وصف الإعلام الفرنسي، أمس، الفريق محمد مدين، المدعو توفيق، بالرجل الأقوى في المغرب العربي والجزائر، الذي بفضله انتصرت الجزائر على الإرهاب الذي عانت منه في تسعينيات القرن الماضي. وقال المؤرخ بيار فيرميران، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة باريس 1 والخبير في الشؤون المغاربية، في مقابلة أجرتها معه جريدة “ليبراسيون”، إن جهاز الدياراس لن يكون بعد اليوم بين يدي رجل واحد مثلما كان عليه الشأن طيلة 25 سنة الماضية. بالنسبة لذا المؤرخ، فإن الفريق توفيق هو أهم وأقوى رجل مخابرات في منطقة المغرب العربي والجزائر خلال ربع القرن الماضي، باعتباره هو من قاد الحرب على الإرهاب ثم بتأثير أقل، تصدى ل”الربيع العربي”، أن يترك مكتبه يعتبر حدثا هاما. ويربط بين إحالة توفيق على التقاعد بزيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر في منتصف جوان الماضي، مقدرا بأن “قرار تنحية توفيق كان يستوجب التحضير له بشكل جيد”. وبرأيه، فإن العلاقة بين بوتفليقة وتوفيق لم تكن على ما يرام وازدادت سوءا منذ 2010 بعدما بدأ جهاز الدياراس حملته ضد وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، بعد علاقة منسجمة بينهما منذ 1999، مشيرا إلى أن هناك بعض الآراء القائلة بأن هذا الرحيل مرده صراع في أجنحة السلطة.
ويضيف فيرميران أن “وجود الدياراس تحت إشراف رئاسة الجمهورية سيريح الرئيس بوتفليقة والمقربين منه وبالأخص الرجل الذي سيخلفه”، معتبرا أن “لا أحد في السلطة الجزائرية كان يريد تفكيك هذا الجهاز العملاق، ولكن من الناحية الاستراتيجية كان من الأفضل عدم إسناده إلى شخص واحد، على اعتبار أن ذهاب “التوفيق”، من الواضح جدا، أنه مرتبط أكثر بعامل السن (76 سنة)”. ولا يستبعد ذات المتحدث فرضية أن يكون توفيق “قد شارك في سيناريو تنحيته، من باب عدم ثقته في خليفته أو خلفائه”، غير أن “الواقع بعد التغيير يشير إلى أن توفيق رحل وأن مصالح الأمن الجزائرية منقسمة، وهو ما يتطابق مع أمنيات الرئيس بوتفليقة، وعلى الأقل من يشدون على عضده ويقفون إلى جنبه، بداية بشقيقه السعيد”.