلاك، إلى جانب المجلس الوطني للاستهلاك يكلف بمراقبة السياسة الصحية المرتبطة بظروف وطرق التغذية، أوضح أن عمل كل هذه الهيئات تصب في نظام معلومات شامل يقيم المنتجات المتداولة في السوق الوطنية من حيث مطابقتها للمعايير وسلامتها عن الاستهلاك من قبل المواطنين. ومن ناحية أخرى، قال محمد حميدوش إن السلطات العمومية ارتكبت خطأ من خلال اعتمادها بشكل كبير على التحليل وشهادات المطابقة التي تقوم بها الهيئات الأجنبية، وأشار إلى أنه كان من الضروري وضع معايير وطنية خاصة بالجزائر تنسجم مع معطيات وخصوصيات الاستهلاك المحلي، مؤكدا على دور المخابر الوطنية في مجال الصحة، الأمن وحماية المحيط كذلك، بالإضافة إلى لجنة أمن المستهلك المكلفة بمهمة استباق المسار والتأكد من سلامة المنتوج قبل وصوله إلى المستهلك.
المنظمة العالمية للتجارة فرضت وجود هيئة للاعتماد اعتبر بوديسة أن المنظمة العالمية للتجارة هي التي فرضت موازاة مع مسار الانضمام على الجزائر أن يتم وضع هيئة مكلفة بالاعتماد، مشيرا إلى أن مثل هذه الخيارات تكون أحيانا إلزامية، بالنظر إلى أهمية ضمان جودة المنتجات المصنعة في أي بلد وضمان توفير المواصفات والمقاييس وبالتالي لا بديل أمام الدولة إلا أن تقبل بتطبيق مثل هذه الإجراءات. كل الوزارات غير قادرة على تحديد مكونات السلع المستوردة أكد مسؤول ألجيراك أن كل الوزارات في الجزائر لا يمكنها أن تحدد بدقة المكونات والمعطيات الخاصة بكل المنتجات والسلع التي تدخل إلى الجزائر وتسوق، حيث يتم الاكتفاء بالشهادة التقنية وبالوثائق التي يسلمها المصدر، بل إن التبعية قائمة حتى بالنسبة لمطابقة المنتوج، حيث كان يفترض أن يتم إقامة مخابر وهيئات تتأكد من أن المنتوج القادم من أي دولة مطابق فعليا للمواصفات المعلن عنها. الجزائر فوضت لسنوات مطابقة المنتجات المستوردة لهيئتين أجنبيتين قامت الجزائر لعدة سنوات بتفويض عمليات المطابقة للمنتجات المستوردة إلى هيئتين أجنبيتين، وهذه الهيئات كانت تجني أرباحا وعائدات من منح عمليات مطابقة، تبين بعدها بأنه شابها ثغرات ونقائص، ما أدى بالسلطات الجزائرية إلى اتخاذ قرار وضع حد للتفويض المقدم، ولكن العملية كانت أيضا مكلفة، حيث أنفقت الخزينة العمومية مبالغ كبيرة طيلة عملية التفويض، كما أن الجزائر أمام شكل من أشكال التبعية كانت أيضا رهينة المخابر التي تقدم شهادات المطابقة دون أن تتأكد من مصادر خاصة جزائرية من أن المنتوج خالي من أي عيوب حقيقة. 400 أورو تكلفة مراقبة كل شحنة مستوردة أفاد المتدخلون في فوروم ”الخبر” أن قيمة أو تكلفة عملية المطابقة ومراقبة نوعية المنتوج المستورد من قبل الجزائر يقدر بحوالي 400 أورو لكل شحنة أو مجموعة حاويات، يضاف إليها تكاليف أخرى كانت تدفعها الخزينة العمومية، حينما تم إسناد المطابقة لهيئات أجنبية، ما يعني خسائر كانت تتكبدها الخزينة العمومية سنويا. وعليه قررت الجزائر، كما قال ممثل وزارة التجارة، السيد سعدي، القيام بالمراقبة والتحليل محليا لتفادي الحصول على وثائق مزورة أو تشوبها الشكوك. جمعها: ح . صواليلي