تتعمد حكومة أحمد أويحيى تجاهل تداعيات قرار الإفراط في طباعة النقود، بعد لجوئها إلى التمويل غير التقليدي لمواجهة أزمة شح الموارد، إلا أن الإجراءات الصارمة والقواعد الاحترازية الموضوعة من طرف بنك الجزائر لتسيير الكتلة النقدية التي يقوم بضخها للتحكم في السيولة النقدية البنكية، توحي بوجود مخاوف غير معلنة. وجاء قرار اللجوء إلى التمويل غير التقليدي ليصعب من مهمة بنك الجزائر ويعقدها ويجعلها تقتصر على ضخ وامتصاص الأموال الفائضة من التمويل غير التقليدي، بغية التحكم في مستوى السيولة النقدية النائمة على مستوى البنوك الوطنية وتجنب صدمة تضخمية أخرى من شأنها أن تتسبب في تدهور للقدرة الشرائية للجزائريين. وأكّدت الأرقام المتضمنة في تقرير بنك الجزائر للوضعية النقدية والمالية للسداسي الأول لهذه السنة، المجهودات المبذولة من طرف بنك الجزائر للتحكم في ضخ أموال التمويل غير التقليدي، حيث تمكن هذا الأخير من خلال السياسة النقدية المعتمدة منذ الانطلاق في اعتماد التمويل غير التقليدي في نوفمبر 2017، من الحفاظ على استقرار السيولة البنكية المتوفرة حاليا على مستوى البنوك عند 1500 مليار دينار خلال السداسي الأول، بعد أن كانت تقدر نهاية 2017 بما قيمته 1380,6 مليار دينار. ومن بين الإجراءات التي سارع بنك الجزائر إلى اعتمادها لاحتواء أموال التمويل غير التقليدي، إعادة إطلاق عمليات الأسواق المفتوحة لامتصاص السيولة الفائضة وذلك انطلاقا من مارس 2017، ليتم تعزيزها مباشرة بعد الانطلاق في التمويل غير التقليدي نهاية سنة 2017، خاصة بعد أن تضاعفت السيولة البنكية بنسبة 68,2 في المائة مقارنة بمستواها المسجل سنة 2016. كما قام البنك المركزي خلال هذه السنة برفع معدل الاحتياطات الإجبارية من 4 إلى 8 في المائة منتصف جانفي الماضي، لتجنب تشكيل مخزون آخر من الديون غير مضمونة الدفع. على صعيد آخر، كشف تقرير بنك الجزائر عن استمرار ارتفاع قيمة القروض الموجهة للاقتصاد، في الفترة الممتدة ما بين جانفي وجوان من سنة 2018، وذلك بمعدل 5,95 في المائة مقابل 7,05 في المائة للسداسي الأول من سنة 2017، بمبالغ إضافية قدرت ب528 مليار دينار. وتؤكد ذات الأرقام بأن القروض الموجهة للاستثمار هي المساهم الرئيسي في زيادة الكتلة النقدية. وحصل القطاع العام على حصة الأسد من هذه القروض بالاستفادة من 4640,7 مليار دينار حتى نهاية جوان 2018، مقابل 4311,3 مليار دينار نهاية ديسمبر 2017، ما يمثل ارتفاعا بمعدل 7,64 في المائة. أما القطاع الخاص فقد استفاد من قروض بلغت قيمتها 4766,8 مليار دينار نهاية ديسمبر 2017 مقابل 4568,3 مليار دينار نهاية 2017 ما يمثل زيادة بنسبة 4,35 في المائة.