فشلت، اليوم، المشاورات التي قادتها قيادة الدرك الوطني مع ممثلي التنسيقية الوطنية لمتقاعدي ومعطوبي ومشطوبي الجيش وذوي الحقوق في فض اعتصامهم الذي دخل يومه الخامس بحوش المخفي التابع لولاية بومرداس، ولم تفض ساعات الحوار التي جمعت 5 ممثلين عن العسكريين المحتجين والقائد الجهوي للدرك الوطني إلى انفراج الوضع المتأزم، في ظل تمسك المعتصمين بموقفهم الرافض مغادرة الموقع وإصرار قيادة الدرك على إقناعهم بإخلاء الحوش دون أي مواجهات. تراوح قضية اعتصام آلاف العسكريين السابقين في منطقة "حوش المخفي" بولاية بومرداس مكانها دون أي بوادر لانفراجها أمام توافد الآلاف من "مناضلي التنسيقية" إلى ولاية بومرداس وأطراف منطقة أولاد هداج والرغاية وغيرها. فالخطوة التي قامت بها قيادة جهاز الدرك الوطني، أمس، انحصرت فقط في إقناع مؤطري الاعتصام وممثلي المكاتب الجهوية بفض الاعتصام ووقف حشد نظرائهم من ولايات الشرق والغرب، بينما كانت التنسيقية تصر على فتح أبواب الحوار مع ممثلي وزارة الدفاع الوطني وفقا لضمانات رسمية، وهو الموقف الذي اعتذرت القيادة العليا للدرك الوطني عن الخوض فيه أو الالتزام به، مكتفية بتوجيه "نصائح بالإخلاء الفوري قبل استعمال القوة القانونية"، وهو ما اعتبره وفد التنسيقية "تفاوضا تحت طائل الوعيد ومرتبطا فقط بفض الاعتصام وليس بالجانب المطلبي الاجتماعي". وأمام الاحتقان المتزايد وسلسلة المواجهات الليلية التي جرت خلال ثلاث ليال سابقة، التي اشتعلت فيها قنابل مسيلة للدموع وخراطيش مطاطية للسيطرة على الوضع، سارعت القيادة الجهوية الوسطى للدرك الوطني، أمس، إلى فتح قنوات للاتصال مع قادة التنسيقية الوطنية لمتقاعدي ومعطوبي ومشطوبي الجيش وذوي الحقوق، ولجأت كبادرة أولى إلى إفراغ حوش المخفي من آلاف العسكريين الذين حلوا به على مدى الأيام الخمسة الماضية، ووصل تعدادهم إلى أزيد من 20 ألف شخص وفق الأرقام التي قدمتها خلية الإحصاء والتنسيق التابعة للتنسيقية. وقال عيسى بوزرارة، نائب المنسق الوطني، ل"الخبر"، إن المعتصمين استبشروا صبيحة أمس خيرا حينما حلت مجموعة من ضباط جهاز الدرك الوطني حاملين معهم تعليمات بترتيب لقاء يشمل ممثلين عن التنسيقية وقيادة الدرك الوطني، واعتقد المعتصمون، حسب ممثليهم، أنها التفاتة من السلطات العليا المختصة، ما جعلهم يمضون الفترة الصباحية على أمل تلقي إشارات إيجابية تدفعهم للعودة إلى ولاياتهم. لكن الوفد المفاوض الذي رافق ضباط الدرك عاد بنتائج سلبية بعدما فشلت المرحلة الأولى من الحوار بين الطرفين، سواء تلك التي جرت فجر أمس بموقع الاعتصام برئاسة المنسق الوطني، مروان بصافة، أو الثانية التي جمعت ممثليهم مع القيادة الجهوية للدرك. وأوضح المجتمعون، في اتصال ب"الخبر"، أن الرسالة التي وجهوها للقيادة العسكرية العليا هي تبني مطالبهم ودراسة قائمة المطالب "ال37" التي أودعوها نهاية جانفي 2017 لدى العميد حاج صادوق آنذاك وباقي المديرين المركزيين المختصين بملف المعاشات والشؤون الاجتماعية، وتوحدت مواقف ممثلي المعتصمين على ضرورة فتح رزنامة لمناقشة المطالب وتشكيل لجان عليا دائمة الاتصال معهم للنظر في تفاصيل المطالب والمظالم والحقوق التي تم تفصيل محتواها وجوانبها ضمن مراسلات سابقة قدمتها التنسيقية الوطنية، خصوصا أن الكثير من الملفات تنتظر إجراءات إدارية بحتة وتنظيمية وأخرى متصلة بضرورة تطبيق القوانين الرسمية سارية المفعول، خصوصا ما تعلق بإنصاف الفئات الهشة وآلاف الحالات مهضومة الحقوق. وأمام تزايد مئات الوافدين وتسجيل مواجهات عنيفة ببرج بوعريريج وتيزي وزو وتشبث قادة التنظيم بنقل الاحتجاج إلى مواقع رسمية سيادية في العاصمة، دفعت مصالح الأمن والدرك الوطني بتعزيزات أمنية مشددة وقامت بتطويق محاور الطرقات والمداخل الشرقية والغربية وحتى الجنوبية الكبرى بمئات الأفراد التابعين لقوات مكافحة الشغب، بالموازاة مع وضع آليات التدخل على حواف الطرق السريعة وكذا إخضاع العشرات من الرحلات البرية بشرق العاصمة إلى تفتيش دقيق لضبط "المناضلين" القادمين عبر الرحلات البرية القادمة من الشرق والجنوب، كما قامت المصالح ذاتها بوضع تشكيلات أمنية عبر مداخل العاصمة الغربية والجنوبية، حيث عاشت، أمس، الطرقات المؤدية إلى العاصمة اختناقا مروريا دام لأكثر من ثلاث ساعات في بعض الأحيان، وهناك من قضى نصف يوم ليلتحق بمكان عمله.