يعرض الوزير الأول الجديد، عبد العزيز جراد، هذا الثلاثاء، مخطط عمل الحكومة على البرلمان، وستكون المناقشة فرصة للموالاة لتجديد ولائها للرئيس عبد المجيد تبون، والتكفير عن أفعالها بعد خذلانها له أيام توليه منصب الوزير الأول في الانتخابات الرئاسية ل 12 ديسمبر الماضي، حيث انخرطت في مساع لقطع طريق وصوله إلى قصر المرادية. وتنتظر الأغلبية البرلمانية الموعد بلهفة، ليس لمناقشة مضامين الخطة ومدى قابليتها للتنفيذ، بل لإعلان ولائها للفريق الرئاسي الجديد، من خلال منح تزكية غير مشكوك فيه للمخطط، كشكل من أشكال الاعتذار عن إساءة السلوك مع الرئيس الحالي في صيف 2017 وهو في خضم معركة مع الفريق الرئاسي السابق، حيث سارعت إلى دعم خليفته أحمد أويحيى. ووقف حزب جبهة التحرير الوطني الذي يتوفر على 162 مقعد في المجلس الشعبي الوطني وحوالي 60 عضوا في مجلس الأمة مع تنحية تبون "ابن الحزب" من الحكومة بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه منصبه، ثم تحالفت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة مع مرشح التجمع الوطني الديمقراطي عزالدين ميهوبي. لكن وبسبب عدم حيازته على حزب خاص به وصعوبة إجراء انتخابات جديدة واحتراما للدستور الذي يوجب عرض المخطط على البرلمان، اضطر الفريق الرئاسي مد يده للموالاة التي منحت قلبها لغيره، مستغلا قابلية هذه الأغلبية لتغيير جلدها وولاءاتها والخضوع للذكر "ألفا" الجديد. ومقابل منح يده للأغلبية الحالية، ظل تبون يتجاهل البرلمان والأغلبية في اختيار الفريق الحكومي الأخير، كرر الرئيس التقاليد المعمول بها في السنوات الأخيرة، والقائل بأن أعضاء البرلمان لا يصلحون إلا لتولي منصب بدون حقيبة أو منصب ساعي البريد، وهو منصب وزير العلاقات مع البرلمان ولم يتردد في منحه لحزب أقلية كان قدم مرشحا عنه لهذه الانتخابات. ولا يخف الرئيس تبون نيته الصريحة في حل البرلمان لتطويع الموالاة وإغراء المعارضة الموجودة خارج أسوار البرلمان، لكنه لم يستقر بعد على رأي نهائي، حيث باستثناء ما نقله جيلالي سفيان عنه بأنه يخطط لإجراء انتخابات تشريعية قبل أواخر العام الجاري، لم تصدر أي تأكيدات. لكن من غير المرجح أن يذهب إلى انتخابات تشريعية قبل تجهيز قوانين الأحزاب والانتخابات وإجراء إصلاح هيكلي عميق لحزب الأفالان، أو العدول عن رفضه إنشاء حزبه الخاص على أنقاضه، لأن الذهاب إلى الانتخابات في ظل الظروف الحالية في ظل تفكك أحزاب الموالاة وهشاشة المعارضة التقليدية، من شأنه أن يؤدي إلى انتخاب برلمان هجين. وإلى جانب التهديد بحل البرلمان، يواصل الفريق الرئاسي الجديد، ممارسة الضغط على رموز الأغلبية في عمل ممنهج لإخضاع وإذلال مراكز المقاومة في البرلمان ولدى قوى الموالاة، حيث استأنفت في جانفي الماضي عمليات طلب رفع الحصانة عن النواب عشية مناقشة مخطط عمل الحكومة في إحكام للحصار على رموز الموالاة، دون انتظار حل البرلمان، بينما يجري التحضير لمحاكمات أخرى. وتسلّط الأضواء خلال عرض مخطط عمل الحكومة على الوزير الأول التي يعرف دواليب الحكم بصفته "عالم سياسة" ولكن بحكم عمله في حكومات الظل بصفته مستشارا في عدة عهد. وسيحصل جراد بنفسه على فرصة لملاحظة ومعاينة الخصوصيات الفريدة والغريبة للنظام السياسي الجزائري، وحالة "التصحر والتخلف" التي توجد عليها المؤسسات المنتخبة الوطنية الموروثة عن "النظام السابق".