انطلقت عملية القرض السندي، أمس، رسميا، لتستمر إلى غاية 17 أكتوبر المقبل، أي على مدار 6 أشهر تجمع أثناءها الهيئات المالية المخولة أموال المكتتبين من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من أجل تمويل المشاريع الاستثمارية، المسطرة في البرامج الحكومية والمهددة بالإلغاء أو التجميد، جراء عدم قدرة الخزينة العمومية على تغطية نفقاتها بسبب تراجع المداخيل الوطنية واستمرار أزمة أسعار النفط. القرض الذي تطلق عليه وزارة المالية “القرض الوطني للنمو الاقتصادي”، لتؤكد بأنّ العملية تخص جميع الشرائح، كونه وطنيا وموجها للمشاريع الاستثمارية دون سواها، يعتبر امتحانا حقيقيا للحكومة بشكل عام، لاسترجاع ثقة المواطنين وأصحاب الأموال المكتنزة على وجهة الخصوص، قبل استعادة هذه الكتل النقدية التي لا تعرف طريقا لها نحو القنوات الرسمية، بينما يفضل أصحابها البقاء في الظل وهم يرفعون تبريرات تتعلق تارة بضعف المنظمومة المصرفية الوطنية، ومخاوف الوقوع في الفوائد الربوية، وتتجه تارة أخرى نحو تفادي تسديد المستحقات الضريبية وتجاوز الإجراءات الرقابية. وتواجه السلطات العمومية تحديا كبيرا في إقناع المواطنين ب “الكشف” عن “أرصدتهم” غير المودعة في البنوك، وشراء السندات المعروضة للبيع، على الرغم من الإغراءات الكبيرة التي تمثلت في رفع نسب “العائدات” والأرباح السنوية إلى حدود 5.75 في المائة، بعدما تبنت الحكومة منذ بضعة أشهر العديد من الإجراءات لاسترجاع أموال “الشكارة”، ترجمت واقعيا في عمليات الامتثال الجبائي الطوعي ومنع التعاملات النقدية بفرض الصكوك في الصفقات التي تساوي أو تزيد عن مليون دينار (100 مليون سنتيم). ويبقى السقف الذي تسعى وزارة المالية من خلال عملية القرض السندي مجهولا، على الرغم من أنّ المسؤول الأول على القطاع الوزير عبد الرحمان بن خالفة الذي تحفظ عن ذكره، أشار إلى إمكانية غلق العملية في حالة تحقيق هذا الهدف ولو لم تنته المدة المحددة، وهو الغموض نفسه الذي يلف المشاريع المقرر أن تمول بواسطة القرض، من منطلق أن بن خالفة اكتفى بالتأكيد على أن أموال المكتتبين ستوجه إلى القطاعات الاقتصادية دون سواها. وتقدر قيمة السند الواحد في القرض 50 ألف دينار (5 مليون سنتيم)، ويفتح باب الاكتتاب للأشخاص الطبيعيين المعنويين على مستوى 6 هيئات، تمثلها 3400 نقطة موزعة على كامل التراب الوطني، وهي الخزينة المركزية، والخزينة الرئيسية، والخزينة على مستوى الولايات، والمكاتب التابعة لبريد الجزائر، والوكالات البنكية، وكذا فروع بنك الجزائر. وتستفيد هذه الهيئات من رسم تنسيب تقدر ب1 في المائة من المبلغ المودع، بينما يتيح القرض الخيار للمكتب بأن يكون اسميا أو لحامله. كما يمكن للمكتتبين التخلي عن السندات المقتناة في إطار القرض، عبر إعادة بيعها لأشخاص طبيعيين أو معنويين بالطرق المباشرة، أو بالتحويل عن طريق بورصة الجزائر. ويمكن للمكتتبين أيضا طلب تعويض عن أسهمهم بشكل مسبق، أي قبل انتهاء مدة القرض (المحددة بين 3 إلى 5 سنوات) ضمن شروط معينة، بعد أخذ رأي المدير العام للخزينة وانقضاء نصف مدة القرض المعني.