كشفت تقديرات بنك الجزائر إلى غاية نوفمبر الماضي عن مستوى متدن للسيولة النقدية لدى البنوك، حيث بلغت 612.280 مليار دينار، في وقت بلغت فيه الكتلة النقدية المتداولة 6180.299 مليار دينار، وتبقى مستويات السيولة النقدية ضعيفة خلال السداسي الثاني من سنة 2020 إجمالا، حيث بلغت في أكتوبر 583.498 مليار دينار وشهدت أدنى مستوى لها في سبتمبر ب476.867 مليار دينار. كانت مستويات السيولة النقدية لدى البنوك قد تدنت لأول مرة دون عتبة 1000 مليار دينار في ماي 2020 حيث تقلصت السيولة البنكية بأزيد من 329 مليار دج في نهاية شهر جوان 2020 مقارنة بنهاية سنة 2019، حيث اعترف بنك الجزائر في تقديره أن السيولة الإجمالية للبنوك واصلت انخفاضها سنة 2020 حيث انتقلت من 1557.6 مليار دج في نهاية 2018 إلى 1100.8 مليار دج في نهاية 2019 لتبلغ في مارس 2020 نحو 994.056 مليار دينار و933.128 مليار دينار في نهاية ماي 2020، وقدر في جوان بنحو 771.567 مليار دينار. ورغم قيام البنك المركزي بتقليص نسبة الاحتياطات الإجبارية ب10 بالمائة إلى 8 بالمائة وتقليص النسبة المديرة لبنك الجزائر ب25 نقطة قاعدية (0.25 بالمائة) لتحديدها في 3.25 بالمائة ابتداء من 15 مارس 2020، وتم تعزيز هذه القرارات في شهر افريل 2020 بإحداث انخفاض جديد ب25 نقطة قاعدية (0.25 بالمائة) في النسبة المديرة المطبقة على العمليات الرئيسية لإعادة التمويل، التي انتقلت بالتالي إلى 3 بالمائة بدل 3.25 في محاولة من البنك المركزي احتواء أزمة السيولة الحادة التي تعيشها البنوك الأشهر الأخيرة، لاسيما بعد تراجع مداخيل عائدات النفط من العملة الصعبة وانكماش سعر وتداعيات تفشي فيروس كورونا، فإن وضع السيولة ظل في منحى متدنٍ خلال السداسي الثاني من السنة الماضية. وفيما توالت الدعوات للبنوك بالعمل على استقطاب أموال الادخار خصوصا ومساعي الإدماج المالي للكتلة النقدية الموجودة خارج التداول، والتي قدرت بأكثر من 5000 مليار دينار من خلال المرونة في التعامل مع هذا الوضع، ورغم الكشف عن تقديم مجموعة من المنتوجات الجديدة والخروج بحملات دعائية وإشهارية من أجل استقطاب ودمج تلك الأموال، آخرها اعتماد الصيرفة الإسلامية والقروض غير الربوية، إلا أن ظاهرة الاكتناز وقلة الثقة في البنوك تظل قائمة؛ وأكثر من ذلك في ظرف الأزمة الصحية القائمة، فيما عمدت السلطات إلى تأخير إلزامية الدفع الالكتروني إلى نهاية ديسمبر 2021. ويبقى التعامل الكبير بالنقود المعدنية والورقية قائما على حساب أدوات الدفع الأخرى، على غرار الصكوك وبطاقات الدفع الائتماني والدفع بالإنترنت، إضافة إلى التعاملات خارج الإطار الرسمي، التي تمثل نسبة معتبرة من حجم الاقتصاد الجزائري. ويظل الخبراء في المالية والاقتصاد يدعون إلى ضرورة إصلاح بنكي ومصرفي فعلي لتفادي أن تظل البنوك عبارة عم خزائن لإيداع الأموال، وعلى ضمان منح الزبائن القدرة والمرونة على السحب والدفع، في إطار شبكة شاملة وطنيا، وتطوير أنظمة المقاصة وإضفاء شفافية وليونة في مجال القروض وعصرنة البنوك بما يضمن كسب ثقة للمدخرين ولعب البنوك دورا فاعلا على المستوى الاقتصادي.