كيف يتم معالجة الأمر الدولي للقبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي زار الجزائر مؤخرا، وهل من دور للبرلمان الإفريقي في تسوية أزمة دارفور؟ البرلمان الإفريقي أول جهة أرسلت وفدا وقام بإعداد تقرير عن دارفور، أكدت من خلاله بأنه لا يوجد مشكلة، وما يقال عن دارفور حول شبهة التصفية الجسدية والقتل الجماعي افتراءات، وإنما يتعلق الأمر بأزمة بسيطة صعدها الاستعمار والأطراف التي لا تريد الخير للسودان، ولا تريد أن يكون السودان مستقرا، فحينما زار البرلمان دارفور عبر مجلس التعاون كان تقريره إيجابيا، فالأمور عادية في دارفور ولا توجد أي معارك، وكل الانتخابات جرت بصورة عادية هناك، ولم تستثن أي دائرة انتخابية، وهذا يؤكد بأن الوضع مستتب، وقد أعلن الرئيس عن عفو عام شمل كل المعارضين حتى الذين حملوا السلاح، وذلك في إطار ترتيب الحوار، وحتى المعارضون السياسيون طلقاء الآن وهم أحرار، لكن نحن نمر الآن بمرحلة خطيرة وحساسة وأساسية، هناك حوار شامل يشارك فيه أكثر من 1400 سوداني يمثلون 90 حزبا وحركة مسلحة أتوا جميعا، وافتتح الرئيس الجلسات لتكون السودان دولة مستقرة، القرار الذي يخرج به أطراف الحوار سيكون ملزما للدولة أيا كان، إلا من لا يريد الخير للسودان ويرفض المشاركة في الحوار، فنحن لا ننتظر أحدا. وأرى أن ما أثارته محكمة الجنايات الدولية قد تخطاه الزمن، والرئيس البشير جعل منها أضحوكة، حيث زار العديد من دول العالم بما فيها الصين، وسيذهب إلى الهند أيضا، وقبلها الجزائر، يعني أننا ننطلق من منطلق قوة وليس من ضعف، والمحكمة لم تبن على أسس عادلة سليمة، وهي تكيل بمكاييل مختلفة، وتقصد أساسا زعماء إفريقيا، ولكن لماذا يحاكمون السودان ولا يذهبون إلى أمريكا وإسرائيل؟ لكن نحن لن نلتفت لهذه المحكمة لأننا نعتبر بأنه لا قرار لها ولا عفو لها، بل هي محكمة استعمارية نُصبت بواسطة الاستعمار، وقد أجمعت البلدان الإفريقية ال54 المشاركة على رفض المحكمة، لأنها أتت لتحاكم الأفارقة فقط، ونعتقد بأن الجزائر بلد صديق، وقد دعت لزيارة الرئيس، ومن يدعو الرئيس فهو في حماية هذه الدولة وحصانتها. قامت لجنة تقصي الحقائق الإفريقية بزيارة للسودان لدراسة الوضع ما بين الشمال والجنوب السوداني، وتقديم تقرير بهذا الشأن. هل كان للتحركات الإفريقية أثر إيجابي؟ وإلى ماذا آلت إليه الأمور؟ ❊ اللجنة فعلا زارت السودان وقدمت تقريرا إيجابيا، ودحضت كل الافتراءات عن جنوب السودان، وأكدت غياب أي تفرقة عنصرية، والبرلمان الإفريقي لم يتحدث عن السودان لأنه مستقر، بل تحدث عن جنوب السودان الذي أضحى بعد الانفصال يواجه مشاكل عديدة، إذ أضحوا يتقاتلون فيما بينهم، وفقدوا كل مقومات الدولة، فقد حرقوا آبار البترول، وعدد القتلى في النزاعات داخل جنوب السودان أكثر ممن قتلوا خلال خمسين عاما، ونرى أن الحل لن يكمن في المحكمة ولا في عسكرة المنطقة.. وضعوا جيشا يتقاتل، وقد اعترف تقرير صادر عن الكونغرس الأمريكي بالأخطاء المرتكبة في تقدير الوضع في السودان، وبالتضليل الممارس من قبل عناصر داخلية بشأن تصوير الوضع فيه، وقد رسمت الخطة على إسقاط نظام الرئيس البشير عن طريق الانتفاضة الشعبية، إلا أن النتائج جاءت عكسية، حيث احتفل الشمال بالانفصال، بينما سقط الجنوب في النزاعات الدامية والصراع القبلي، مع الاعتراف بتعامل النظام السياسي السوداني بواقعية مع الحكومة الأمريكية. احتضنت الخرطوم اجتماع لجنة التعاون وفض النزاعات للبرلمان الإفريقي. ما هي دلالات ذلك؟ وهل لذلك علاقة بقضايا مثل الأمر بالقبض الدولي على الرئيس البشير؟ لقد صدر قرار في الاجتماع المذكور يرفض إيقاف البشير تحت أية تهمة، لأن ما وجدوه في الخرطوم عكس ما تصفه المحكمة، واللجنة بقيت 3 أيام ومُنحت الحرية المطلقة من أجل أن يزوروا أي مكان، وتحولوا في الخرطوم وتحدثوا مع المواطنين ووقفوا على واقعهم ومشاكلهم، وخلص تقريرهم إلى أن ما يقال عن السودان إشاعة، والإعلام الغربي هو الذي يروج لذلك. وأعتقد أن زيارة البرلمان الإفريقي كانت إيجابية، وخلاصة التقرير الذي تم إعداده أن السودان بلد آمن وليس هناك صراعات إثنيه وقبلية. هناك من يعتبر أن خطابات البرلمان الإفريقي حادة مقارنة بهيئات أخرى. فهل يمكن أن يكون لها أثر في مسار يراد منه إخراج القارة السمراء من التهميش والفقر والنزاعات؟ إفريقيا تريد إخبار العالم بأنها تنمو وبها كافة الثروات وبأنها طموحة، لكن الاستعمار لا يريد أن يتركها لأن ما يوجد في إفريقيا لا يوجد في مناطق أخرى، ويسعى بالتالي إلى استغلالها. الأفارقة يتوقون للاستقلال الذاتي وأن يُسمعوا صوتهم للعالم، ونحن في البرلمان نشرِّع من أجل أن يستغل المواطن الإفريقي موارده التي نهبت من قبل، ويضمن حريته وكرامته، وأعتقد أن الرسالة القوية يجب أن تصل بهذا الشكل إلى العالم، فإفريقيا ضد محكمة الجنايات الدولية وضد الفقر والتهميش والتسلط الاستعماري الجديد الذي يريد الهيمنة، إفريقيا تريد مواجهة اللاعدل السائد في العالم، وهذه الرسائل مهمة وقد خرجت من هذا البرلمان.