باتت كتلة حركة النهضة في البرلمان التونسي الأقوى بعد إعلان 32 نائبا في البرلمان استقالتهم من كتلة الحزب الحاكم نداء تونس، وسط توقعات بتأزم الانشقاق داخل الحزب، خاصة بعد فشل مؤسسه الرئيس السبسي في حل الخلافات الداخلية. أعلن 32 نائبا في البرلمان التونسي تجميد عضويتهم في حزب نداء تونس وانسحابهم من كتلة الحزب في البرلمان، على خلفية الانشقاق الحاصل داخل الحزب الحاكم، بين شقين، الأول يمثله المكتب التنفيذي بقيادة الأمين العام محسن مرزوق، والشق الثاني تمثله الهيئة التأسيسية التي يقودها حافظ السبسي، نجل الرئيس الباجي قايد السبسي، وأعلن النواب المستقيلون، أبرزهم محمد بوقرة الراشدي، بشرى بلحاج، حميدة الصحبي بن فرج ومحمد الناصر جبيري ومحمد الطرودي، في ندوة صحفية عقدوها أمس، أنهم أودعوا عريضة رسمية لدى مكتب مجلس النواب، يعلنون فيها استقالتهم الرسمية من كتلة حزب نداء تونس، تمهيدا لتشكيل كتلة جديدة مستقلة. وقال النائب المستقيل من الحزب محمد الطرودي إن المجموعة المستقيلة والمحسوبة على الأمين العام محسن مرزوق “لا تريد أن تتحول إلى شهود زور على خيانة عهود الناخبين الذين صوتوا للحزب واختطافه لصالح جهات تعمل لصالح حسابات سياسية ضيقة”، مشيرا إلى أن “كل المحاولات السابقة للتوافق بين الأطراف المتنازعة في الحزب باءت بالفشل بفعل إصرار الطرف المحسوب على حافظ السبسي على الخروج على كل تفاهم يتم إنجازه”. لكن النائب محمد الطرودي يضع أزمة الحزب في سياق صراع سياسي مع حزب آخر، إذ يوجه اتهامات إلى حركة النهضة بدفع حافظ السبسي، نجل الرئيس السبسي، للسيطرة على الحزب، بفعل التقارب الحاصل بين النهضة ونجل السبسي.
وبحسب المحلل السياسي التونسي منذر بضيافي، فإن “إعلان 32 نائبا الاستقالة من حزب نداء تونس يضع كتلة حركة النهضة في المرتبة الأولى في البرلمان، ويفقد حزب نداء تونس الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها منذ الانتخابات التشريعية التي جرت السنة الماضية”. لكن بضيافي “لا يتوقع أن يؤثر هذا في الاستقرار الحكومي، بما يعني أن حكومة الحبيب الصيد سوف تستمر ولن تسقط، بعدما أعلن راشد الغنوشي في وقت سابق عن دعمه للرئيس الباجي قائد السبسي ولرئيس الحكومة”، في إشارة إلى أن التفاهمات السياسية التي تمت بين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والرئيس باجي قايد السبسي في لقاء جمعها في قصر الرئاسة قبل أسبوع، انتهت إلى منح الغنوشي ضمانات للسبسي بعدم انقضاض النهضة على الحكم والحكومة، بالرغم من أن السبيل إليها بات مفتوحا، إذ يمكن لكتلة النهضة التي صارت الأكبر، طلب جلسة رقابة نيابية على الحكومة ورفع الثقة عنها، لتصبح الحكومة في حكم المنتهية عهدتها. وأخفق الرئيس السبسي في التوفيق بين شقي الحزب اللذين تطور الصراع بينهما إلى العنف، خلال اجتماع عقد في مدينة الحمامات قبل أسبوع، شهد استعمال الهراوات والعصي والضرب بين النواب والقياديين من الطرفين باستعمال عدد من “البلطجية” استقدموا لهذا الغرض، وزاد هذا الوضع من حالة الإحباط التي يعيشها الشارع التونسي، نتيجة الصراعات السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة بعد ضرب السياحة في أعقاب الهجوم الإرهابي في سوسة جوان الماضي، وكذا إخفاق حكومة الحبيب الصيد على حل مشكلات تعطل عجلة الاقتصاد وخفض مستويات البطالة.