أجمع أغلب مسؤولي وممثلي دور النشر الجزائرية والعربية، الذين تحدثت إليهم "الخبر" بصالون الكتاب، على أن ارتفاع سعر الورق في السنتين الأخيرتين ألهب سوق الكتاب. وحسب هؤلاء، فإن أسعار الورق ارتفعت بأكثر من 35 في المائة في أقل من سنة، حيث أصبح سعر الكيلوغرام الواحد بقيمة 160 دج، بينما كان قبل سنوات ب60 دج فقط. كما ذكر المتحدثون أن وجود أعباء ومصاريف إضافية مثل أسعار الترجمة والتصحيح وزيادة قيمة الأجنحة أثر بالسلب على سعر الكتاب. أما بالنسبة للرواية فقد اختلف في شأنها أصحاب دور النشر، فهناك من يرى أن الإقبال عليها ارتفع مؤخرا، ومن يقول إن الرواية تطبع بكميات قليلة وهذا سبب ارتفاع أسعارها، فيما يرى آخرون أن ورق الرواية أغلى من ورق الكتب الأخرى، في حين يعتقد البعض أن بعض دور النشر تستغل الأسماء الأدبية الكبيرة لرفع ثمن الرواية. الطلب الكبير على الرواية أدى إلى ارتفاع سعرها أرجع مدير منشورات دار ابن النديم والروافد الثقافية بيروت، خالد دعيبس، ارتفاع أسعار الكتب بصفة عامة والرواية بصفة خاصة إلى أن هناك طلبا كبيرا عليها، وقال إن الجمهور أصبح يتابع الروائيين وكتاباتهم، حيث يعتقد دعيبس أن دور النشر تستغل هذا الطلب الزائد على الرواية في رفع سعرها، مشيرا إلى أن الكتاب المترجم يكلف الكثير لدار النشر ما يرغمها، حسبه، إلى بيعه بأثمان معتبرة، مشيرا إلى أن دار ابن النديم تتبع سياسة خاصة لإيصال الكتاب للقارئ وبأسعار معقولة، كما نادى بضرورة تشكيل لجنة للصالون لمراقبة الأسعار وإلزام الناشرين بأسعار معينة لكي لا يكون هناك استغلال وسرقة للقارئ. من جهته، ذكر مدير دار الهدى، مصطفى قلاب، أن هناك طلبا على الروايات وعلى الأدب العالمي بصفة عامة، حيث يعتقد أن ذلك قد يكون أحد أسباب غلاء أسعارها، لكنه يرى أن أسعار كتب دار الهدى تتماشى مع سعر السوق. ارتفاع سعر الورق وزيادة سعر الأجنحة وراء ارتفاع أسعار الكتب قال مدير نشر دار الهدى، مصطفى قلاب، إن ارتفاع أسعار الكتب بما فيها الرواية مبرر، ذلك أن سعر المواد الاولية بما فيها الورق عرف، حسبه، ارتفاعا كبيرا خاصة في السنوات الأخيرة. كما يعتقد قلاب أن تدني سعر الدينار وزيادة سعر المتر المربع لأجنحة الصالون كلها ساهمت في ارتفاع أسعار الكتب، كما ذكر مسؤول الدار المصرية اللبنانية، موسى علي، أن ارتفاع أسعار الكتب راجع لعدة أسباب، مؤكدا أن سعر الورق الذي يزداد، حسبه، في كل مرة من بين أكبر الأسباب، وقال إن مصر مثلها مثل أغلب الدول العربية تستورد الورق لعدم وجود صناعة محلية بشكل كاف، ويعتقد أن ارتفاع صرف الدولار في الدول العربية أثر بالسلب على الكتاب مثلما أثر على بقية الصناعات والمنتوجات التي تستورد مادتها الأولية، مؤكدا أن سعر الورق بمصر زاد ثلاثة أضعاف هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية "لو تم تطبيق الزيادة على الكتاب فلن يشتريه أحد، ولكن الدار قامت بزيادة طفيفة لتجنب الخسارة وتمكين القارئ من اقتناء كتابه". وبالنسبة لسعر الرواية بالدار، فإن موسى علي يفضل جعل أسعارها في متناول الجميع خاصة الرواية الجديدة التي يفضل أن يكون سعرها منخفضا حتى تباع وتشتهر. وأكد صاحب الدار أن هذه الأزمة تهدد صناعة النشر بالدول العربية، مشيرا إلى أن دور النشر مجبرة على رفع الأسعار تبعا لسعر الورق الذي يرتفع وطريقة الدفع التي تكون نقدا، حيث إن الشركات الخارجية، حسبه، لا تتعامل بطريقة الدفع بالتقسيط، إضافة إلى مصاريف الشحن، كما أن الكتب المترجمة تكون أكثر ارتفاعا لوجوب شراء حقوق الطبع، يضيف المتحدث. من جهته، ذكر صاحب دار العثمانية للنشر، عثمان فليسي، أن أسعار الكتب بدأت ترتفع منذ عامين بسبب ارتفاع سعر الورق، وقال إن سعر الورق هذا العام وصل إلى 160 دج للكيلو غرام، بينما كان قبل سنوات 60 دج فقط، وتوافقه الرأي المكلفة بالاتصال بمنشورات الشهاب، سعيدة كرنوغ، التي أفادت بأن ارتفاع أسعار الكتب بدأت السنة الماضية مع ارتفاع سعر الحبر والورق الذي زاد ب35 بالمائة في أقل من سنة، وذكرت أن نوعية الورق أيضا مختلفة، وقالت إن الورق الذي يستعمل للرواية يختلف عن ورق الكتب الأكاديمية والأدبية الأخرى، لذلك يكون سعره مرتفعا "الرواية تتطلب ورقا خشنا أو غليظا، لونه يميل إلى الأصفر والكتابة عند تقليب الصفحة لا تظهر، وهو اللون الذي يريح العين أكثر من اللون الأبيض". وترى كرنوغ أن عدد صفحات الكتاب يحدد السعر أيضا، فكلما ارتفع عددها يكون السعر أكثر، كما أن حجم الكتاب والتصحيح الخارجي يتطلبان مصاريف أخرى تدخل أيضا في سعر الكتاب، حسبها، مشيرة إلى أن أغلب كتب دار الشهاب يتم تصحيحها خارجيا ويتم دفع حقوق المصححين. ذكر سعيد عكاشة، ممثل دار البغدادي للطباعة والنشر والتوزيع، أن الدار ثبتت أسعار كتبها الصادرة السنة الماضية بنفس السعر هذه السنة، لكنها اضطرت إلى رفع أسعار الكتب التي طبعت سنة 2018 بنسبة طفيفة بسبب زيادة سعر الورق "نحاول أن نأخذ نسبة قليلة، ارتفاع سعر الورق أدى إلى انخفاض هامش أرباحنا"، كما أوضح عكاشة أن الدار تعمل على جعل أسعار الروايات في متناول القراء "الدار تبيع الرواية وليس كاتبها"، مشيرا إلى أن سعر ورق الرواية مرتفع "300 دج للكلغ" وهو سبب ارتفاع سعرها أيضا. الطبع بكميات قليلة سبب ارتفاع أسعار الروايات كشفت المكلفة بالاتصال بمنشورات الشهاب، سعيدة كرنوغ، أن سبب ارتفاع سعر الرواية أيضا يعود إلى انخفاض كميات الكتب التي تطبع قائلة: "كنا نطبع 2000 نسخة، ثم انخفض العدد إلى 1500 نسخة وبعدها 1200 نسخة، ثم 1000 والآن 700 نسخة فقط". وقالت بخصوص المطابع إنه كلما انخفض الطبع يكون السعر مرتفعا. ويشاطرها الرأي مدير دار العثمانية، عثمان فليسي، الذي أرجع ارتفاع سعر الرواية إلى الطبع الذي يكون بكميات قليلة مقارنة بالكميات الكبيرة، وقال إن المطبعة تحسب سعر الطبع حسب الكمية، لذلك لما يكون الطبع كبيار يكون السعر أقل والعكس صحيح، فيما اعتقد أن بعض دور النشر للأسف تبيع الاسم وليس الرواية أو الورق، لذلك عندما يكون الكاتب معروفا تكون الرواية غالية.