❊ صح عيدك أخي سعد.. أردت أن أنقل تحيتي إلى الشعب الجزائري من أفراد حرس الحدود الرابطين على الحدود الجنوبية، لأني من المحظوظين الذين سيقضون فترة العيد مع أهلهم بعد غياب دام أكثر من ستة أشهر كاملة لم أر فيها أمي وزوجتي وابنتيّ الصغيرتين. وما زاد في حرقتي على من تركتهم خلفي من أفراد فرقتي هو أنه صادف عودتي إلى بيتي أني رأيت في التلفاز تقليد وترقية بعض الضباط السامين إلى مصاف عقيد ولواء.. فتذكرت الصعوبات التي واجهناها في رمضان من صيام أكثر من ثماني عشرة ساعة في درجة حرارة لم تنزل عن 45 درجة مدة شهر كامل، وإفطار على وجبة باردة وماء ساخن، ومناوبة عمل 24/24 ساعة كاملة، فقلت في نفسي: هل يستحق هؤلاء حقيقة الترقية؟ وماذا قدموا للوطن والجيش؟ فنحن كل يوم نمنع دخول مئات الأطنان من المخدرات، وعشرات الآلاف من الأسلحة التي تكون سببا في قتل أحد أبناء الوطن، ونمنع تسلل الإرهابيين، حتى لقّب قبائل تلك المنطقة أفراد الكتيبة بالأشباح.. ومع ذلك لم يزرنا أي ضابط سام منذ أن تم نقلي إلى تلك المنطقة، رغم الصعوبات الجمة التي نواجهها.. لكن دائما ما يدخل البهجة في قلبي أنه رغم كل هذه الصعوبات والتهميش إلا أن الهمة في القمة لأننا نعمل في سبيل الله ثم في سبيل الوطن. لذلك فلا عين تحزن على المرابطين.. وليس الشرف في الرتب بل الشرف أن تحمي وطنك. الله أكبر وتحيا الجزائر.
أرجو منك أخي سعد نشرها إكراما لهؤلاء الرجال. وشكرا
المجند صلاح سلي/ الجنوب الكبير
❊ أعرف صعوبة المنطقة، فقد قطعت المسافة بين عين صالح وتمنراست في عدة أيام عندما كانت الطريق غير معبدة، وفيها مخاطر جمة أقلها التيه في الصحراء، كان ذلك في بداية السبعينيات من القرن الماضي...
أعرف أيضا أولئك الجنود من الخدمة الوطنية والضباط العاملين الذين دفنوا أنفسهم لسنوات في منطقة “الاراك”، حيث شقوا طريق الوحدة الإفريقية الذي ننعم به الآن في تنقلنا إلى الجنوب، فقد قضيت معهم عدة أيام في إطار مهمتي الصحفية.
وقتها كان الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير يتواجد حيث يتواجد الحرمان... في القرى والمداشر يبني ويعلّم أبناء الشعب.. وفي الصحراء يشق الطرق ويحارب العزلة.. وفي السهوب يبني السد الأخضر.. وفي الحدود يحمي البلاد. كان الضباط يتواجدون مع جنود الخدمة الوطنية والجنود العاملين في الجيش سواء سواء.. أتذكر كيف كان ينام معنا الضباط المجاهدون في “عرڤ” منطقة “الاراك” بين عين صالح وتمنراست من أمثال عباس غزيّل وبتشين وغيرهما.. كان الأمل في بناء الجزائر العصرية أكبر من الصعوبات.. كانت البلاد بها مشروع ينجز ونحن مجرد حروف أو كلمات في عبارات هذا المشروع.
اليوم حقيقة ذكرتني يا أخ صلاح بأن الجيش مازالت فيه مثل هذه المهام والصور المؤثرة والرائعة.. وأقل شيء تقدمه الأمة لك ولأمثالك من الشباب الذي يفني عمره في الصحراء خدمة للوطن هو تقديم آيات العرفان لكم.. وكم أتمنى أن أنتقل في كهولتي إلى هذه المناطق لأشارك هؤلاء الشباب هذه الصور الرائعة التي أفتقدناها في شباب اليوم..؟ǃ تماما مثلما فعلت في شبابي. [email protected]