تضمّن مشروع قانون المالية 2020، أعباء جديدة يرشّح أن تقع على عاتق المواطنين الذي سيتحمل تبعات حماية البيئة ومحاربة التلوث، من خلال استحداث رسم مقترح ضد التلوث يتراوح ما بين 1500 و3000 دينار، ومن ثمّ تلجأ الحكومة مجددا إلى تحميل المواطن ثمن سياساتها الاقتصادية. سيندرج الإجراء ضمن التدابير الجبائية المقترحة في المشروع التمهيدي لقانون المالية 2020 الذي يرتقب أن يعرض على اجتماع الحكومة ومجلس الوزراء قريبا. ومن شأن مثل هذا الإجراء أن يزيد من الأعباء والتكلفة، إلى جانب تمثيلها لمورد جديد للدولة في مجال الإيرادات الجبائية كما كان الشأن بالنسبة لقسيمة السيارات التي جنت منها خزينة الدولة نحو13 مليار دينار خلال سنة 2018. وفي حال تطبيق مثل هذا الإجراء وفي انتظار البث فيه وحسمه، فإن الخزينة يمكن أن تجني منها على أقل تقدير 10.5 مليار دينار أي في مستويات قريبة من الإيرادات المسجلة عن قسيمة السيارات. وأفادت مصادر مطلعة، أن المقترحات الأولية كانت تنص على تحديد الرسم في حدود 3000 الى 10 آلاف دينار، وأعيد مراجعتها إلى مستوى أدنى، في انتظار الحسم فيها عن طريق عمليات التحكيم ومصادقتها من قبل مجلس الوزراء ثم البرلمان.ولا يعدّ الرسم الإجراء الجبائي الوحيد التي يقع على عاتق المستخدم للسيارات، فإلى جانب ذلك سبق للحكومات المتعاقبة أن اعتمدت مقترحات جبائية أخرى تمس القطاع. ففي قانون المالية 2017، فتحت الحكومة التي ترأسها أحمد أويحيى ملف الممتلكات المنقولة المستعملة وضرورة إخضاعها لنظام جبائي يساهم، حسبها، في توسيع الوعاء الضريبي، ويضمن تأطيرا لهذه السوق لاسيما سوق السيارات المستعملة، هذه الأخيرة اقترح إخضاعها لرسم على هوامش الربح المحققة عند البيع وتسليم هذه الممتلكات. وأقرّت حكومة أويحيى أيضا، فرض قسيمة للسيارات على أساس أنها إجراء ظرفي لكنها ظلت سارية فيما بعد. يذكر أن مشروع اعتماد قسيمة للسيارات يعود إلى سنة 1981 وتم التخلي عنه في 1990 بالنظر إلى القدرة الشرائية ومحدودية حظيرة المركبات، وتم إعادة بعث المشروع في عهد رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى في سنة 1996، ليشرع في تطبيقها في سنة 1997 للمساهمة في دعم الموارد الخاصة بالدولة، وكان من المفروض أن يكون الإجراء مؤقتا، لكنه تم الإبقاء عليه وضمان ديمومته.وتبقى الحكومات المتعاقبة تعوّل دائما على جيوب المواطنين في مواجهة عجز الميزانية المتفاقم، بالاعتماد على مداخيل الرسوم والضرائب المفروضة على المنتجات الواسعة الاستهلاك وفي مقدمتها الضريبة على الدخل الإجمالي التي لا تزال تنخر جيوب الجزائريين منذ أكثر من خمسة عشر سنة، باقتطاع ما يتجاوز ال 700 مليار دينار سنويا من أجور الجزائريين، تليها الزيادات الدورية في الرسوم على أسعار البنزين والديازال، ويضاف إلى هذه المداخيل ما تجنيه الخزينة من بيع قسيمات السيارات. وقامت إدارة الضرائب ببيع نحو 7 ملايين قسيمة خلال سنة 2018، بإيرادات قدّرت بنحو 13 مليار دينار. ووفقا لتقديرات قطاع المالية، فإن قيمة الإيرادات الخاصة بقسيمات السيارات والمركبات تتراوح سنويا ما بين 10 و16 مليار دينار، أي ما يعادل ما بين 83.800 مليون دولار و134.080 مليون دولار، هذا المعدل الأخير سجل كرقم أقصى في سنة 2016. ورغم المبالغ الهامة التي تحصدها خزينة الدولة من بيع قسيمات السيارات، لا سيما تلك الموجهة إلى الصندوق الوطني للطرقات والطرق السريعة بما يمثل 20 بالمائة من إجمالي مداخيل بيع القسيمات، إلا أن حال الطرقات في الجزائر يبقى لا يعكس أرقام المبيعات، حيث لا يزال الجزائريون يعانون من طرقات مهترئة تتسبّب في حوادث مرور أليمة تخلّف الآلاف من الضحايا سنويا. ومن المعلوم أن الموارد المتأتية من قسيمة السيارات أو المركبات تقسّم بنسبة 50 في المائة للخزينة العمومية و30 في المائة لصندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية، بينما تخصص نسبة 20 في المائة منها إلى الصندوق الوطني للطرق والطرق السيارة، مع العلم أن كافة المركبات معنية بالقسيمة باستثناء سيارات أو مركبات الوظيف العمومي والدبلوماسي وسيارات الإسعاف والسيارات الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن السيارات المجهزة بغاز البترول المميع "سيرغاز" وكان من أهم أهداف إرساء القسيمة هو صيانة وتصليح الطرق.