كل الناس تعرف أن تهديد مدني مزراڤ للرئيس بوتفليقة له ما يبرره، فكل الناس تعرف أن اتفاق مسلحي الجيش الإسلامي للإنقاذ كان مع الجيش وبالتحديد مع ضباط (D.R.S) وكان ذلك قبل مجيء بوتفليقة للحكم... والعملية تمت في عهد زروال... ومن الأسباب التي جعلت زروال يغادر الحكم هو أنه رفض أن يعطى الغطاء السياسي لاتفاق (A.I.S) والديياراس. وأصر على أن يبقى الاتفاق في حدود اتفاق بين مسلحين من السلطة ومسلحين من الفيس، ولا يعطى للاتفاق أي تبعات سياسية. لكن مجيء بوتفليقة للحكم وتحمسه للزعامة وحل معضلة العنف في البلاد دفع به إلى إعطاء الغطاء السياسي للعملية وحتى الغطاء القانوني، ولكن جماعة الديياراس... كانت دائما تعتبر الاتفاق مع مزراڤ عبارة عن اتفاق عسكري استسلامي ولا توجد له أية آثار سياسية أو قانونية، وأن التغطية السياسية والقانونية التي أعطاها الرئيس للعملية هي عملية استهلاكية للرأي العام الدولي والوطني... وتغطية لظهور المسلحين في الفيس أمام قاعدتهم الشعبية ليس إلا. لهذا، فإن الحديث عن مآلات سياسية وقانونية للاتفاق كما تطالب بذلك جماعة مزراڤ هو مجرد تفسير لأحلام اليقظة.! ما كان لمزراڤ أن يقول للرئيس بوتفليقة ما قاله في قناة “الوطن” لو لم يكن أحس بأن الرئيس بوتفليقة رجله في الركاب أو أنه في حالة لا يمكن أن يتخذ فيها أي إجراء ضده. محيط الرئيس ارتكب خطأ فادحا عندما استدعى مزراڤ للتشاور حول الدستور... وهو الإجراء الذي فهمه مزراڤ على أنه بمثابة الضوء الأخضر ممن دعوه لأن ينتقل من حالة المطالبة إلى حالة ممارسة السياسة. لكن مزراڤ ارتكب خطأ قاتلا عندما مارس حقوقه السياسية بوسائل أمنية وليس بوسائل سياسية عندما عقد الاجتماعات في الولايات وخارج القانون وبحراسة أمنية ورعاية أمنية وضد الإرادة السياسية لمن أعطاه الغطاء السياسي قبل 15 سنة.! يبدو أن مزراڤ بتهديده للرئيس فهم خطأ المعركة الجارية بين (D.R.S) والرئيس، واعتبر أن الظروف التي يمر بها الرئيس في علاقته بالمؤسسة العسكرية وحالته الصحية، يمكن أن تكون هذه الظروف مناسبة لأن يمارس فيها مزراڤ ضغطه لتحقيق المكاسب السياسية التي ظل يطالب بها منذ 15 سنة... لكن الواقع يقول: إن مزراڤ قام بإجراء قراءة خاطئة مرة أخرى مثلما كانت قراءته خاطئة قبل 15 سنة، عندما صدق بأن الاتفاق الأمني يمكن أن يكون سياسيا، وقد يكون هذا هو آخر الأمر. [email protected]