استهل فريق مولودية الجزائر موسمه الجديد على وقع المشاكل، حيث عجل الإقصاء من مسابقة رابطة أبطال إفريقيا على يد مواطنه وفاق سطيف بانفجار الوضع في بيت العميد وبداية فصل جديد من مسلسل المشاكل التي تطارد النادي منذ سنوات. لم تكن الأموال الطائلة التي تصبها الشركة النفطية ”سوناطراك” في خزينة العميد كل موسم كافية لإعادة هيبة ومجد المولودية، بدليل أن المواسم صارت تتشابه لدى مناصر العميد الذي يردّد في بداية كل موسم عبارة ”هذا العام البطولة” ليجني بعدها خيبات متكررة على الصعيدين المحلي والإفريقي، ناهيك عن غياب الاستقرار على مستوى التعداد والجهاز الفني. وفي الوقت الذي تعاني النوادي المحترفة أزمات مالية خانقة تهددها بالزوال لم يجد مسؤولو المؤسسة العمومية حرجا في تخصيص ميزانية تفوق ال70 مليار سنتيم لموسم واحد دون أن يتمكن النادي من الظفر بالألقاب، بل وتظل نتائجه غالبا متواضعة لا تضاهي النوادي المصنفة في خانة ”الصغار”، مثلما حدث الموسم الماضي الذي ضيع فيه الفريق كل الأهداف وأنهى الموسم بخسارة مذلة برباعية أمام شبيبة الساورة، جعلت المولودية خارج ”البوديوم” باحتلالها المركز الخامس. ميزانية ال100 مليار سنتيم تنهي الحلم الإفريقي لا يختلف اثنان في أن ما يعيشه العميد هذا الموسم هو انعكاس لواقع مر تعيشه النوادي الجزائرية في زمن الاحتراف، في ظل غياب مشروع رياضي قائم بذاته وسياسة تسيير رشيدة تتبناها الإدارة المالكة للفريق. ففي الوقت الذي كان على مسؤولي سوناطراك البحث عن مدرب جديد يخلف كازوني بعدما فشل في مهمته الموسم الماضي، رضخ مسيرو النادي إلى مطلب الشارع الذي طالب بضرورة تجديد عقد التقني الفرنسي، وهو ما حدث. كما قامت إدارة سوناطراك برفع ميزانية النادي هذا الموسم لتقارب ال100 مليار سنتيم، والشارع الرياضي الذي اشترط وضغط من أجل بقاء كازوني ها هو اليوم يضغط من جديد على ”سوناطراك” من أجل إقالة هذا المدرب والتعاقد مع مدرب جديد، وهي الصورة التي تؤكد للمرة الألف أن المسيرين في النوادي الجزائرية يحترفون سياسة الفشل والأغرب من كل هذا أن البعض يجد ذريعة ليبرر فشل مسؤولي سوناطراك في تسيير المولودية بالقول ”إنهم إطارات في شركة نفطية كبيرة ولا يجيدون تسيير شؤون كرة القدم”. فالمشاكل التي عاشها الذين تعاقبوا على رئاسة مجلس إدارة مولودية الجزائر منذ 2013 وكان الفشل القاسم المشترك بينهم، على غرار بوملة وبتروني ورايسي ولاج، يشرب اليوم الرئيس الحالي محمد حيرش من الكأس نفسها بتدشين الموسم الجديد على وقع المشاكل والخيبات ورحلة البحث عن مدرب جديد. غريب وقاسي سعيد وجهان لعملة واحدة ولم يكن الاستنجاد باللاعب الدولي الأسبق كمال قاسي سعيد الموسم الماضي خلفا لغريمه عمر غريب خيارا ناجحا بالنسبة لشركة سوناطراك، نظرا لتشابه الرجلين إلى حد بعيد في طريقة التسيير. عمر غريب الذي أدخل العميد في مسلسل الفضائح كان يريد دائما الانفراد بالقرارات التي تتعلق بمصير النادي من استقدامات وقضايا أخرى تتعلق بتعيين المدربين وإنهاء مهامهم، وهي السياسة التي انتهجها قاسي سعيد الذي عزل المدرب كازوني في الاستقدامات ودخل معه في خلافات طفت إلى السطح بعد الإقصاء أمام وفاق سطيف في المسابقة القارية، بدليل أنه حمله المسؤولية الكبرى في الإخفاق القاري. وإذا كان عمر غريب قد حصّن منصبه في المولودية ببعض الدخلاء يصولون ويجولون داخل الفريق قصد التعمير طويلا، فإن قاسي سعيد بدوره استعان ببعض المناصرين ومنحهم وظائف وهمية، بل أضحوا يتدخلون في الشؤون الفنية للمدرب، وهو ما حدث عقب الإقصاء أمام وفاق سطيف، حيث تسلل أحد المناصرين الذي تحول بقدرة قادر إلى أمين عتاد وراح يشتم وينتقد المدرب واللاعبين. والأغرب من كل هذا أن عمر غريب كان يتهم قاسي سعيد بالتآمر والاستنجاد ببعض الموظفين في الإدارة من أجل الإطاحة به، وها هو اليوم اللاعب الأسبق للمولودية قاسي سعيد يوجه أصابع الاتهام إلى غريمه بالتآمر ضده. وفي الوقت الذي كان ينتظر الجميع أن يقوم اللاعبون القدامى بدور العقلاء من أجل التعبئة ومساعدة النادي، نجد أن أغلبيتهم يتحين الفرصة للظفر بمنصب ينال به راتبا دون تقديم الإضافة، مثلما حدث مع لاعب الثمانينات علي بن شيخ الذي استغل ”جهل” مسؤولي سوناطراك ليستحوذ على منصب مدير الفئات الشابة دون أن يحضر يوما تقريرا أو يرسم خريطة طريق تطوير مستوى الشبان في المولودية، بل لم يحضر يوما لقاء خاصا بالفئات الشابة، حيث صار يشكل صداعا حقيقيا للشركة النفطية التي حولته إلى مستشار قصد تبرير الراتب الذي يتقاضه مقابل العقد الذي يربطه بالشركة.