ستكون الجزائر أكبر المتضررين من انخفاض أسعار النفط التي بلغت حدود 85 دولارا للبرميل سنة 2015، حسبما أشارت إليه مصادر مطلعة، فالجزائر ستستهلك جزءا كبيرا من إيرادات صندوق ضبط الموارد الذي قدر من قبل وزارة المالية بحوالي 53.4 مليار دولار، في وقت تتوقع فيه بلوغ عجز الميزانية حوالي 49 مليار دولار. تتقاطع عدة عوامل تدفع الجزائر لأن تتأثر بتقلبات أسعار النفط عام 2015 في حالة ما إذا بقيت في المعدلات الحالية، أي ما بين 85 و90 دولارا للبرميل، نظرا للارتفاع المستمر لنفقات الميزانية التي بلغت مستوى قياسيا في قانون المالية 2015، إذ قدرت بحوالي 105 مليار دولار بنسبة نمو بلغت 15.7%، بينما قُدرت الإيرادات ب55.9 مليار دولار، ما نتج عنه عجز غير مسبوق ب49.9 مليار دولار، وهو ما سيساهم في اقتطاع جزء كبير من صندوق ضبط الموارد الذي سجل 53.4 مليار دولار، مع العلم أن الصندوق تأثر أيضا من تقلب إيرادات الجزائر من المحروقات أساسا، حيث كان يسجل ما بين 10 و11 مليار دولار سنويا، ليستفيد من دعم إضافي ب3 إلى 4 مليار دولار حاليا. وأشار مصدر مطلع ل “الخبر” إلى أن الجزائر تنتج حاليا بأقصى قدرات إنتاجها تقريبا من النفط في حدود 1.16 مليون برميل يوميا، وإذا كانت الجزائر قد نجحت في التقليل من الضغط الناتج عن تقلبات أسعار النفط خلال الثلاثي السابق بالنظر لتسجيل أسعار عالية خلال السداسي الأول بالخصوص من هذه السنة، وارتقاب معدل سعر سنوي للنفط في حدود 103 دولار للبرميل، فإن الوضع سيكون مغايرا العام المقبل، مع مستوى ضعيف لصندوق ضبط الموارد واقتطاع جزء مهم منه، مقابل تسجيل عجز في ميزان المدفوعات، نتيجة ارتفاع الواردات التي تقترب من 60 مليار دولار للسلع و10 مليار دولار لخدمات، أي أننا سنكون أمام مستوى مماثل للإيرادات أو يفوقه، إذ إن مدير عام سوناطراك قدر إيرادات المحروقات بحوالي 60 مليار دولار. وفي الوقت الذي تتوقع فيه هيئات مثل “فيتش” بقاء سعر النفط في حدود تقل عن 90 بل إمكانية بلوغه 80 دولارا، فإن خبراء على غرار كريستوف دامبيك الخبير الاقتصادي ب “ساكسو بنك”، اعتبر أن دورة المواد الأولية تشجع انخفاض الأسعار، وبعد أن تعود المستثمرون على أسعار نفط بمعدل 100 إلى 110 دولار للبرميل، فإن برميل النفط فقد خلال 3 أشهر نسبة 25% من قيمته، ويتوقع الخبراء أن يستمر الوضع لفترة زمنية، حيث بدأت توقعات وإسقاطات الأسواق تتكيف مع سعر برميل منخفض نوعا ما في التسليمات الآجلة أي أقل من 100 دولار، نتيجة الاختلالات المسجلة بين العرض والطلب وتصحيح بعض التوقعات بشأن نسب النمو التي تبين خطؤها وتسجيل وفرة دائمة للنفط، وهذه العوامل دفعت المستثمرين إلى التعامل على مدى أطول مع برميل نفط منخفض. وأشار الخبير إلى أنه يتوقع على المدى القصير أن يبقى سعر البرميل منخفضا، مشيرا إلى أن لقاء منظمة أوبك في 27 نوفمبر المقبل لن يكون حاسما بالقدر الكافي، لأن تأثير الولاياتالمتحدة على السوق أضحى فاعلا أيضا، فالولاياتالمتحدة تنتج 8.6 مليون برميل يوميا، ويُرتقب أن تنتج 9.6 مليون برميل يوميا في 2015، ما يؤثر على العرض والطلب أيضا نتيجة انخفاض الطلب الأمريكي. بالمقابل، فإن تباين في مواقف دول “أوبك” يعقد الوضع، لاسيما أن المملكة العربية السعودية لا ترى ما يدفع إلى التضحية بحصة إضافية من إنتاجها بمعدل أسعار النفط الحالية، بينما تدفع فنزويلاوالجزائر بالخصوص إلى خفض سقف إنتاج المنظمة لتفادي انهيار أكبر للأسعار، ولكن الانخفاض تتحمله أساسا الرياض وبدرجة أقل بعض دول الخليج وإيران التي تمتلك قدرات إنتاج مرتفعة، وتحاول السعودية الاستفادة من تغيرات أسعار النفط إلى أسفل لتوسيع حصصها في أسواق جديدة لاسيما في آسيا أكبر المناطق استهلاكا حاليا. ولكن مبررات دول مثل فنزويلاوالجزائر ترتكز على الولاياتالمتحدة التي تحتاج إلى برميل نفط غير متدنٍّ لتغطية تكاليف استغلال حقول النفط الصخري، لاسيما تلك المتواجدة في داكوتا الشمالية والتي تحتاج إلى برميل لا يقل عن 80 دولارا، وإلا فإن استغلاله لن يكون مربحا، وعليه فإن بقاء أسعار النفط في حدود 85 إلى 88 دولارا للبرميل سيدفع الولاياتالمتحدة إلى تخفيض إنتاجها، وهو ما سيدفع إلى ارتفاع الأسعار نوعا ما. دورة المواد الأولية تتجه إلى أسفل في نفس السياق، أكد الخبراء على أن المؤشرات المتوفرة تفيد بأن دورة المواد الأولية، بما في ذلك النفط، تتجه نحو الانخفاض، حيث تتطور هذه الدورة في مدى 30 سنة، وبدأت فصوله الأولى في سنوات 2000 بمنحى تصاعدي، ومع 2015 سيتم الدخول في مرحلة دورة أخرى تتسم بتراجع الأسعار بما في ذلك البترول، وقد تضطر الجزائر للتكيف مجبرة على برميل نفط أدنى مما تم تحديده كنقطة توازن للميزانية أي 100 دولار، وبالتالي العودة إلى سياسة ضبط وترشيد نفقاتها واقتطاع وإلغاء بعض من المشاريع، نتيجة الارتفاع المتواصل للنفقات التي فاقت 100 مليار دولار لأول مرة، أي قرابة 50% من الناتج المحلي الخام الجزائري المقدر ب2017 مليار دولار، في وقت لم تستطع الجزائر تحقيق نسب نمو عالية، إذ يتوقع تسجيل 3.4%، وهي نسب نمو اصطناعية مدفوعة أساسا من قطاع البناء والأشغال العمومية أي النفقات العمومية ومن المحروقات.
أهم المؤشرات الاقتصادية المرتبطة بقانون مالية 2015 مداخيل الميزانية: 55.9 مليار دولار النفقات العمومية: 105.6 مليار دولار ونسبة نمو بلغت 15.7% مقارنة ب2014 عجز الميزانية 49.913 مليار دولار (أكبر عجز تعرفه الجزائر المستقلة) الجباية البترولية: 1722.9 مليار دينار الجباية العادية: 2961.7 مليار دينار نفقات التسيير: 4972.3 مليار دينار نفقات التجهيز: 3885.8 مليار دينار بنسبة نمو قدرت ب5.5% مقارنة ب2014 سعر مرجعي ب37 دولارا وسعر توازن ب100 دولار للبرميل من النفط نسبة نمو للناتج المحلي 3.4% و4.25% خارج المحروقات معدل التضخم 3% مقابل 4.5% في 2014 قيمة التحويلات الاجتماعية: 1700 مليار دينار أو ما يعادل 20.3 مليار دولار دعم المواد الغذائية الأساسية: 2.8 مليار دولار