بعد نحو 3 أشهر من الحجر الصحي، حذر مختصون في علم النفس والأمراض العصبية من آثار الانعزال بين 4 جدران والابتعاد عن الأصدقاء ومقاعد الدراسة التي بدأت تظهر على سلوكيات الأطفال، حيث وجد الأولياء صعوبة بالغة في تقويم سلوك صغارهم الذين أدمنوا السهر والألعاب الإلكترونية والإنترنت، ويبدو أن الخروج من هذه الدوامة لن يكون قريبا حسب المختصين، حتى مع رفع الحجر، إذا لم يتدارك الأولياء الأمر قبل أن يفقدوا السيطرة تماما على أطفالهم. "الأطفال هم الضحايا رقم واحد في هذه الإجازة الطويلة غير المخطط لها"، على حد تعبير المختص في علم النفس الدكتور سعيد بلحيمر، الذي اعتبر أن اكتساب الأطفال لسلوكيات سلبية طيلة هذه الفترة كان أمرا متوقعا، نتيجة لاختلال الساعة البيولوجية والاجتماعية للأطفال بعد حصرهم في فضاء ضيق. وأوضح المختص في علم النفس حول هذه النقطة "الكثير من المعطيات التي كانت على سلم أولويات الأطفال تغيرت، وبالتالي أكيد يحدث اختلال كبير يؤثر على نفسيتهم، من حيث العطاء والتركيز والانشغالات، فالطفل كائن له أحلام ورغبات وطموحات، يريد أن يلهو ويفرح، والحجر يجعله يشعر بأنه مسجون ومقيد وليس له الحرية والتلقائية والطلاقة ليفعل ما يريد".
الطفل يعاني آثار السجن!
وتحدث الدكتور بلحيمر، المختص في علم النفس، عن انفلات الأمور من أيدي الأولياء وفقدانهم السيطرة على سلوك أطفالهم، مشيرا إلى خطورة عواقب البقاء لساعات طويلة أمام شاشات الهواتف النقالة، وآثارها السلبية، مبرزا "الإنترنت والأجهزة الالكترونية أصبحت آلية من آليات التعويض بالنسبة للطفل، وبديلا لنقص يشعر به ولا يمكنه وصفه.. الطفل حاليا مثل السجين، وهو فعلا يعاني آثار السجن وسلوكه غير واع بالمرة". ونبه المتحدث إلى أن الطفل ضيع ذاته وهو يبحث عنها من جديد، إذ يعيش تناقضات وجدانية، وهذا سوف ينعكس على مردوده الفكري الذي سيتأثر بدرجة كبيرة، وعندما يعود إلى المدرسة يمكن أن يخيم عليه الفتور ويفقد التركيز، ومشاعره تتذبذب، وحتى علاقته بأصدقائه تتأثر وتفتقد إلى الحميمية. ولفت الدكتور بلحيمر إلى أن علاج الآثار النفسية للتجربة المريرة التي عاشها الطفل طيلة الحجر الصحي يحتاج إلى نفس طويل، مؤكدا أن العملية قد تمتد إلى 5 سنوات على الأقل، مضيفا: "لأننا هنا نتحدث عن نفس طفل في طريق التكوين، وطيلة هذه الفترة سوف يكون الطفل تحت وطأة آثار ما عاشه من ذكريات أليمة، ولن يستطيع الاستجابة للعلاج وإعادة البرمجة قبل هذه الفترة".