ما زالت الجزائر تصنف ك”تلميذ غير نجيب”، في مجال الوقاية ومحاربة الفساد، رغم توقيعها على الاتفاقية الأممية لمحاربة الفساد منذ 2006 وإنشائها لأكثر من هيئة رسمية لمكافحة هذه الظاهرة، وهي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والديوان الوطني لقمع ومحاربة الفساد، زيادة على مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية. وضعية تطرح أكثر من سؤال بشأن استمرار الجزائر “تذيل” الترتيب العالمي بعدما وضعت في المرتبة 100 من مجموع 175 دولة في مؤشر الفساد، وبملاحظة أن السلطات لم تبذل مجهودا في محاربة هذه الآفة، أو ما يسمى بغياب الإرادة السياسية في ذلك. حلت في المرتبة 100 في تقرير “شفافية دولية” الجزائر تتراجع أكثر في “مؤشر الفساد” العالمي
سجلت الجزائر تراجعا في مؤشر الفساد، حسب تقرير منظمة “شفافية دولية” للعام الجاري، فبعدما احتلت المرتبة 94 بمؤشر العام الماضي، وردت بالمؤشر الجديد للمنظمة في المرتبة 100 لتتراجع بست مراتب، وتنال درجة ضعيفة جدا قدرت ب3.6 من المئة. اللافت أن موقع الجزائر في ترتيب تقرير مؤشر الشفافية الدولية، ابتعد بشكل جلي عن مراتب دول عربية كانت تتقارب معها في نفس المؤشر للأعوام الماضية، حيث وردت بعد العديد من الدول العربية على غرار الإمارات 25 وقطر 26 والبحرين والأردن والسعودية 55 وعمان 65 والكويت 67 وتونس 79 والمغرب 80 ومصر 94. بينما يشكل الترتيب الجديد في التقرير الحديث، مؤشرا على مدى التزام الحكومة الجزائرية بالعمل بتوصيات التقارير السابقة في مجال مكافحة الفساد، على ماهو عليه مسار محاربة الظاهرة التي تنخر النسيج الاقتصادي والاجتماعي، ومن بين ما تعتمد عليه المنظمة في تقاريرها حول الفساد، مؤشر “النمو” الذي بلغ هذا العام 3.8 بالمائة، بالجزائر، لكن الملاحظ أن عددا من الدول المذكورة في التقرير، تجاوزت هذا المعدل بصفة طفيفة، لكن ترتيبها بمؤشر الفساد بعيد عن موضع الجزائر، على غرار الصين التي وردت في المرتبة 36 وتركيا بالمرتبة 45 وأنغولا بالمرتبة 19، وهي دول تراجعت أيضا بمؤشر العام الجاري، مقارنة مع الأعوام الأربعة الماضية، إذ تزحزحت إلى الأسفل من 4 إلى 5 مراتب. ويبين التقرير عجز معظم الدول العربية عن إحراز تقدم في مؤشر شفافية دولية خلال العام الحالي، إذ أن معظم الدول العربية فشلت في تخطي حاجز 50 درجة كمعطى تحدد من خلاله المنظمة الدولية نجاح الدول في محاربة الفساد، ولم تفلح سوى دولتين عربيتين في تخطي الدرجة 50، وهما قطروالإمارات، ووضع المؤشر من درجة صفر الذي يتضمن باقة من الدول التي تشهد فسادا كبيرا، ودرجة المائة التي تؤشر على نجاح الحكومات في مكافحة الفساد، بينما المراتب تبدأ من الصفر إلى 175 دولة، والجزائر ضمن النصف الثاني في المراتب، أي من الدول التي لم تحارب الفساد بالشكل المطلوب. والواضح أن قضايا الفساد ذات البعد الدولي والتي تفجرت بالجزائر، العام الماضي، وعلى رأسها قضية سوناطراك 2، أثرت في ترتيب الجزائر بمؤشر الشفافية، لهذا العام، خاصة أن متورطين في القضية، مسؤولون سابقون كبار، أهمهم وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، في انتظار ظهور نتائج التحقيقات التي أخذت بعدا دوليا. وتحدث التقرير عن استمرار السلطات السياسية في عديد الدول ومنها العربية والإفريقية، في إساءة استخدام السلطة، بما يعيق النمو الاقتصادي، ويكبح مساعي مكافحة الفساد، مثلما أفاد خوسيه أوغاز، رئيس منظمة شفافية دولية، الذي تحدث عن ممارسات “سياسيين فاسدين” يفلتون من العقاب دوما، وأن “معدلات النمو في عديد البلدان تتراجع بسبب نهب الأموال العمومية من قبل المسؤولين، وشدد على الدول الواقعة في أدنى المراتب بالمؤشر الجديد للفساد “اتخاذ تدابير جذرية للحد من الظاهرة، وعدم تصدير ممارسات الفساد إلى الدول السائرة في طريق النمو”. وحذر خوسيه السلطات السياسية للكثير من الدول المتذيلة للمؤشر الخاص بمكافحة الفساد، من “إساءة استخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة الممثلة لآفات مزمنة تخرب اقتصادات الدول بشتى أنحاء العالم”. بينما دعا رئيس المنظمة الدول المتطورة إلى “التوقف عن تشجيع الفساد خارج حدودها، والعمل أكثر لمنع غسل الأموال”. الجزائر: محمد شراق
رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد مصطفى عطوي ل”الخبر” “الفساد تحوّل إلى استراتيجية النظام للاستمرار في الحكم” قال رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد، مصطفى عطوي ل”الخبر”، إن قضايا الفساد المتعلقة بملفات الخليفة وسوناطراك والطريق السيار وغيرها لن ترى النور مادام المتورطون فيها مسؤولين كبارا في هرم الدولة، ومادام عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر. وأوضح عطوي أن الفساد تحوّل إلى إستراتيجية بالنسبة للنظام، وأي شخص يرغب في الترشح لمنصب سام ينبغي أن تتضمن سيرته الذاتية فضائح فساد وليس الكفاءة. الجزائر تراجعت في مؤشر الفساد لمنظمة شفافية دولية لسنة 2014، لماذا برأيكم؟ التصنيف في اعتقادي أمر طبيعي، لأن الفساد أصبحنا نراه صباحا ومساء، وأضحى يسير مثلنا في الشوارع، وتقرير منظمة شفافية دولية لم يفاجئنا. أولا لأن الظاهرة تعكس مشكلا أخلاقيا في الدولة، لاسيما الفساد السياسي الذي تحول إلى أم الخبائث، فالهيئات التي تنتخب بطريقة تعتمد على التزوير لا ننتظر منها سوى إنتاج الفساد، والخطير أن حتى البرلمان باعتباره المؤسسة التي تشرّع القوانين تبنى على الفساد. وثانيا، الفساد في الجزائر صار إستراتيجية النظام للبقاء في الحكم، المسؤول الذي يتعامل بالفساد ويرقى بالفساد لا تنتظر منه محاربة الفساد. وأريد الإشارة إلى أن ظاهرة الفساد لا ترتبط وحدها فقط بالنظام، فهناك مسؤولية أخرى يتحملها الشعب وفعاليات المجتمع المدني الذين استقالوا من مكافحة ومحاربة الفساد. الحديث عن الظاهرة يحيلنا مباشرة إلى قضايا خطيرة تتعلق بعمليات فساد كبير مثل الخليفة وسوناطراك والطريق السيار، ما مصير هذه الملفات؟ لنتطرق إلى كل قضية على حدا. فملف الخليفة يتعلق بعدم فتح محكمة القليعة (في تيبازة) للملف لحد الآن، لأن أحد المحامين في القضية اتهم وزيرا للعدل بأنه متورط بصورة مباشرة فيها، وذكر اسم مسؤول كبير في الرئاسة استفاد لوحده من عشرات السكنات، فإذا كان مثل هؤلاء متورطين في قضية الخليفة، كيف لها أن ترى النور، والأكيد أنهم يريدون التضحية بالحوت الصغير. أما عن ملف سوناطراك، فالغموض يلفها، لأن الإدانة تتجه مباشرة إلى المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي الذي هو الرئيس، لأنه هو من اختار شكيب خليل ليكون وزيرا للطاقة، أما فضيحة الطريق السيّار فكان أخلاقيا استقالة الوزير عمار غول (كان آنذاك وزيرا للأشغال العمومية) أو إقالته من طرف رئيس الجمهورية. والخلاصة والعبرة من هذه القضايا أن الفساد أصبح بالفعل إستراتيجية للحكم، وأي شخص يريد الترشح لمنصب سام في الدولة ينبغي أن يتضمن ملف توظيفه وسيرته الذاتية قضايا فساد وليس الكفاءة، إضافة إلى أن الفساد لا توجد بشأنه إرادة سياسية لمحاربته. كلامكم يعني أن الهيئات الرسمية لمكافحة الفساد لا معنى لها؟ بالله عليك أي دور قامت به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والديوان الوطني لقمع ومحاربة الفساد؟ لا شيء، فقط الاستجابة للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجزائر لمكافحة الفساد. وأريد التوضيح أن القانون 06-01 المؤرخ في 2006 الذي أقر تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لم يطبق ولم يعين أعضاء الهيئة إلا بعد 4 سنوات، أي عام 2010، إضافة إلى أنه يتضمن خرقا قانونيا فاضحا، فالمرسوم الرئاسي المتضمن أسماء أعضاء الهيئة ينص على وجوب كونهم ناشطين في المجتمع المدني، لكن أعضاءهم الفعليين تجدهم وسطهم سفير ودركي وإطارات سامية سابقة في الدولة. أمّا الديوان فهو جهاز صوري لتلميع صورة النظام بالنسبة للخارج، والخطير أن تقارير مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية تورط مسؤولين، لكنها تقارير مصيرها الدفن في الأدراج. الجزائر: حاوره خالد بودية
اختلاس المال العام تحوّل من جناية إلى جنحة في عهد بوتفليقة آفة الفساد استفحلت مع تعدد آليات محاربتها أكثر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال فترة حكمه، من أجهزة وآليات استحدثت بدعوى محاربة الرشوة والفساد في إطار تشريعات جديدة، كان أهمها قانون الوقاية من الفساد في 2006. ومر على انطلاق عمل هذه الأدوات عدة سنوات، دون أن يظهر إن أعدّت تقارير عن مهامها وما إذا ساهمت في التقليل من آفة نهب المال العام. أنشأ الرئيس الآلية الأولى، وهي “الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد” التي تم نصيبها في 2010، وأطلق في نهاية العام الموالي الآلية الثانية، وهي ‘'الديوان المركزي لقمع الفساد''، وكلاهما جاء نتيجة لانضمام الجزائر إلى اتفاقية الأممالمتحدة لمحاربة الفساد في ديسمبر 2006، أي مباشرة بعد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية ثانية. الملاحظ أن إجراءات كثيرة اتخذت على صعيد ما سمي “تعزيز النصوص الهادفة إلى محاربة الفساد”، كمراجعة القانون حول النقد والقرض، وقانون قمع مخالفة القوانين والتشريعات الخاصة بالصرف وحركة رؤوس الأموال نحو الخارج، والقانون الخاص بمجلس المحاسبة، قبل الوصول إلى قانون الفساد. والمثير في هذه الإجراءات التي يفترض أنها تضفي مزيدا من التشدد على المنظومة التي تتناول إعلان الحرب على الفساد، أن جريمة تبديد المال العام واختلاسه، كانت مصنفة جناية تتراوح عقوبة الضالعين فيها من 5 سنوات سجنا إلى المؤبد، بحسب أهمية المال المبدد أو المسروق. غير أنه في ظل قانون الفساد، أصبحت هذه الأفعال مصنفة جنحة تتراوح عقوبتها بين عامين إلى 10 سنوات. وبذلك، فالسلطة التنفيذية (في عهد رئيس الحكومة أحمد أويحيى) التي اقترحت مشروع القانون، والسلطة التشريعية التي صادقت عليه، مسؤولان عن إعادة تصنيف جريمة سرقة المال العام بتحويلها من جريمة تعالج بمحكمة الجنايات، إلى جنحة يفصل فيها قاضي الجنح! وهذا التساهل والتبسيط والتخفيف من خطورة أفعال الاختلاس، كان بمثابة تشجيع على ارتكاب هذا الجرم، وهو ما يفسّر استفحال الفساد منذ صدور القانون المذكور، إذا أصبحت القضايا المحالة على القضاء بالعشرات، وما خفي منها أعظم بكثير. ومن المفارقات أن التشريع الجزائري يتعامل مع مختلس المال على أنه متهم بارتكاب جنحة، بينما من يضرم النار في كومة من التبن هو مرتكب جناية! وقد أثبتت السلطة السياسية التي استحدثت آليات مكافحة الفساد، أنها لا تملك إرادة سياسية لردع المفسدين. وأول دليل على ذلك، طول المدة الفاصلة بين إعلان إنشائها بمراسيم تطبيقية وتنصيبها، زيادة على غياب أي أثر لها في الميدان. هيئة الوقاية من الفساد مثلا، جاء في القانون أنها موضوعة تحت سلطة رئيس الجمهورية، فهل رأى الجزائريون بوتفليقة يستقبل رئيسها إبراهيم بوزبوجن؟ والقانون يقول إنها ترفع تقارير سنوية للرئيس، فهل سمع أحد بأن بوتفليقة تلقى أي شيء من رئيسها، كما يفعل فاروق قسنطيني رئيس لجنة ترقية حقوق الإنسان كل عام؟ ويعطي القانون للهيئة نفسها الحق في إبلاغ النيابة العامة بقضايا الفساد، لكن لا يعرف أبدا إن تم ذلك. أما عن ديوان قمع الفساد الذي يرأسه عبد المالك سايح، فما استحدثته السلطات إلا لكون الفساد أخذ أبعادا خطيرة، وهو من الناحية السياسية اعتراف ضمني بفشل كل الإجراءات والتدابير المتخذة لقطع دابر المفسدين. وعهدت مهام الديوان للشرطة القضائية التابعة للأمن والدرك الوطنيين وللمخابرات، لذلك من الغريب أن يوضع في بداية الأمر تحت وصاية وزارة العدل، إذ كان من المنطقي أن تكون وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع هي الجهة الوصية. وفي النهاية، غيّرت السلطة وصايته، فأصبحت وزارة العدل، من دون أن يثير ذلك رد فعل من نواب البرلمان لمساءلة الحكومة عن سرّ هذا التخبط. الجزائر: حميد يس
الجزائر أصبحت دولة مرجعية في غياب الشفافية وتعطيل الرقابة حسب الأحزاب الفساد يدفع البلاد إلى حالة التفكك والتعفن السياسي لا يضيف تقرير منظمة شفافية دولية الذي يصنّف الجزائر في الرتبة المائة، بتراجع ست درجات عن السنة الماضية، جديدا للطبقة السياسية، التي تعترف، مع تحفظ بعضها على خلفية التقارير الدولية، بوجود الفساد وانتشاره في مستويات متعددة في الدولة. يعتبر رئيس حزب “فجر جديد”، الطاهر بن بعيبش، أن تقرير منظمة شفافية دولية هو توصيف يكرّس وجود الجزائر في مراتب مؤسفة في ترتيب الشفافية وتسيير المال العام، ويذهب بن بعيبش في تصريح ل”الخبر” إلى أبعد من ذلك، حين يؤكد بأن الفساد في الجزائر أفقد الدولة توازنها الداخلي، والأخطر أنه يتوجه بالبلاد إلى حالة من التعفن السياسي والتفكك، بدليل حالة التوترات المستجدة في أكثر من منطقة ولأسباب تصب كلها في خانة سوء تسيير المال العام ومقدرات البلد والفساد الإداري، ويشير رئيس حزب “فجر جديد” إلى أن الجزائر أصبحت دولة مرجعية في غياب الشفافية في إدارة المال العام وانتهاج سياسات اقتصادية خارجة عن أي أطر للرقابة، بفعل تعطيل كل مؤسسات الرقابة، بما فيها البرلمان. وبالنسبة لحركة مجتمع السلم، فإن تدفق عائدات النفط في مرحلة سابقة في مقابل تعطيل كل آليات الرقابة، وغموض تسيير صندوق ضبط الإيرادات، وضعف رقابة البرلمان على موازنات الحكومة، أحدث ثغرة كبيرة سمحت بتفشي الفساد. ويقول رئيس الحركة عبد الرزاق مقري إن أي تقييم يعتمد المعايير الدولية في تقييم حوكمة البلاد الممسوكة بعائدات النفط، ينتهي إلى وضع الجزائر ضمن الدول الأكثر فسادا، لافتا إلى أن الفاسدين الكبار وجدوا أخيرا فرصا لتهريب أموال الفساد التي استولوا عليها إلى الخارج، عبر تشريعات بنك الجزائر وبشكل مقنن. في المقابل، لا يأخذ حزب العمال مضمون تقرير شفافية دولية بصورة جدية، ويعتبر أن المنظمة التي تصدره، وعلى غرار باقي الهيئات الدولية التي تصدر تقارير مماثلة في قضايا أخرى، معروفة بكونها لها خلفية سياسية ممولة من قبل قوى غربية ومطعون في مصداقيتها. لكن العضو القيادي في الحزب رمضان تعزيبت، لا يعتبر التشكيك في منظمة شفافية دولية وتقاريرها، إنكارا لواقع الفساد المالي والسياسي المستشري في البلد، ويؤكد تعزيبت في تصريح ل”الخبر” أن الجزائر تعاني الفساد في مستويات متعددة في الدولة، هو فساد ناتج عن خلط المال بالسياسة، والإبقاء على ميكانيزمات إدارة شؤون الدولة بالطرق نفسها التي كانت خلال حكم الحزب الواحد. ويعتبر أن استشراء الفساد، أبرز دوافع حزب العمال للمطالبة بإصلاح سياسي شامل يعيد تفعيل مؤسسات الرقابة ويكرس استقلالية القضاء ويؤسس للجمهورية الثانية. وتختلف مواقف الأحزاب السياسية في تقارير منظمة شفافية دولية، لكنها لا تختلف في تقييمها لوجود فساد مالي وسياسي غير مسبوق في الجزائر، يزيد من حجم مخاطر تفكك الدولة، ويضعها على جانب من الهشاشة في مواجهة التحديات الداخلية نتيجة بطء التحولات الاجتماعية والاقتصادية، والخارجية المتأتية من التوترات الإقليمية والابتزاز الغربي. الجزائر: عثمان لحياني
رئيس “الجمعية الوطنية لمحاربة الفساد”، جيلالي حجاج، ل”الخبر” “التقرير لم يفاجئنا وسمعة الجزائر ساءت دوليا” قال رئيس “الجمعية الوطنية لمحاربة الفساد”، جيلالي حجاج، إن الترتيب الجديد للجزائر ضمن مؤشر “الشفافية الدولية”، “لا ينم عن مفاجأة”، وأكد أن درجة 3.6 من العشرة التي تحصلت عليها الجزائر”ضعيفة جدا لا تعكس خطابات مكافحة الفساد”. أورد بيان للجمعية، عقب نشر “شفافية دولية” تقريرها السنوي حول مؤشر الفساد، أمس، أن “ترتيب الجزائر في المرتبة 100 وتلك الدرجة التي تحصلت عليها ليست مفاجأة”، حيث رتبت الجزائر في نفس الحيز تقريبا مقارنة مع العام الماضي (المرتبة 94)، وسجلت تراجعا بست مراتب، وأفادت الجمعية أنه “في الجزائر تستعمل كل الوسائل لتحييد أي مبادرة لمكافحة الفساد”، كما أكد رئيسها، جيلالي حجاج في بيانه “ليس فقط، الجزائر لم تسجل أي تطور في مكافحة الفساد، ولكن الأخطر أن الإرادة الوحيدة للسلطة تكمن في أنها تكبح أي مبادرة جادة لمحاربته”. وأوردت الجمعية أن التشريعات السيئة التي سنت ضد الفساد، والتي لم تطبق أصلا، وتواطؤ العدالة وأجهزة مكافحة الفساد المعطلة وهيئات المكافحة المعوقة، والتضييق على النشطاء المنددين بالفساد، أدوات السلطة في كبح مكافحة الفساد، الذي أصبح جهازا لديها، يستعمل على كل الأصعدة”، وذكرت الجمعية “التعاملات التجارية الدولية، التي أخضعت الجزائر لقوة الفساد بصفة آلية”. وذكرت الجمعية أن “الجزائر تحصلت في مؤشر العام الماضي على درجة 3.6 من 10، وجاءت في المرتبة 94، مقابل درجة 3.4 من عشرة عام 2012”، وأشار إلى أن “الجزائر كانت موضع عشرة تحقيقات لمنظمات دولية مستقلة، وتوصلت تلك التحقيقات إلى نفس النتائج”، معتبرة أن “مؤشر عام 2014 اعتمد على 12 متغيرا، منها مدى تطبيق التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد ومدى الوصول إلى المعلومة، وكذلك صراعات المصالح”، ووجهت الجمعية نداء للمجتمع المدني ووسائل الإعلام، بعدم تفويت مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي تحييه الأممالمتحدة، يوم التاسع من الشهر الجاري، بعنوان “كسر سلسلة الفساد”. وقال حجاج ل”الخبر” أمس” إن “سمعة الجزائر شوهت في الخارج، بتلازم معطيات مختلفة من بينها تبني مسار ديمقراطي هش، ورداءة السياسات المتبعة من قبل من هم في السلطة، وانتهاكات حقوق الإنسان، وانتشار رقعة الفقر وانتهاكات حقوق المعارضة والحقوق النقابية”، ويرى حجاج أن “الجزائر تشهد تقهقرا في التنمية الاقتصادية، مقابل انتشار الفساد في العديد من الولايات”. وقال المتحدث إن “ممارسات الفساد توسعت إلى كافة القطاعات”، لأن هناك “تسهيلات من قبل السلطات العمومية التي تعمل بمنطق.. دعها إنها مأمورة”، كما أن ذات السلطات “أفرغت قانون الصفقات العمومية من مضمونه، من خلال منح الصفقات بالتراضي”. وكذلك، “التحايل على قانون التصريح بالممتلكات”. الجزائر: محمد شراق
التنسيقية ترفض استعمال الجيش كغطاء لفشل السلطة في تسيير الشأن العام “زمن تخوين واتهام الرأي المخالف بالفوضى قد ولى”
أفادت التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي بأن “زمن رمي الرأي المخالف بالتخوين والبلبلة والفوضى والطعن في الوطنية قد ولى، خصوصا أن الشعب الجزائري قد بلغ قدرا كافيا من النضج والوعي يجعله هو المخول الوحيد للفصل في القضايا السياسية التي تهمه”. وذلك ردا على تصريحات نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني، الفريق أحمد ڤايد صالح. التقى قادة التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، أمس، بمقر حركة النهضة، في لقاء خصص لمناقشة الوضع العام في البلاد، لاسيما تصريحات نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي حول الوضع السياسي في البلاد وتجاذبانه، خصوصا حول لقاءات مع شركاء الجزائر بالخارج، وما تعلق بمطلب تأسيس هيئة مستقلة دائمة لتنظيم الانتخابات والذهاب إلى انتخابات رئاسية مسبقة. وقال بيان توّج اللقاء، تسلمت “الخبر” نسخة منه، إن “الجيش الوطني الشعبي هو مؤسسة جمهورية مهامها محددة في الدستور، تتمثل في الدفاع عن الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية، ووحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي، ومختلف مناطق أملاكها البحرية، ومن واجب الجميع، سلطة ومعارضة، الحفاظ على هذه المؤسسة الدستورية، والعمل على تقويتها، ومد السند لها، وليس إدخالها في تجاذبات سياسية بين أبناء الشعب الجزائري ومكوناته”. وذكر البيان أن “الوضع الدولي والإقليمي المضطرب على الحدود الجزائرية، وما يحاك من مؤامرات خارجية على الجزائر لإنهاك القدرات العسكرية للجيش الوطني الشعبي، وابتزاز الثروات الوطنية، يتطلب من المؤسسة العسكرية التفرغ كليا لمهامها والعمل على عصرنتها، والابتعاد عن التجاذبات السياسية”. ورفض قادة التنسيقية “استعمال المؤسسة العسكرية كغطاء لفشل السلطة في تسيير الشأن العام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني وقمع الحريات الفردية والجماعية وتعطيل عملية الانتقال الديمقراطي السلمي والهادئ”. وأشار أصحاب البيان إلى أن “الشعب الجزائري يدرك جيدا أن جل الانتخابات التي مرت به، كانت مزوّرة وتم استعمال الأسلاك النظامية فيها وعلى رأسها الجيش بطرق غير قانونية، لدعم خيار السلطة الحاكمة الفاقدة للشرعية الشعبية، وهو ما أكدته مختلف التقارير الرسمية للجان المراقبة الوطنية، وأن التمادي في رفض السلطة تأسيس هيئة وطنية مستقلة دائمة لتنظيم الانتخابات، هو دليل واضح على أن تزوير إرادة الشعب هو سيد الموقف”. الجزائر: خالد بودية