رمضان شهر البر والإحسان والجود والكرم والإنفاق، قال الله تعالى: {فَمَنْ تَطَوعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} البقرة:184. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلَرَسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة” متفق عليه. تستعد شريحة كبيرة من المواطنين ومن مختلف الأعمار لاستقبال شهر الخيرات والبركات ببرنامج تطوعي لمساعدة الفئات المعوزة من المواطنين واللاجئين، من خلال موائد الرحمة أو مؤسسات المجتمع المدني وغيرها، بهدف تنمية الحس الخيري والتطوعي لدى فئة الشباب وكذا تسليط الضوء على أهمية العمل التطوعي وتأثيره الإيجابي على الشباب أنفسهم وعلى المجتمع بأكمله. ويُعد التطوع مبادرة ذاتية من المتطوع لتقديم عمل خيري أو خدمة للآخرين بما لا يلزم به شرعًا لوجه الله تعالى دون مقابل، للإسهام في نفع الآخرين سواء أكانوا أفرادًا أو مجتمعًا، وهو من السلوكيات والقيم الإيجابية التي حث عليها الإسلام وندب إليها، قال الله تعالى: {فَمَنْ تَطَوعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}، ذلك لما يترتب على العمل التطوعي من نفع الخلق وقضاء حوائجهم. ورغم أن التطوع يُعدّ قيمة أصيلة في مجتمعاتنا الإسلامية وله من الآثار الإيجابية ما لا يحصى، إلا أن التقصير كبير من قبل المواطنين، وكأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تمر علينا دون أن نلقي لها بالاً. لقد جعل الله عز وجل الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين، فقال عنهم: {إنهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنَ الليْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أمْوَالِهِمْ حَق لِلسائِلِ وَالْمَحْرُومِ} الذاريات:16-19. ووعد الله سبحانه بالإخلاف على مَن أنفق في سبيله، فقال: {وَمَا أنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرازِقِينَ} سبأ:39. ووعد بمضاعفة العطية للمُنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافًا كثيرة، فقال تعالى: {مَنْ ذَا الذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفُهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} البقرة:245. وتتعدد الأعمال التطوعية في هذا الشهر الفضيل، سواء تعلقت بالعمل الفردي أو الجماعي، منها: التصدق على الفقراء والمساكين، المساهمة في إعداد موائد الرحمن التي تنتشر خلال الشهر الفضيل لإفطار الصائمين، اتباع الجنائز، تنظيم زيارات للمَرضى ودور المسنين ودور الأيتام والتواصل معهم، تنظيف الأحياء من القاذورات المنتشرة في كل مكان.. وغير ذلك. قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِر حَتى تُنْفِقُوا مِما تُحِبونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِن اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} آل عمران:92. وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. قال: فمَن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. قال: فمَن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. قال: فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة”. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخِله على مؤمن، تكشف عنه كربًا، أو تقضي عنه دَيْنًا، أو تطرد عنه جوعًا” رواه البيهقي. وقال صلى الله عليه وسلم: ”صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة” رواه الحاكم.