كلمة رئيس الجمهورية للأمة بمناسبة الذكرى 59 لعيد الاستقلال: "بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أيتها المواطنات .. أيها المواطنون، ونحن نحتفي بعيد الاستقلال المجيد، ونعود في هذه الذكرى التاسعة والخمسين (59)، بمشاعرنا إلى ذلك الموعد الأغر المُتوِّج لنضالات الشعب المريرة، وكفاحه الملحمي عبر المراحل والحقب .. تَتَداعَى إلى أَذهانِنا تلك المثلُ والمبادئُ الوطنيةُ المقدَّسة، التي رسَّخها جِيلٌ من رُوَّادِ الحركة الوطنية، وسارَ على نَهْجِها بعزمٍ وصلابةٍ الشهداءُ والمجاهدون، وهُمْ يَخُوضونَ أُتونَ حربٍ ضروس، جَنَّد لها الاستعمارُ البغيضُ أَعْتى وأَضخمَ أَسْلِحَةِ التقتيلِ والتَّنْكيلِ والتَّدْمِيرْ .. لقد حَبَانَا المولى عزّ وجلّ بِمَا لَمْ يَتَأَتَّ للكثير مِنْ الأُمَمِ والأوطان، فَأَنْعَمَ على بَلدِنا بِأغْلَى ما تُفاخِرُ به الشعوب وتَعْتَزُّ من بطولاتٍ وأمجادٍ تدعونا إلى العمل على تعميق الوعيّ بأهمية موروثِنا التَّاريخي وارتباطِه بحاضر الأمة ومستقبلها، وعلى مُعالجةِ القضايا المتعلقة بالذاكرة الوطنية، برؤيةٍ مُتَبَصِّرةٍ بلا تنازل، وبِمَا يَرْعَى حقوقَها المُترتِّبَةَ عن ما لَحِقَها من مآسٍ فظيعةٍ، وجرائمَ بشعةٍ على يَدِ الاستعمار. أيتها المواطنات .. أيها المواطنون.. إن وفاءَنا لشَرفِ الالتزاماتِ التي تعهدنا بها وأَقَمْنَا عليها برنامجًا وأولوياتٍ لخدمة الشعب، سَيَبْقَى يَقُودُ خطواتِنا بِثقةٍ إلى الأهداف المُتوَخَّاة، بِدَعْمِ الوطنيين الغيورين الثابتين على المبادئ النوفمبرية، لمُحاربةِ الفسادِ والتَّحايل، وأَخْلقةِ الحياة العامة.. وإشاعة روح المبادرة وتشجيع الاستثمار وخَلْقِ الثروةِ، وتكريسِ المواطنة والحِسِّ المَدَني، والاعتزازِ بالهُويَّةِ والانتماءْ .. ولئن اِعْتَرَى الضبابُ أنظارَ المُنسَاقين إلى الدِّعَايةِ والتضليل، مِنْ فَاقِدِي الموضوعيةِ والنَّزاهة، الذين لا يَتَوَرَّعُونَ عنِ الإساءةِ للدولة ومؤسساتها .. فإنَّ طريقَ الوفاءِ للشهداء، ولعَهْدِنا مع الشعب الجزائري الأبيّ، واضحُ المعالم والغايات .. لقد أَوْفينا منذ أقل من شهر بِكُلّ عَزْم في الثاني عشر من شهر جوان الماضي، بِخُطْوةٍ هامة في إطار المسعى الوطني التَّقْوِيمي الشامل، المبْني على منهجيةِ التدَّرُج ومطلبِ النجاعة، سَواء تَعلَّقَ الأمرُ بإعادةِ الثقة والمصداقية لمؤسسات الدَّولة.. أَوْ بالتَّحدياتِ الجمَّة على الصعيديْن الاقتصادي والاجتماعي . وفي هذا المقام يَجْدُر أن أُشيدَ بِمَا أَبْداه الفَاعِلُون على الساحة السياسية .. وفعالياتُ المجتمع المدني، وبِكُلِّ الاراداتِ والجهُود التي سَاهَمَتْ في إجراءِ الانتخابات التشريعية في كَنَفِ التنافس السياسي النزيه، وَأُنَوِّهُ بِسَهَرِ الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني وأسلاك الأمن على إِحاطةِ استحقاق 12 جوان الماضي بِأَجْواء السَّكينة والاطمئنان .. واثقًا من أن إجراءَ الانتخاباتِ التشريعيةِ المُسَبقة خطوة هامة على طريق اسْتكمالِ مَسَارٍ سديدٍ، لا مَحيدَ عنْه، فَتَحَ الآفاقَ الواعدةَ أَمامَ الشَّعبِ لاختيار مُمَثِّلِيه، ومُمارسةِ السِّيادة الشَّعبية، من خلالِ الصُّندوق، وِفْقَ القواعد الدِّيمقراطية الحقَّة. إن الشَّعبَ الجزائري الذي أَمَّنَ مسيرتَه المُظَفَّرة بميثاق مرجعية نوفمبر .. قادرٌ على دَحْض نوايا التوجهات المريبة ومناوراتها لِلنَيْل من أمن واستقرار البلاد، وعازم على التصدي بقوة وحزم لكل من تسول له نفسه التطاول على الجزائر القوية بشعبها وجيشها .. وإنه اليومَ وهو يُحيي عيدَ استرجاعِ السيادة الوطنية، وَيَسْتَلهمُ من عبقريةِ بناتِه وأبنائه ومن الحراك المبارك الأصيل وعيّا وطنيًا دائمَ التوقُّدِ، لعلى دَرَجَةٍ عالية من اليَقَظة، لإدراكِ مصالحِ الأُمةِ العُليا.. ومعالمَ طريقِها الآمن للوفاء .. والوِحدةِ والنَّصرْ. عاشت الجزائر أبية المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته."