يعد حادث سقوط طائرة "اليوشين" العسكرية قرب مطار بوفاريك، أمس، الأسوأ من حيث الخسائر في الأرواح البشرية منذ الاستقلال، بعدما تم تسجيل وفاة 257 شخص أغلبهم من قوات أفراد الجيش الوطني الشعبي، من بينهم 10 من أفراد طاقم الطائرة التي كانت متوجهة إلى ولايتي بشار وتندوف. انتقل حادث سقوط الطائرة العسكرية قرب مطار بوفاريك، أمس، بسرعة البرق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أحدث وقعه صدمة في الشارع الجزائري، وشكل حديث العام والخاص في كل الأماكن، خصوصا أن أخبار حصيلة الضحايا ما فتئت تشهد ارتفاعا من لحظة لأخرى، وهو ما أدخل البلاد في جو من الحزن العميق. "كارثة كبيرة"، "ربي يرحم شهداء الواجب"، "خسارة كبيرة"، "اللهم اجعلها آخر الأحزان"، عبارات اختزلت المشهد الأليم وترددت على لسان الجزائريين وأعينهم ومسامعهم مشدودة إلى هذا المصاب الجلل الذي ألمّ بأفراد الجيش الوطني الشعبي. ولم يخل العالم الافتراضي الأزرق من الصدمة، بعدما تزينت بروفيلات الجزائريين في مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بالألوان السوداء كتبت عليها عبارات "حداد" على ضحايا المأساة الجوية، وأخرى حملت آيات قرآنية "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"، تنعي فيها شهداء الجيش الوطني الشعبي. كانت مواقف المواطنين على قلب رجل واحد متضرعة إلى المولى القدير أن يرحم الضحايا ويصبر أهلهم وذويهم في هذا المصاب الجلل الذي خلف حصيلة ثقيلة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الطيران الجزائري، المدني والعسكري. فمنذ حصيلة تحطم طائرة مدنية في أفريل 1967 بتمنراست التي خلفت 39 قتيلا ووصولا إلى آخر حادث لتحطم طائرة 24 جويلية 2014 بمالي، وهي الطائرة المؤجرة من قبل الخطوط الجوية الجزائرية، التي وصلت حصيلتها إلى 116 راكب من بينهم 4 جزائريين، فإن حادثة طائرة "ليوشين" قرب مطار بوفاريك العسكري تعد الأسوأ من حيث عدد الضحايا بعدما بلغ 247 راكب و10 أفراد من طاقم الطائرة، أغلبهم ينتسبون إلى أفراد الجيش الوطني الشعبي وعائلاتهم، في رحلة كانت ستقلهم إلى أقصى الجنوب الغربي كتب لها أن تسقط بمجرد الإقلاع.
تضامن هائل
وعبر مواطنون عن صدمتهم على إثر الحادث، داعين بالرحمة للضحايا، معبرين عن مواساتهم لعائلاتهم، فيما تفاعل آخرون بنشر صور الضحايا على شبكات التواصل الاجتماعي، منها صورة لقائد الطائرة الراحل دوسن إسماعيل البالغ من العمر 46 سنة. وتداول متصفحون أيضا صورة لضحية يبلغ 32 سنة من العمر يدعى مروان، تزوج يوم 5 أفريل 2017 واستشهد في حادثة تحطم الطائرة. وعبر رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية عن تعاطفه حكومته مع عائلات الضحايا ووقوف حكومة بلاده مع الجزائر، كما عبر السفير الأمريكي عن تعازي بلاده. وفي تونس، وقف مشاركون في ندوة نشطها أدباء جزائريون على هامش المعرض الدولي للكتاب دقيقة صمت ترحما على روح الضحايا. ونيابة عن أعضائها، وقع رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب، أحمد ماضي، بيانا رفع فيه خالص تعازيه لأسر الضحايا، معلنا عن كامل تضامنه مع كل أفراد الجيش الوطني الشعبي، كما تقدمت السفارة الأمريكية في الجزائر ب"اسم الشعب الأمريكي، بتعازيها الخالصة لأسر وأصدقاء ضحايا مأساة اليوم".