في مفاجأة غير متوقعة، تقدم دفاع عبد المومن خليفة بشكوى رسمية إلى النائب العام بمجلس قضاء البليدة، ضد محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، ونائبه محمد تواتي والمتصرف الإداري السابق محمد جلاب، والمصفي القضائي منصف بادسي، لما قال محاميه إنها وقائع يجرم عليها القانون ارتكبها هؤلاء المسؤولون أثناء تعاملهم مع بنك خليفة. شن مروان مجحودة، محامي عبد المومن خليفة، هجوما لاذعا على المسؤول الأول عن بنك الجزائر ونائبه وأعضاء اللجنة المصرفية، على خلفية كل ما تعلق “بعمليات الرقابة التي تمت ببنك خليفة من قبل لجان التفتيش التابعة لبنك الجزائر، وصولا إلى قرار تجميد التجارة الخارجية للبنك خلال سنة 2002 وسحب اعتماده وانطلاق التصفية لاحقا”. الدفاع يستغرب تنصيب جلاب يوم زيارة شيراك وقال مجحودة إن “تجاوزات قانونية عدة ارتكبت من قبل الأشخاص المشار إليهم” تقتضي متابعتهم قضائيا. وأشار إلى أن حل بنك خليفة لم يتم بعد وهذا يعني أن كل ما تعلق بالعمليات غير القانونية التي تتعلق به يمكن أن تتم مراجعتها جزائيا، في إشارة إلى أن رفض الشكوى المحتمل من النيابة العامة بسبب “عنصر التقادم المرتبط بتك الأفعال” ليس مبررا. وعاد مجحودة إلى فترة المتصرف الإداري، محمد جلاب، وهو وزير المالية السابق أيضا، معتبرا أنها كانت مسبوقة بنية تصفية البنك. مستغربا تزامن تنصيب المصفي مع زيارة الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، إلى الجزائر في 3 مارس 2003. ولم يقم جلاب، وفق ما ذكر المحامي، بتقديم جرد للودائع التي وجدها في البنك، وبقي يعمل لمدة شهر ثم أرسل تقريرا لا يتحدث فيه إلا عن عرض عام للبنك. وأضاف مجحودة أن جلاب قال إنه وجد 4 ملايير دينار جزائري حولها إلى صندوق البنك المركزي، ثم اكتشف ثغرة مالية بناء على كتابات مصرفية عالقة، في إشارة إلى 11 إشعارا التي كانت بالخزينة الرئيسية بالشراڤة بقيمة 3,2 مليار دينار، لكن كل ذلك لا أساس له في نظر مجحودة، لأن هذه الكتابات “المزعومة” لا تحمل أبدا رمز الخزينة الرئيسية. “بادسي غلّط المحكمة والملايير ضاعت في عهده” ثم انتقل مجحودة إلى المصفي منصف بادسي الذي اتهمه بالإخلال بواجباته وسوء تسيير البنك، ووصف فترته ب”الخيانة العظمى”، مستعرضا تقريرا لمصالح الدرك الوطني حيث تم تحرير تقرير يوم 12 جويلية 2005، ووجه إلى وكيل الجمهورية بالشراڤة، ينص على وجود خروقات ضد مصفي بنك خليفة منصف بادسي. وأبرز أن التقرير ينص على معاينة تصرفات مشبوهة للمصفي على حساب بنك خليفة، على غرار إجراء عملية مقاصة بين شركة “دبروشيم” و”أن في أس” بقيمة 800 ألف دولار، وتعدى ذلك بأن شهدت فترة المصفي الذي عين لإدارة شؤون البنك والحفاظ على عقاراته، سرقة 8 ملايين دينار جزائري كقيمة لعقارات ومنقولات كانت بمرآب خليفة للإعلام الآلي. واتهم المحامي المصفي بادسي ب”تزوير” الحقائق أمام المحكمة، في حديثه عن عملية استيراد محطات تحلية مياه البحر، إذ قال إن الأموال ضاعت وأن الفاتورة مزورة، لكن في التقرير الذي أعده، يؤكد بادسي، حسب محامي خليفة، أن هناك 3 محطات توجد بأثينا ورومانيا وهي في طور الإنجاز، وهناك مبلغ متبق لم يتم دفعه من أجل الاستلام. وخاطب المحامي القاضي قائلا: “نؤكد لكم أن بادسي حاول تغليطكم وأن مبلغ 13 مليون أورو كان بالنسبة للمحطتين اللتين تم استقدامهما من طرف عبد المومن، ومبلغ 26 مليون أورو دفع من أجل جلب المحطات الثلاث المتبقية، فيما لم يشر المصفي إلى المبالغ المسترجعة من عملية بيع هذه المحطات وهو مسؤول عن ذلك”. وواصل مجحودة هجومه على بادسي بالقول إن “المصفي تحدث عن وجود ثغرة مالية في 2005 بقيمة 7700 مليار سنيتم، وبعد مرور 10 سنوات لم تتقلص بل ارتفعت إلى 10400 مليار سنتيم، على حساب خليفة. هذا تبديد وخيانة. كيف نفسر ذلك؟ إنه أمر غير معقول يا سيدي القاضي !”. “نلتمس البراءة لعبد المومن”! واعتبر المحاميان مروان مجحودة ونصر الدين لزعر الذي رافع بعده، أن التهم المتابع بها موكلهما والمتعلقة “بتكوين جمعية أشرار والسرقة الموصوفة بظرف التعدد والنصب والاحتيال والرشوة واستغلال النفوذ والإفلاس، عن طريق التدليس والتزوير في محرر رسمي واستعمال المزور”، غالبيتها غير مؤسسة وتتعارض مع مواد القانون الجزائي نفسه. ومن بين الأدلة التي ساقها الدفاع خلال مرافعته، أن ما تعلق بعدم تحرير رأسمال البنك والمقدر ب 12,5 مليار لا يعني عبد المومن خليفة، إنما كان يعني المسير الذي كان قبله وهو علي قاسي. واعتبر الدفاع أن تصريحات الشهود التي أفادت بإعطائه أوامر شفهية لسحب أموال باسمه أو عن طريق قصاصات ورقية، لم يتم التأكد منها عن طريق أي خبرة. وطالب المحاميان المحكمة بعدم الأخذ بها لتشكيل قناعتها. وجاء التماس دفاع عبد المومن خليفة، في الأخير، ببراءة المتهم من كل ما نسب إليه.