امتزج النغم العربي الأصيل بالدم الفلسطيني المقدس، تضامنا مع غزة الجريحة، في ليلة افتتاح الطبعة العاشرة لمهرجان ”جميلة” العربي الذي خصصت عائداته للتضامن مع سكان غزة، على وقع كلمات محمود درويش وأنغام الأوركسترا السيمفونية الوطنية بقيادة أمين قويدر رفقة المبدع الفلسطيني مراد السويتي والحضور المميز لمغني الراي الشاب مامي. على وقع الإلقاء القوي والكلمة المعبرة للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش افتتحت الطبعة العاشرة من مهرجان ”جميلة” العربي، التي شهدت توافدا مكثفا للمسؤولين ولعديد الفنانين العرب، الذين قدموا من 9 دول عربية لإعلان تضامنهم اللامشروط مع القضية الفلسطينيةوغزة الجريحة، ما أعاد لأذهان الحضور طبعة المهرجان الثانية التي كانت وقتها امتدادا لمهرجان بعلبك مؤازرة للبنان الشقيق. بدأ حفل الافتتاح بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء غزة الجريحة، تلاها عزف للنشيدين الوطنيين الفلسطينيوالجزائري، ما أعطى الانطباع، منذ البداية، بأن غزة حاضرة وبقوة، بعد تكييف كل البرامج والمحطات مع ما يجري في القطاع هناك. وكانت أولى كلمات الافتتاح رسالة رئيس الجمهورية قرأها نيابة عنه مستشار الرئاسة محمد علي بوغازي، تلتها كلمة وزيرة الثقافة نادية لعبيدي، ثم رئيسة حزب العمال لويزة حنون، وكلمة محافظة المهرجان، وصبت في مجملها في خانة واحدة وهي ”الوقوف كرجل واحد دعما للقضية الفلسطينية”. وصنعت صور التضامن مع الشعب الفلسطيني وصمود غزة، منذ اللحظات الأولى لحفل افتتاح مهرجان ”جميلة” العربي، تفاصيل المشهد الفني بامتياز، بداية بإلقاء مجموعة من القصائد الشعرية خطها شعراء من الجزائر والعراق والمغرب، ليكتشف الحضور بعد ذلك الأداء الجميل والمتناسق لكورال الأوركسترا السيمفونية الوطنية الجزائرية المتكون من حوالي 100 عضو، منهم حوالي 35 شابا من نجوم ألحان وشباب من مختلف الطبعات، والذين أدوا بإبداع صرخة جوليا بطرس ”وين الملايين”، ومقاطع أخرى من رائعة فيروز ”زهرة المدائن” ثم ”الحلم العربي”، تحت إشراف قائد الجوق المبدع الجزائري أمين قويدر الذي رافق بدوره دون خطأ الفنان الفلسطيني مراد السويتي الذي تجشم عناء السفر وطوى المسافات ليغني لفلسطين من أرض الجزائر ومن ركح كويكول. ليلة غزة بامتياز كانت الليلة لغزة بامتياز، فكان المضمون غزاويا وكان الإلقاء حزينا ومعبرا، أضفى عليها صوت داليا الشيح بأغنية ”وعلاش” ونادية ريحان بأغنية ”غزاوية” طابعا خاصا جدا، يجسد تلاحم الموقف الجزائري تجاه فلسطين الشهداء، ليستمتع الجمهور بعدهما بأداء جميل للفنانة سليمة عبادة التي تقدمت رفقة فريقها بعمل باللغة الفرنسية موجه للأوروبيين لنقل رسالة غزة، هذه الأخيرة كانت محور عمل راقٍ جدا للناحت على الرمل الذي رسم صورا لمعاناة أهلنا في غزة، مرفوقا بموسيقى جميلة تنقلك لا محالة إلى اكتشاف حجم الدمار. كما عرفت الليلة الافتتاحية أيضا وقوف أمير الأغنية الرايوية الشاب مامي، لأول مرة، فوق ركح مهرجان ”جميلة” العربي، ورغم تأخر اعتلائه الركح إلى غاية الثانية صباحا تقريبا، إلا أن مئات الشباب ظلوا ينتظرون بشوق قدوم اللحظة، التي ارتدى فيها ثوب الأمير بامتياز. وبلا مقدمات راح صاحب الصوت الحاد والمتميز يصدح في سماء جميلة، مؤديا باقة من أغانيه القديمة رفقة الجمهور الذي ردد معه أغانيه، فالجميع تقريبا يحفظها عن ظهر قلب. وقد تمكن نجم السهرة بخفته أن يكسر صمت الليلة، كما لم يفوّت وضع بصمته في التضامن مع غزة، مؤديا أغنية حضرت في عجالة أهداها للمعذبين بأرض المقدس، ليسدل بعدها الستار على اليوم الافتتاحي لمهرجان ”جميلة” العربي الذي يستمر إلى غاية يوم 23 أوت الجاري. رسالة الرئيس بوتفليقة للمهرجان تضامنا مع غزة بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، برسالة لمهرجان ”جميلة” العربي، قرأها ليلة الافتتاح، نيابة عنه، المستشار لدى رئاسة الجمهورية محمد علي بوغازي. وتوقف رئيس الجمهورية في كلمته مطولا عند تخصيص هذه الدورة العاشرة من المهرجان للتضامن مع صمود ومعاناة الشعب الفلسطينيوغزة، حيث جاء فيها ”أهل الفن كانوا ومازالوا دائما الضمير الحي والمعبّر الصادق عن مشاعر الشعوب وآلامها، ولا غرو أن تولوا وجوهكم شطر فلسطين لتسمعوا العالم بفنكم الرفيع صرخة أهل غزة وما يعانيه أطفالها ونساؤها العزل من عدوان غاشم”. وجدد رئيس الجمهورية، في كلمته، التعبير عن الموقف الثابت للجزائر والمندد بكل قوة بهذا ”العدوان الهمجي”، معربا عن تضامن الجزائر الدائم مع الأشقاء في فلسطين ومؤازرتها ”لكل مساعي التهدئة مع الدول الشقيقة والصديقة لإنهاء العدوان وتجنيب سقوط المزيد من الضحايا”. وفي السياق ذاته، لفت رئيس الجمهورية إلى أن التعبير عن تضامن الجزائر مع أهل غزة ”كان له أوجه شتى كلها جديرة بالإشادة والتنويه”، ليخص بالذكر قطاع الثقافة، حيث نوّه بالمناسبة بمساهمته من خلال مهرجاني ”تيمڤاد ”و”جميلة” في مجهود التضامن مع ”الشعب الفلسطيني الصامد بالكلمة الواحدة والصوت الواحد والنغمة الواحدة وتحويل مداخيلهما لفائدته بتجاوب ومشاركة سخية من قبل كافة الفنانين الجزائريين وزملائهم الوافدين من بلدان شقيقة وصديقة”.