فتحت النيابة تحقيقا تمهيديا بعد التهم التي وجهها عبد الرحمن عشايبو، مدير شركة "ألسيكوم" التي تسوَق سيارات من عدة علامات، لوزير الصناعة سابقا عبد السلام بوشوارب، تتعلق بممارسة ابتزاز ضد عشايبو لدفعه إلى تقديم رشوة. وبناء على التطورات التي سيأخذها الملف هناك احتمالان، الأول إمكانية وجود شبهة فساد ضد بوشوارب، وحينها سيتم إطلاق ترتيبات "الامتياز القضائي" بحقه، وإما يحفظ ملف القضية لعدم توفر أدلة على تورط عضو الحكومة سابقا في فساد. قال خالد بورايو، محامي عشايبو، في اتصال مع "الخبر"، إن وكيل الجمهورية بمحكمة بئر مراد رايس في العاصمة استجوب مدير "ألسيكوم"، أول أمس، بشأن تصريحاته وكتاباته حول التراخيص التي منحت لمجموعة من المتعاملين في مجال السيارات، وتم إقصاؤه من العملية. وأوضح بورايو أن التحقيق الذي فتحته النيابة "يبدو أنه ذو طابع إداري". وأكد عشايبو، لدى استجوابه، حسب المحامي، أن أشخاصا اتصلوا به فعلا على أنهم مبعوثون من بوشوارب لما كان وزيرا، وأنهم تحدثوا معه باسمه (تمت تنحية بوشوارب في تعديل حكومي في ماي 2017). يشار إلى أن الصحيفة الإلكترونية "كل شيء عن الجزائر" كانت أول من كشف عن استجواب عشايبو في النيابة. لكن على عكس تصريحات عشايبو ل"راديو أم"، قال في رده على أسئلة وكيل الجمهورية إنه غير متأكد أن الأشخاص الذين تحدثوا معه عن تراخيص تركيب السيارات موفدون من بوشوارب أو ناطقون باسمه. وقال عشايبو، لدى استضافته حديثا بالإذاعة الخاصة التي تبث برامجها عبر بالأنترنت، إن بوشوارب طلب منه بطريقة غير مباشرة رشوة نظير ضمه إلى مجموعة المتعاملين المفضلين عند الحكومة، ممن منحتهم رخصا لإنشاء ورشات لتركيب السيارات، واتهمه ب"برمجة تحطيمي" بحجة أنه لا ينتمي، حسب زعمه، لمجموعة وكلاء السيارات أصحاب حظوة لدى الوزير السابق. وحسب المحامي، لم يذكر وكيل الجمهورية لعشايبو أي جهة شاكية في القضية التي يفترض أن تكون بوشوارب بصفته المتضرر من اتهامات مسير "ألسيكوم". وفي هذه الحالة، يكون التحقيق انطلق على أساس إخطار ذاتي من النيابة التي تتبع لعضو الجهاز التنفيذي وزير العدل. وأبدى بورايو استغرابه ل"التغاضي عن الجوهر في هذه القضية، وهو تقرير المفتشية العامة للمالية، الذي قالت وسائل إعلام إنه يتضمن مخالفات كانت سببا في حرمان مجمع ألسيكوم من تراخيص تركيب السيارات. فإذا كان حقا موجودا لماذا لم يسلَم للقضاء؟ فالتقرير يتضمن، حسب ما قرأنا في صحف، أفعالا يجرمها القانون وعدم التبليغ عنها هو في حد ذاته جريمة". والمحامي هنا يلقي بالمسؤولية على بوشوارب والمفتشية المالية معا. وأضاف بورايو أنه لا يعرف إن كانت النيابة وجهت استدعاء لأشخاص آخرين "فنحن مازلنا في بداية التحقيق الإداري". وسألت "الخبر" وزير الصناعة سابقا، في اتصال هاتفي، إن كان رفع شكوى ضد عشايبو ما أدى إلى استدعائه من طرف النيابة، فقال: "لست مستعدا للخوض في الموضوع حاليا، سيكون لي ربما حديث فيه مستقبلا.. أرجو منكم التفهم". ويعطي وكيل الجمهورية سابقا، عبد الله هبّول، تفسيرا قانونيا للمنحى الذي أخذته القضية، فيقول: "النيابة بدأت تحقيقا تمهيديا قضائيا وليس إداريا، وقد فعلت ذلك بناء على المادة 63 من قانون الإجراءات الجزائية. ويتعلق الأمر ببحث قضائي يتيح لوكيل الجمهورية، الذي يملك صلاحيات ضابط الشرطة القضائية، استجواب أي شخص يقدَر بأنه قد يفيد الملف". وبرأي هبّول، يعدّ كلام عشايبو عن بوشوارب وعن أسباب إقصائه من عملية تركيب السيارات "بمثابة بلاغ للنيابة". ويرجح أن استدعاء عشايبو تم بإيعاز من رئاسة الجمهورية "بحكم الأبعاد السياسية التي اتخذها ملف رخص تركيب السيارات"، موضحا أن مسار التحقيق القضائي سيفضي إلى إحدى نتيجتين: إثبات شبهة ضد الوزير السابق الذي يتمتع بحق الامتياز القضائي بموجب المادة 573 من قانون الإجراءات الجزائية. بمعنى لو وجدت إمكانية توجيه التهمة للسيد بوشوارب يحوّل الملف إلى النائب العام بالمحكمة العليا، لأنه يتضمن وقائع تخصه عندما كان مسؤولا ساميا في الحكومة، وحينها يعين قاضي تحقيق يمسك القضية. والنتيجة الثانية هي لا وجود لشبهة جريمة ضد بوشوارب، عندئذ تأمر النيابة بحفظ الملف.