صنفت الجزائر حادثة حجز طائرة جزائرية في بروكسل اعتداء على السيادة وعلى رمز من رموزها الوطنية، واستدعت وزارة الخارجية الجزائرية سفيريها في بلجيكاوهولندا إلى الجزائر للتشاور بشأن حادثة حجز ومنع إقلاع طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية من مطار بروكسل من قبل السلطات البلجيكية، تنفيذا لقرار قضائي، على خلفية نزاع قائم بين الجوية الجزائرية والشركة الهولندية “كا إير بي في” المملوكة لرجل أعمال هولندي من أصول جزائرية يدعى حميد قربوعة. واعتبرت وزارة الخارجية أن حجز الطائرة الجزائرية، التي كانت تضمن الرحلة رقم “أش 2063” من الجزائر العاصمة نحو بروكسل يوم 12 ديسمبر، ومنعها من الإقلاع مجددا من مطار بروكسل باتجاه الجزائر، هو قرار غير مقبول وسلوك يتجاوز الأعراف الدبلوماسية. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، في تصريح ل«الخبر”، إن “القضية، وبغض النظر عن بعدها القضائي كنزاع تجاري بين شركتين، إلا أنها تكتسي طابعا سياسيا، باعتبار أن الطائرة الجزائرية تعد في الأعراف الدبلوماسية الدولية رمزا من رموز الجزائر والسيادة الوطنية”، ولفت إلى أن “استدعاء الجزائر سفيريها في بروكسل ولاهاي هو مستوى متقدم من الاحتجاج الدبلوماسي، وإشارة واضحة نود أن يفهمها الأوروبيون بوضوح على عدم استساغة الدولة الجزائرية للسلوك وحجز الطائرة الجزائرية”. ولفت نفس المصدر إلى أن الحكومة الجزائرية “تعتبر أنه كان يمكن للحكومة البلجيكية اتخاذ تدابير لمنع وقوع هذا الحادث الذي له تداعياته الدبلوماسية، باعتبار أنه لم يكن قد تم استنفاد الإجراءات القانونية”، في إشارة إلى أن النزاع القضائي بين الشركتين مازال مطروحا أمام محكمة التحكيم الدولية. وشرح بيان سابق للخطوط الجوية الجزائرية تفاصيل النزاع بين الشركتين، بشأن عقد لبيع طائرات خارج الخدمة موقع بينهما بتاريخ السادس جويلية 2008، لكن الشركة الهولندية “كا إير بي في”، التي لم تف بالتزاماتها المتفق عليها في العقد، والتي تم إعذارها، باشرت، في 17 مارس 2011، إجراءات تحكيم لدى المحكمة الدولية التي أصدرت، بتاريخ 31 مارس 2014، قرارا ضد الجوية الجزائرية التي لجأت إلى الطعن لإلغاء القرار، لكن الشركة الهولندية لجأت إلى العدالة البلجيكية التي قامت بحجز الطائرة الجزائرية. وأكد المسؤول في الخارجية الجزائرية أنه تم في الوقت نفسه استدعاء سفير بلجيكا في الجزائر إلى مقر الخارجية، لإبلاغه احتجاج الجزائر الرسمي على تصرف الحكومة البلجيكية مع الطائرة الجزائرية، باعتبارها رمزا من رموز الدولة والسيادة الجزائرية، كما تم استدعاء سفير هولندا للغرض نفسه. وعاد المسؤول الجزائري إلى حادثة التعامل العنيف للشرطة البلجيكية مع رعية جزائري كانت بصدد ترحيله إلى الجزائر. وقال إن الخارجية فتحت تحقيقا في الملف وطلبت رسميا توضيحات من الحكومة البلجيكية بشأن الواقعة، مشيرا إلى أنه “لا يمكن القبول، تحت أي مبرر كان، بهكذا سلوك مع رعايا أو مصالح جزائرية في أوروبا والخارج”. ولم تعلن الخارجية عن موعد عودة السفيرين الجزائريين إلى بروكسل ولاهاي، وهذه من المرات النادرة التي لجأت فيها الحكومة الجزائرية إلى هذا الإجراء كشكل من أشكال الاحتجاج الدبلوماسي مع دول أوروبية. ويفسر الغضب الرسمي الجزائري من حادثة بروكسل، توقيتها المتزامن مع بروز تصريحات متشنجة من قبل برلمانيين أوروبيين ضد الجزائر، وصفهم وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الأسبوع الماضي، ب«الأوروقراطيين”. وبالنسبة لوزارة الخارجية، فإن حادثة حجز الطائرة الجزائرية لا تنفصل عن السياقات السياسية، أو الرغبة في امتحان قدرة الجزائر على الرد الدبلوماسي، مع المتغيرات التي طبعت السياسة الخارجية للجزائر المستفيدة من مركز القوة وثقل الاستقرار الذي تمثله في خريطة التوترات الأمنية في منطقة شمال إفريقيا والساحل المقابلة لأوروبا، ومكمن الأمن الطاقوي لأوروبا في ظل الأزمة النفطية العالمية.