التعليمات تخص مباشرة أشغال استعجالية دون مناقصات أو إبرام صفقات بالتراضي البسيط مسؤولو الهيئات التنفيدية المحلية اشتكوا من تدخل وزراء وحتى مسؤولين مركزيين بالوزارات في صلاحياتهم كشفت مصادر مأذونة ل«البلاد"، أن الوزير الأول عبد المالك سلال حوّل مراسلات حررها عدد من ولاة الجمهورية تطلب تدخلا عاجلا من رئيس الجمهورية حول إشكالية تعليمات شفوية يتلقاها رؤساء الهيئات التنفيذية المحلية من وزراء في الحكومة، سواء عبر الهاتف أو من خلال زيارات ميدانية، تطلب مباشرة أشغال استعجالية أو إبرام صفقات بالتراضي البسيط أو تحويل وجهات أموال مشاريع كبرى نحو "أولويات قصوى" في قطاعاتهم دون أن يكون لهم أدنى حماية في حال احتمال تعرضهم للمتابعة القضائية. وذكرت مصادر الجريدة أن "من بين الأسباب الرئيسية لاحتجاج هؤلاء الولاة دخول بعض القضايا المعنية بالتعليمات الشفوية إلى أروقة المحاكم في إطار متابعات روتينية لمنتخبين محليين أحيلوا بموجب تحقيقات حول الفساد في مشاريع عمومية على الجهات القضائية وأعلنوا صراحة في محاضر الاستجواب بأنهم نفذوا تعليمات حرفية بناء على أوامر شفوية من الولاة الذين تلقوها بدورهم من الوزراء". وفسرت مصادر متابعة أن مطالبة ولاة الجمهورية للقاضي الأول للبلاد بتحصينهم بمثابة دعوة للتخلي عن التعليمات الشفوية وتعويضها بالتعليمات الكتابية إذا اتصل الأمر بتسيير المال العام بما يعني أنهم يحتاطون لأي مشكلة قد تصادفهم أثناء ممارسة المسؤولية أو بعد الخروج من السلك، فهم يريدون توفير الحماية لأنفسهم من مساءلة قد يتعرضون لها في المستقبل في حال تطبيق التعليمات الشفوية التي ذهب ضحيتها إلى حد الآن والي الطارف السابق الذي يقبع في السجن في قضايا تسيير مماثلة تخص أشغال استعجالية بالتراضي قام بها تحسبا لزيارة رئيس الجمهورية قبل نحو 5 سنوات". وتتزامن "خرجة الولاة" مع حملة تحقيقات أمنية تفجرت في أعقاب تداعيات فضيحة "سوناطراك2" وتقودها السلطات العليا حول خرق مسؤولين محليين محل الشبهة وبينهم ولاة قانون الصفقات العمومية، وتبديد أموال عمومية، وسوء التسيير واستغلال النفوذ. وحسب ذات المصدر، فإن هذه التحقيقات من شأنها أن تؤدي إلى توجيه تهم الفساد إلى مسؤولي الأجهزة التنفيذية المحلية. وحسب المعلومات المتوفرة، فإن مصالح الأمن حصلت على وثائق وتسجيلات سرية تدين بعض الإطارات، وتتعلق التجاوزات محل التحقيق بتدخل وزراء في الحكومة وحتى مسؤولين مركزيين بالوزارات في صلاحيات مسؤولين محليين من خلال تعليمات شفوية في الغالب بمنح الصفقات الكبرى، والتدخل لصالح رجال أعمال، وإسناد مشاريع كبرى لمقاولات ومكاتب دراسات أجنبية ومحلية بصفة غير مطابقة للقانون. وقد ولّد هذا الوضع حسب مصادر "البلاد"، تهاطل طلبات الإحالة على التقاعد بشكل غير مسبوق في سلك الولاة، حيث طلب ما لا يقل عن 8 ولاة "الإعفاء من الخدمة" والتحق بهم عدد من الأمناء العامين للولايات ورؤساء دوائر، في حركة احتجاجية وصفت بالصامتة. وبالرجوع إلى المرسوم الرئاسي رقم 236 المؤرخ في 7 أكتوبر 2010، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، فإن المادة 13 منه تنص على أن الصفقات العمومية ‘'تشمل إحدى العمليات الآتية: إنجاز الأشغال، اقتناء اللوازم، إنجاز الدراسات، تقديم الخدمات...". أما عن كيفية إبرام الصفقات العمومية واختيار المتعامل المتعاقد، فتقول المادة 25 "تبرم الصفقات العمومية وفقا لإجراء المناقصة الذي يشكّل القاعدة العامة أو وفق التراضي". وتعرّف المادة 27 التراضي البسيط بأنه "إجراء تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد واحد، دون الدعوة الشكلية للمنافسة. وهو قاعدة استثنائية لإبرام العقود لا يمكن اعتمادها إلا في الحالات الواردة في المادة 43 من هذا المرسوم"، وهي ستة، اثنان منها "الفقرتان الرابعة والسادسة" تشترطان موافقة مجلس الوزراء مسبقا. وكانت رئاسة الجمهورية قد أمرت بالتحقيق في تسيير مشاريع قطاعية كبرى في عدة ولايات مباشرة بعد "صدمة" فضائح الشركة الوطنية للمحروقات، وتتحرى مصالح الأمن منذ أشهر في ملفات فساد تخص إطارات في الدولة، منهم ولاة وأمناء عامين في ولايات ووزارات ومديرين مركزيين وإطارات. وحسب المصادر، فإن التحريات الأخيرة بدأت بناء على تقارير أمنية كشفت عن تورط بعض المسؤولين في قضايا فساد، وتحويلات مالية واستثمارات لأقارب مسؤولين إداريين بملايير السنتيمات.