أطلقت قوات الأمن الفرنسية، اليوم السبت، وابلا من قنابل الغاز المسيلة للدموع على أنصار حركة السترات الصفراء، الذين تجمعوا في محيط قوس النصر الشهير بباريس. أعلن نائب وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز أن نحو 31 ألف شخصاً شاركوا في تظاهرات حركة "السترات الصفراء" في أنحاء فرنسا، مشيراً إلى اعتقال 700. وقال لقناة "فرانس2" التلفزيونية "على الصعيد الوطني، ويشمل ذلك باريس، تم اعتقال أكثر من 700 شخص، بينما بلغ عدد المشاركين في التحرك 31 ألفاً في أنحاء البلاد بينهم ثمانية آلاف في باريس".
طالب أصحاب "السترات الصفراء" باستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون، ورفع بعضهم لافتات تدعو إلى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي. جاء الإعلان عن هذه المطالب، خلال موجة احتجاجات جديدة انطلقت اليوم في أنحاء فرنسا واستخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وكانت الشرطة الفرنسية قد أوقفت صباح اليوم السبت، 343 شخصا قبيل بدء موجة الاحتجاجات الجديدة التي أطلقها أصحاب "السترات الصفراء" في أنحاء البلاد. وتحسبا لموجة جديدة من الشغب نشرت السلطات نحو 89 ألف شرطي في مختلف أنحاء البلاد، وتم إغلاق برج إيفل والمعالم السياحية الأخرى والمتاجر لتجنب أعمال النهب، كما جرت إزالة مقاعد الشوارع لتجنب استخدام القضبان المعدنية كمقذوفات.
وانتشر حوالي 8 آلاف شرطي في باريس لتجنب تكرار أحداث الفوضى التي جرت السبت الماضي، عندما قام مثيرو الشغب بإضرام النار في السيارات ونهب المحلات التجارية في شارع الشانزليزيه الشهير وتشويه قوس النصر برسم غرافيتي يستهدف الرئيس إيمانويل ماكرون. واندلعت الاحتجاجات في نوفمبر بسبب ضرائب الوقود التي شكلت ضغطا زائدا على ميزانيات الأسر.
ومنذ ذلك الحين تحولت المظاهرات إلى تمرد واسع شابه العنف في بعض الأحيان. ولا يوجد زعيم رسمي لحركة الاحتجاج مما يجعل من الصعب التعامل معها. وتقول السلطات إن الاحتجاجات اختطفتها عناصر يمينية متطرفة وعناصر فوضوية تصر على العنف وتثير الاضطرابات الاجتماعية في تحد مباشر لماكرون وقوات الأمن. ومع ذلك، اضطر ماكرون للقيام بأول تنازل كبير في رئاسته بالتخلي عن ضريبة الوقود. وتراجعت شعبية ماكرون في استطلاعات الرأي. ورغم هذا التنازل، تواصل حركة "السترات الصفراء" المطالبة بتنازلات أكبر من الحكومة بما في ذلك خفض الضرائب وزيادة الرواتب وخفض تكاليف الطاقة وحتى استقالة ماكرون. ولم يتحدث ماكرون علانية منذ أن دان اضطرابات يوم السبت الماضي أثناء قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين، لكن مكتبه قال إنه سيلقي كلمة للأمة في مطلع الأسبوع. وهذه أكبر أزمة تواجه الرئيس الفرنسي منذ انتخابه قبل 18 شهرا، وقد ترك لرئيس الوزراء إدوار فيليب التعامل مع الاضطرابات وتقديم تنازلات. لكنه يتعرض لضغوط للتحدث بينما تحاول إدارته استعادة زمام المبادرة بعد ثلاثة أسابيع من الاضطرابات الأسوأ في فرنسا منذ الثورة الطلابية عام 1968.