ينقلنا كل من الفنان المغني عبد الله الكرد والممثل أحمد زيتوني الذي اشتهر بآداءه لشخصية لقمان في سلسلة عاشور العاشر، في رحلة موسيقية جميلة، بقالب موسيقى مختلف وبنبرة الحنين إلى تسعينيات القرن الماضي. العمل هو عبارة عن فيديو كليب بصوت الكرد، وهي التجربة الإخراجية الأولى في مسار زيتوني الذي قرر دخول هذا العالم عبر بوابة الفيديو كليب بإخراجه لأحدث أعمال الكرد الموسومة ب"في ظلام الليل". وقد أطلق الثنائي العمل هذا الأسبوع، في هذا الحوار مع "الخبر" يحدثنا الكرد عن التجربة، وقال: "لقد عملنا كفريق صغير ولم نكن نفكر إلا في كيفية تقديم لوحة فنية تستحق أن تحترمها الأذن الجزائرية".
لماذا عنوان أغنية "في ظلام الليل" هل الأمر له علاقة بحكاية معينة؟ الأغنية من كتاب كلماتها زكريا حاجي، وظلام الليل هي فكرة قابلة لكل زمان ومكان، وأنا كمغني أحب الكلمات الذي لها معنى عميق ولا أحب أن أضع صوتي رهن الكلمات الهابطة أو التي لا معنى لها، لقد لمست حس الشاعر الصادق في كل كلمة رغم أنها بسيطة، فهي تندرج في تقديري في خانة السهل الممتنع. الكلمات إما أن تحبها وإما أن تشعر بأنها سخيفة، وما وجدته في هذه الكلمات فكرة عميقة تستنتج من روح الأغنية التي تحاول السفر إلى تسعينيات القرن الماضي وتنقلنا كجيل إلى ذكريات نحن إليها في هذا الزمن المتسارع، لقد قمت ببعض التعديلات على المضمون كي أضعها على نسق خامتي الصوتية، والخلاصة التي يجب أن يعرفها أي فنان هي أن الكلمات الجيدة ستحبها وستدفعك للغناء والدندنة وهذا ما حدث لي، و"ظلام الليل" ليست قصة حقيقة وإنما إحساس ووراء كل كلمة هناك حكاية.
هناك اهتمام كبير بالصورة في هذا العمل، نشعر أن المشروع يركز عليها أكثر؟ المستمع اليوم أصبح خلقه ضيق نوعا ما، ونحن في عصر السرعة والمنافسة التي تتحكم فيها الصورة، الموسيقى دخلت مرحلة جديدة منذ سنوات وأصبحت الصورة جزء من العمل الموسيقى ولا يمكن لأي فنان أن يهمل الصورة، وذلك على خلاف الزمن الذهبي للأغنية عبر العالم، فالساحة مزدحمة والمنافسة أصبحت أقوى وللأسف هي منافسة ليست عادلة أحيانا حيث تجد أغاني لا تستحق الاحترام تتصدر نسبة المشاهدة وأخرى جيدة تهمل بسبب نشرها دون فيديو كليب. الأمر لا يرتبط فقط بالذوق الموسيقى وإنما بالصناعة ككل، فتكلفة إنتاج ألبوم غنائي اليوم أعلى من إنتاج فيديو كليب، ويكفي كاميرا عادية ومونتاج خفيف ثم نشر الأغنية على اليوتيوب وانتظار حساب عدد المشاهدات. هذا هو الفيديو كليب الرابع في مشواري الفني الذي عمره اليوم 14 سنة منذ أن برزت في الساحة كأحد الأصوات الجديدة المتخرجة من برنامج ألحان وشباب في طبعته الأولى، وهو الأمر الذي منحني شهرة واسعة في الجزائر والمغرب العربي. أحاول مواكبة العصر وهذا عصري في الحقيقي، وقدمت معظم الأغنية الأخيرة على شكل فيديو كليب منها أغنية "نكذب عليك" مع ياسين محفوظ، ولكن أستطيع القول أنه ليس كل المنتجين الموسيقيين في الجزائر يمتلكون نفس الحس الفني، هناك من يبحث عن الكم على حساب النوعية ولكن ما أبحث عنه أنا هو الفن الحقيقي حتى ولو على حساب الكم.
الاكتشاف الكبير في هذه الأغنية هو الممثل أحمد زيتوني الذي أصبح مخرج ؟ لقد قرر زيتوني أن يأخذنا في رحلة عبر الزمن، في رحلة نوستالجيا بالصورة والصوت، وهو يرافق كلمات أغنية "في ظلام الليل" التي كتب كلماتها زكريا ستايلار بمشاركة الممثلة أسمة محجان وماريا حدوش، الفكرة جاءت من طرف الشركة المنتجة والذين راهنوا عليه لأنه يتمتع بموهبة حقيقية. على المستوى الفني أعجبت كثيرا باختيارات زيتوني وعلى المستوى الشخصي فإن هذه الأغنية والفيديو ستبقى خالدة في ذاكرتي ومساري لأن إبني "سند" شارك فيها كممثل، وهذا أول عمل يجمعني بإبني الصغير وأنا فخور بهذه التجربة. فكرة الفيديو كليب مختلفة وهي تعود إلى التسعينيات هو زمن أحبه وكبرنا فيه وربما المخرج لم يولد حينها وسمع عنه فقط من طرف المقربين منه وأعتقد أن التسعينيات فيها الكثير من الحكايات مع الجزائريين.
اكتسبت شهرة منذ رهانك على الفيديو كليب آداءك لأغاني المسلسلات؟ لقد قمت بأداء أغاني في هذا الإطار عدة مرات وكانت إحداها مع الراحل سعيد بشلوش غنيت "معاناة امراة" وهي ثنائي مع المغنية كوثر، وقمت بأداء العديد من أغاني الجينريك للبرنامج التلفزيونية، ومنذ عامين تعرفت على موسيقى تونسي كان المشرف على موسيقى مسلسل "أولاد الحلال" وقد طلب مني أداء تلك الأغنية التي تحولت إلى ظاهرة موسيقية في عام 2019 وأصبحت شهرتي كصوت موسيقى واليوم أردت الظهور للجمهور من أجل ربط الصوت بالصورة.
هل يمكن القول إذن أن الأغنية نوستاجليا أم رسالة أم تكريم لجيل التسعينيات؟ الأغنية هي رسالة منا إلى الفنن ككل وخاصة جيل اليوم، وإن لن نفكر في بداية الأمر بهذا الشكل ولكن ما طرحه المخرج فكرة تبدو كأنها تكريم لجيل كامل من أبناء التسعينيات وبأخص الفنانين والمعاناة التي واجهوها في ذلك الوقت الصعب ومنهم الراحل الشاب حسني، وهذه قراءتي للفيديو كليب كمشاهد وليس كطرف في المشروع، الصورة لديها القدرة على السفر عبر الزمن وقد سافرنا معا إلى ذلك الوقت الجميل الذي يعد محطة مختلفة في تاريخ الجزائر الحديث.
بين موسيقى الكاسيت وموسيقى الأنترنت ما لذي تغير؟ من الناحية التقنية هناك الكثير من السهولة اليوم والحصول على مختلف الأصوات أصبح أمر متاح للجميع يكفي فقط أن يكون لدين جهاز كومبيوتر، في وقتنا الحالي عدد كبير من الفنانين كرهوا من التكنولوجيا وقرروا العودة إلى الموسيقى بشكلها القديم الذي يقدم روح الآلات الموسيقية أين نسمع كل آلة، لقد هزمت التكنولوجيا الكثير من الألوان الغنائية وبأخص الراي، أما الفنون الأخرى حافظ على رونقها على غرار المالوف والشعبي وذلك بفضل استمرارها في الرهان على العزف النظيف دون مزج تكنولوجي، فالآلات الموسيقي لها سحرها لهذا عندما نسمع أغنية مثل "حتى أنت طوالو جنيحك" للشاب خالد نستمع لكل آلة حية والتكنولوجيا عدلت الموسيقى وشهوتها في نفس والوقت .
تعد من أقوى الأصوات الشابة وهنا من يطالبك بالمساهمة في إحياء التراث الموسيقى؟ إحياء التراث الموسيقى مهمة ليست سهلة وتحتاج إلى دعم كبير من طرف المسؤولين، عندما أديت أغنية "صبرت صبرت " وهي أغنية من منطقي "سوق أهراس"، شعرت بأهمية التراث فعلا وقد نجحت وساهمت عدة عوامل في نجاح منها التوزيع الموسيقي الجديد وصوت "كريم الغانغ"، وفي هذه النقطة أنا بحاجة إلى دعم مباشر من الدولة لأن الأمر يتعلق بكنوز من التراث اللامادي للجزائر ويحتاج إلى أبحاث وآلات وأجهزة خاصة وهذه الإمكانيات تتفوق قدراتي في الوضع الحالي، وأعتقد أنها تفوق قدرات العديد من الفنانين الجزائريين خاصة المتواجدين داخل الوطن لأن ظروف الفن في الجزائر الصعبة في الجزائر وهذا أمر مؤلم الحقيقة وأستطيع القول من هذه الزاوية أن المناخ الفني بجاحة إلى كثير من التطوير وهناك نقائص على مستويات متعددة.