نقلت مصالح الأمن على مستوى عدة ولايات في الشرق والغرب والجنوب والوسط، ملفات فساد ثقيلة تخص ولاة في الخدمة وآخرين تمت ترقيتهم أو أحيلوا على التقاعد، إلى كبار المسؤولين في الدولة، لكن التحقيق الفعلي حول قضايا فساد الولاة بقي معلقا دون تفسير قانوني واضح. رفعت مصالح الأمن، حسب مصدر عليم، قبل أشهر قليلة، ملفات جديدة تتعلق بحالات ثراء غير مبرر ل 4 ولاة حاليين، وحالة سوء تسيير خطير تمت في ولايتي ورڤلة ووهران، إلا أن الجهات العليا في الدولة لم ترد على تقارير الأمن، وهو ما أوقف التحقيق، كما أوقف التحقيق في السنوات الأخيرة حول تورط ولاة في حالات منح صفقات بطرق غير قانونية وإجبار المديرين التنفيذيين على اتخاذ قرارات غير قانونية. بلغت ثروة أحد الولاة، وهو موجود حاليا في الخدمة، أكثر من 2 مليون دولار في شكل عقارات في فرنسا وإسبانيا، وباشر مدير تنفيذي يعمل في ولاية ورڤلة قبل أيام استثمارا كبيرا في فرنسا، لكن عشرات التحقيقات حول شبهات الفساد مازالت مجمدة. وقال مصدر أمني رفيع إن تقارير أمنية موثقة تخص تورط ولاة ما زالوا في الخدمة وآخرين أحيلوا على التقاعد وآخرين تمت ترقيتهم في قضايا نهب عقار والتلاعب بمشاريع عمومية وحالات إساءة للمنصب بالتورط في قضايا أخلاقية خطيرة، نقلت في السنوات العشر الأخيرة إلى مسؤولي الدولة الكبار، دون أن يتم البت فيها أو إطلاق يد التحقيق الجنائي فيها. وقال مصدر أمني رفيع عمل في التحقيق في قضايا فساد مسؤولين: “إن تقارير مصالح الأمن الأربعة حول شبهات فساد المسؤولين ترفع إلى مستوى معين في الدولة، ثم لا يأتينا أي رد بشأنها”. وأضاف المتحدث: “كل المصالح الأمنية الموجودة في الجزائر مجبرة، طبقا للقانون الذي ينظمها، على التعامل مع قضايا الفساد وكتابة تقارير حول حالات تورط مسؤولي الدولة أو غيرهم في جرائم الفساد أو الإثراء غير المبرر، كما أن أية مصلحة أمنية لا تبلغ عما تحصل عليه من معلومات حول الفساد تقع تحت طائلة القانون والمساءلة”. وأضاف “لكننا نرسل التقارير في بعض الحالات تكون موثقة بالأدلة ثم لا نتلقى أي رد”. وتشير مصادرنا إلى أن التحقيق في جرائم الفساد يمر عبر عدة مراحل، الأولى هي الإبلاغ عن التجاوزات في تقارير سرية ترسلها مصالح الأمن إلى المسؤولين المباشرين لها في المديرية العامة للأمن الوطني ووزارة الداخلية أو مديرية الاستعلامات والأمن أو قيادة الدرك الوطني، ثم تنتقل التقارير إلى كبار مسؤولي الدولة إذا تعلق الأمر بشخصية لها وزن مثل وال أو مدير عام أو وزير. وفي العادة تقرر الرئاسة أو الوزارة الأولى، في حالة وجود أدلة تشير إلى تورط هذا المسؤول، تقريرا تكميليا حول القضية من أجل اتخاذ قرار بتحريك التحقيق الجنائي. وتشير مصادرنا إلى أن التحقيقات حول فساد المسؤولين تتوقف في المرحلة الأولى، وهي مرحلة التحريات. ويقول مصدرنا إن هذا هو سبب كشف قضية سوناطراك 2 من طرف القضاء الإيطالي بدل أن تكشف في الجزائر. وقال نائب عام مجلس قضائي، طلب عدم ذكر هويته، إن أدلة كثيرة أكدت تورط وال سابق في بشار في قضية مديرية الري، إلا أن التحقيق اقتصر على عدد من المديرين التنفيذيين. وفي حالة ثانية لم يشر التحقيق في قضية الفساد في بلدية حاسي الرمل قبل سنوات إلى استفادة والي الأغواط السابق من امتيازات من البلدية. وأضاف المتحدث “أنا أفهم هواجس كبار المسؤولين في الدولة، ففي بعض حالات التحقيق في قضايا الفساد، حصل مسؤولون على البراءة، لكن بعد أن تم تدمير مستقبلهم السياسي والإداري أثناء التحقيق”. وأضاف المتحدث أنه في أغلب الحالات تتوقف عمليات التحري على أساس أن الأمر يحتاج إلى أدلة ثابتة، لكن كيف يمكن الحصول على أدلة ثابتة دون السماح للمحققين بمواصلة عمليات التحري؟