يعيش أولياء تلاميذ الأقسام التحضيرية على أعصابهم في الكثير من الأحياء بالعاصمة وبعض ولايات الوطن، لفشلهم في إدماج أبنائهم بهذه الأقسام رغم بلوغهم السن القانونية، وهي 5 سنوات، بسبب غياب هذه الأقسام عن مدارس أحيائهم، ما أدخلهم في دوامة للبحث عن فضاءات تعليمية أخرى لمن استطاع إليها سبيلا. كان العديد من الأولياء الذين تحدثنا إليهم قد أكدوا أنهم اصطدموا أياما قبل موعد الدخول المدرسي برفض المدارس استقبال أبنائهم، وبررت الكثير من المدارس اتخاذ هذا الإجراء بسبب قلة عدد الأقسام وتخصيصها لباقي المتمدرسين، بحجة أن التعليم التحضيري غير إجباري. غير أن هذا لم يقنع الأولياء الذين دخلوا في سباق ضد الساعة لإيجاد فضاءات تعليمية أخرى لإدماج أطفالهم، في المساجد والجمعيات وكذا رياض الأطفال، وهذا يعني بالتأكيد إثقال كاهلهم بمصاريف وأعباء أخرى. وهو حال العديد من الأولياء الذين استوقفناهم بالقرب من روضة أطفال أعالي حيدرة بالعاصمة في أول يوم من الشهر الجاري، حيث أكدوا لنا أنهم فوجئوا بغياب الأقسام التحضيرية عن كل مدارس البلدية والبلديات المجاورة مثل بن عكنون، ما دفعهم لخيار البحث عن رياض الأطفال “العمومية” لانخفاض أسعارها بالمقارنة مع الخاصة، لكنهم وجدوا الأبواب موصدة أيضا. وذكر أحد الأولياء في السياق “قدمت لتسجيل ابني، لكن إدارة الروضة رفضت بحجة ضعف طاقة استيعابها”، وهو نفس ما حصل مع أولياء آخرين كانوا متواجدين في المكان لتسجيل أبنائهم بعد غلق الروضة التي كان يدرس فيها أبناؤهم بساحة القدس، ورفضت المديرة التي تم تنصيبها حديثا بروضة أعالي حيدرة تسجيل أبنائهم بحجة أنها لم تتلق أي تعليمة من مؤسسة تسيير رياض الأطفال “بريسكو”. ولم يختلف الأمر في باقي أحياء العاصمة التي غابت في مدارسها الأقسام التحضيرية، ففي حي القبة أكد العديد من الأولياء أنهم لجؤوا إلى المدارس القرآنية، مؤكدين أنهم محظوظون بذلك، لأنها تقدم دروسا لا تختلف كثيرا عن الأقسام التحضيرية، والأمر نفسه بالنسبة للمدارس القرآنية التابعة لجمعية أولياء التلاميذ. “المعريفة” للظفر بمكان وفي ولاية سطيف أصيب الكثير من الأولياء بحالة من الهستيريا بعد أن صار إدماج أطفالهم في الأقسام التحضيرية أمرا بعيد المنال، في ظل النقص الفادح في الأقسام التحضيرية عبر الولاية، حيث لم يتم فتح سوى 527 قسم عبر كل تراب الولاية بمجموع 13175 قسم، في حين يتم تسخير الوسائط والمعارف من أجل الظفر بمكان ضمن هذه الأقسام. وفي مقابل ذلك، اغتنم الكثير من الخواص هذه الفرصة لتحويل شقق وفيلات إلى مراكز للطفولة تفتقر إلى المعايير المعمول بها، باستثناء بعض الجمعيات على غرار جمعية الإرشاد والإصلاح الرائدة في مجل التعليم التحضيري. وكانت “الخبر” قد حضرت أولى عمليات التسجيل في الطور التحضيري بإحدى المراكز بحي لعرارسة، حيث تشكل طابور طويل من الأولياء منذ الساعة الرابعة صباحا بغرض تسجيل أبنائهم، ورغم هذا عاد الكثير منهم خائبين بعد أن أغلقت القائمة ربع ساعة فقط بعد فتحها، ليدخل الأولياء وخاصة منهم العاملون في مختلف القطاعات في دوامة البحث عن مراكز طفولة تكلف في معظمها ما بين 12 إلى 18 ألف دج كمصاريف إجمالية لاحتضان الأطفال، فيما تبقى نوعية البرامج المقدمة وظروف التمدرس الإطعام والنقل، كوارث حقيقية تتطلب تحقيقات بالجملة. الحل في المدارس القرآنية أضحت المدارس القرآنية في فترة الدخول المدرسي ملاذ أولياء الأطفال الذين لم يسعفهم الحظ في الظفر بمقاعد داخل الأقسام التحضيرية ولا في رياض الأطفال العمومية أو الخاصة، وتختلف قناعات الأولياء وإمكانياتهم في مسألة التعليم القرآني أو التعليم البديل. وتعتبر المدارس القرآنية مفرا للأسر الجزائرية لدواعٍ متعددة، فرضتها صعوبات إلحاق الأبناء بأقسام التعليم التحضيري نظرا لمحدوديتها بالمدن والولايات الكبرى، وانحصارها على ذوي الحظ و “المعريفة” في مناطق أخرى، ناهيك عن تكاليف تسجيلهم بدور الحضانة الخاصة التي تشترط مبالغ مالية تستنزف ثلث دخل العائلة، أو لأسباب تتعلق ببعد المسافة ومشاكل النقل. ويعتبر الكثير من الأولياء في حديثهم ل “الخبر” أن التعليم القرآني ضروري للأطفال في هذه السن وهو يغني عن أي تعليم آخر، حيث يقولون هؤلاء بأن أبناءهم الذين تلقوا تعليما قاعديا ولغويا في مرحلة ما قبل المدرسة، غالبا ما يكونون متفوقين دراسيا بفضل استفادتهم من تنشيط الذاكرة من خلال حفظ السور القرآنية وتعلم النطق باللغة العربية وبعض المعارف الدينية الأساسية، حيث يوفر شيخ أو معلم القرآن عن العائلة تكاليف مادية وجهود تلقين المبادئ الدينية الأولية، وهكذا يلجون التعليم الابتدائي بزاد وافر، وتكميل عمل الأسرة في الجوانب الروحية. ولا يكتفي شطر واسع من المواطنين بالجدول الزمني المخصص للتعليم القرآني الذي لا يتعدى 4 ساعات في اليوم، بل يدفعون أبناءهم إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم المسائية، وهو ما رصدته “الخبر” في الكثير من المناطق. ويبرز تعلق العائلات الجزائرية بالتعليم القرآني البديل، من خلال طوابير الأمهات والآباء المشاهدة أمام المدارس القرآنية في كامل القطر الوطني، حيث يزدحمون أمام أبواب المساجد لمرافقة أبنائهم وتشجيعهم على الاستفادة مما يقدمه لهم الشيخ. وعلى عكس ذلك، يعتبر بعض الأولياء أن مدارس القرآن الكريم تبقى منقوصة بسبب طريقتها التقليدية في التكفل بعالم الطفولة، ولا يمكنها لعب دور التعليم التحضيري الذي يتضمن، حسبهم، برامج متكاملة تضمن تلقين أبجديات التعليم الديني والعصري، ولا تغفل جوانب هامة في حياة الطفل في هذه المرحلة، خصوصا ما تعلق باللعب واستفراغ طاقاته واكتشاف مواهبه وتحضيره نفسيا للمرحلة الدراسية الرسمية، مع تقويم بعض السلوكيات أو الأعراض المرضية الحسية والنفسية التي يرصدها الأخصائيون المشرفون على رياض الأطفال، لكن ورغم هذه النقائص، إلا أن هؤلاء يفضلون المسجد على من حرمان فلذات أكبادهم من خدماته المجانية. الجزائر: سلمى حراز سطيف: عبد الرزاق ضيفي تيبازة: ح.أحمد
رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية الصادق دزيري “المسؤولية تتحملها الحكومة ووزارة التربية” قال رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين الصادق دزيري في اتصال ب “الخبر”، إن على الوزارة تحمل مسؤولية توفير مقعد بيداغوجي لكل طفل يصل سن التعليم التحضري. وانتقد المتحدث في السياق السياسة المنتهجة بالنسبة للتعليم التحضيري من قبل الحكومة ووزارة التربية، حيث قال “يفترض أننا ومنذ سنوات قد بنينا مدارس تحضيرية وليس أقساما تحضيرية، وهذا لم يحدث”، ليتساءل إن كنا نبحث عن تكافؤ الفرص بين أبناء الجزائر؟ اعتبارا أن المحضوظين منهم يتعلمون في الطور التحضيري ولا يجدون صعوبات في التعليم الابتدائي، عكس الكثير من نظرائهم الذين لا يعرفون كيف يتحدثون ويمسكون القلم عندما يلجون المدرسة لأول مرة. كما أشار الصادق دزيري إلى أن أغلب الأقسام التحضيرية لا تتوفر فيها شروط التمدرس، ولا تغطي إلا 20% من الأطفال الذين بلغوا سن الخامسة، وهي السن القانونية للالتحاق بالقسم التحضيري في المدارس الابتدائية. وعاد المتحدث في الإطار إلى مشكل المؤطرين المعنيين بالأقسام التحضيرية، لأن هذا النوع من التعليم يتطلب أساتذة مختصين في التحضيري. الجزائر: رزيقة أدرغال
رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ أحمد خالد “ضرورة منح صلاحيات تسيير المدارس للوزارة وليس للبلديات” كشف رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ أحمد خالد، أنه تلقى العديد من الشكاوى لأولياء لم يجدوا مكانا لأطفالهم في التعليم التحضيري، والأدهى من ذلك، يضيف المتحدث، أن الشكاوى التي تلقاها لم تقتصر على هذه المرحلة غير الإلزامية على حد قوله، وإنما لأولياء لم يجدوا مكانا لأطفالهم الذين بلغوا السن القانونية للالتحاق بالمدارس الابتدائية. وتساءل خالد أحمد في السياق “كيف للبلديات العاجزة عن تسيير أمورها أن تسير المدارس الابتدائية”، داعيا الوزير الأول إلى منح تسييرها وإنجازها لوزارة التربية الوطنية. ولم يخف محدثنا تفشي ظاهرة البيروقراطية في بعض المدارس الابتدائية، إذ قال “التسجيل في الأقسام التحضيرية أصبح يخضع للمحسوبية، ولكن إذا رجعنا للأصل وحتى نكون منطقيين، فالتحضيري ليس إجباريا بالرجوع إلى الدستور”. الجزائر: رزيقة أدرغال
والدة لؤي: سجلت ابني في روضة خاصة رغم الدخل المحدود السيدة “أ. عائشة”، أم لطفلين، عاملة بإحدى المؤسسات العمومية بالعاصمة، التقينا بها بدور لرياض الأطفال في الأبيار حيث يقع بيتها الزوجي، عبرت عن قلقها وحيرتها الشديدة لعدم توفر مكان تسجل فيه ابنها “لؤي”، صاحب ال5 سنوات، بالروضة وفي المدرسة الابتدائية القريبة من مقر سكنها. تقول عائشة “كان ابني يدرس بمدرسة قرآنية تابعة لمسجد الحي، وأنا راضية على ما تعلمه هناك، خاصة أن طريقة التدريس لا تختلف عن المدارس العادية، لكن اليوم وبعد بلوغه سن الخامسة، لم أجد له مكانا له بالمدرسة ولا برياض الأطفال، وأتخوف من مستوى ابني عندما يلتحق بالسنة الأولى ابتدائي إذا لم يدرس التحضيري، وهو المشكل الذي يعاني منه الكثير من الأولياء. وتضيف في السياق أنها ستضطر لتسجيله في روضة خاصة رغم أن ميزانية العائلة محدودة. الجزائر: عامر زغباش
أغلبيتهم في الوسط الحضري 17.2% من الأطفال ذوي خمس سنوات التحقوا بالأقسام التحضيرية تكشف أرقام آخر تقرير أعدته وزارة الصحة والسكان بالتعاون مع الديوان الوطني للإحصاء ووكالات الأممالمتحدة المتواجدة بالجزائر، أن 17.2% فقط من الأطفال البالغين من العمر خمس سنوات التحقوا بمؤسسات تربوية تحضيرية. وأثبت التحقيق الذي شمل عينة تتكون من حوالي 30 ألف عائلة تمثل 4 مناطق من الوطن، أن 16.5% من الأطفال الذين التحقوا بالسنة الأولى ابتدائي تابعوا دراسة تحضيرية خلال السنة التي سبقت تسجيلهم بالمؤسسات التربوية. أما عن الفوارق بين الوسط الحضري والريفي، فقد بلغت نسبة الأطفال الذين تابعوا تعليما قاعديا بدور الحضانة بالوسط الحضري22.1%، أي طفل من بين 5 أطفال استفاد من هذا التعليم، مقابل طفل من بين 10 أطفال بالوسط الريفي. وأظهر التحقيق أن نسبة الذكور والإناث الذين التحقوا بالمؤسسات التربوية التحضيرية تكاد تكون متقاربة بين الجنسين، حيث بلغت 11.3% لدى الذكور و10.6% لدى الإناث. وبالنسبة للمناطق، فإن منطقة الجنوب الجزائري تأتي في المقدمة بنسبة 16.1%، متبوعة بمنطقتي الشرق والغرب بنسبة 10% لكل واحدة منهما، ثم الوسط بنسبة 9.8%. الجزائر: س.ح
حسب مسؤول بوزارة التربية “أولوية التحضيري ستكون لأطفال الجنوب والهضاب العليا” أكد شرفاوي، مسؤول بوزارة التربية الوطنية، أنه سيتم تعميم التعليم التحضيري تدريجيا عبر كل ولايات الوطن، على أن تكون الأولوية لأطفال الهضاب العليا والجنوب. وأفاد المصدر في اتصال ب “الخبر” بأن الأقسام التحضيرية متوفرة حسب الإمكانيات المتاحة للوزارة التي قررت إعطاء الأولوية لأطفال الجنوب والهضاب العليا، بعد أن أثبتت الدراسات أن مستواهم في المرحلة الابتدائية متدنٍّ. الجزائر: أ. رزيقة