أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اليوم الخميس، إن الجزائر بذلت مجهودات معتبرة في قطاع الطاقة مكنتها من تخفيض الواردات من المشتقات البترولية بما يفوق 50 بالمائة، خلال السنة الماضية مع التطلع إلى التوجه إلى التصدير في السنوات القليلة القادمة، كما لم تستورد أي كمية من الوقود في سنة 2021. وأوضح رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات خلال زيارة عمل وتفقد لمنشآت طاقوية في حاسي مسعود بولاية ورڤلة، إن الجزائر تفتخر بأنها وفرت مصادر الطاقة للساكنة، بحيث حققت قفزة نوعية ومستويات من بين الأعلى في المنطقة، بل وفي العالم، بربط أكثر من 99 بالمائة من المنازل بالكهرباء و 65 بالمائة منها بالغاز الطبيعي، وتبقى الجهود مستمرة لربط المناطق النائية والمعزولة عبر التراب الوطني بما فيها المحيطات الفلاحية ومختلف المستثمرات من أجل تحسين ظروف معيشة السكان وتعزيز الديناميكية الاقتصادية. وأضاف الرئيس تبون إن قطاع المحروقات برهن على استعداده للمساهمة في الأمن الطاقوي لشركائنا من الدول وهذا عبر تأمين التموين بالمحروقات، خاصة من الغاز الطبيعي، إذ سجل نمو الإنتاج الأولي ارتفاعا محسوسا في سنة 2021، قدر بنسبة 14بالمائة للمحروقات و23 بالمائة للغاز، تماشيا مع عودة الحركية الاقتصادية العالمية، كما إن الجزائر اكتسبت قدرات هائلة، حيث أصبحت تتوفر على منشآت صناعية كبيرة في مجال عمليات تكرير النفط، والصناعات البتروكيماوية والنقل بالأنابيب وكذا التصدير، لاسيما من خلال خطوط الأنابيب التي تربط بلادنا بقارة أوروبا، وقدرات تمييع الغاز الطبيعي وكذلك ناقلات الغاز الطبيعي المسال. وقال رئيس الجمهورية في هذا السياق سيظل الهدف الرئيسي يتمثل في الحفاظ على قدرات الإنتاج والتصدير وتعزيزها، بالموازاة مع تكثيف جهد الاستكشاف، وتحسين مراحل الاستخلاص في حقول الإنتاج، وتحقيق التشغيل الأمثل، والرقمنة، وتطبيق التقنيات المتقدمة وخفض التكاليف. ومن أجل تحقيق هذا المسعى، فإن الدولة يحذوها العزم على مواصلة جهودها في الاستثمار في القطاع، إذ ستصل قيمة الاستثمارات في السنوات الأربعة القادمة إلى أكثر من 39 مليار دولار، منها 70 بالمائة ستخصص للاستكشاف والتطوير لاسيما تحسين معدل الاسترجاع وخاصة في حقول حاسي مسعود وحاسي الرمل. وشدد رئيس الجمهورية في كلمته على أنه يولي بالغ الاهتمام لمواصلة تعزيز الدور المحوري لقطاع الطاقة والمناجم في تنفيذ استراتيجية الدولة في مجال الانعاش لاقتصادي والانتقال الطاقوي، من أجل الرفع من قدراتنا الإنتاجية لتلبية حاجيات البلاد من الطاقة على المديين المتوسط والبعيد، من خلال تطوير الطاقات الجديدة والمتجددة، مؤكدا إن هذا الاهتمام نابع من إيمانه العميق بالأهمية البالغة التي يكتسيها قطاع الطاقة والمناجم كمحرك لتطوير القطاعات الأخرى للاقتصاد وتسريع سياسة تنويع مصادر الدخل، وهو ما تَعهد به عند تَوليه مسؤولية رئاسة الجمهورية بالسعي إلى بناء اقتصاد وطني قوي، ومتنوع مُدّر للثروة، ومُولّد لمناصب الشغل وصانع للرّفاه الاجتماعي، بما يعزز أمننا الغذائي ويُحصّن الأمة من التبعية القاتلة للمحروقات وجعل هذه الأخيرة مُحرك للنمو ومصدرا لتنويع الاقتصاد. وفي هذا السياق أكد حرصه على ضرورة استكمال وملاءمة الإطار القانوني للاستثمار، في كل من قطاعات المحروقات، والمناجم، والطاقات المتجددة لتشجيع الاستثمارات وضمان الأمن الطاقوي للبلاد على المدى الطويل. معلنا عن إن الحكومة التي استكملت جميع النصوص التطبيقية الخاصة بقانون المحروقات، تعكف حاليا على استكمال وضع الإطار القانوني الذي سيسمح بإعادة بعث الاستثمار وتسهيل وتبسيط الإجراءات الإدارية المرتبطة به، بما يتماشى مع البيئة الاقتصادية الحالية وترقية وجهة بلادنا للاستثمارات الأجنبية المباشرة. ولدى تناوله لتوقعات سوق النفط الدولية أشار رئيس الجمهورية إلى أن معظم توقعات منظمة "أوبك" تشير إلى أن المحروقات، من نفط وغاز، ستبقى على مدى خمسة وعشرين سنة القادمة، مهيمنة على مشهد الطاقة العالمي، كما أن المعركة الحقيقية عالميا، في السنوات القادمة، ستكون ضد الفحم كمصدر طاقة، وهو ما جعل المجموعة الدولية تسعى جاهدة للتقليل من الاعتماد عليه في إنتاج الطاقة، وفي خضم التحول نحو الطاقات الجديدة، سيحتل الغاز، مستقبلا مكانة أساسية في أعلى هرم المصادر الطاقوية الأولية، وهو ما يمنحنا الأفضلية، ضمن مسارات التحول الطاقوي، على الأقل خلال الثلاثين سنة القادمة. كما تكمن هذه الأفضلية في إمكانية انخراطنا في أكثر الحلول المناخية نجاعة، وهو الهيدروجين، لكون استخداماته تَتميّز ب "صفر تلوث"، بحيث يمكننا اليوم الانخراط كفاعل أساسي في المشاريع العالمية والإقليمية للهيدروجين الأخضر، فبلادنا تمتلك أفضل الخيارات عالميا في هذا المضمار بفضل العديد من الميزات والإمكانيات التي تتوفر عليها، من إمكانات شمسية هائلة، وشبكة كهربائية واسعة، ومساحة كبيرة، وبُنى تحتية وطنية ودولية لنقل الغاز الطبيعي، ونسيج صناعي، لاسيما ذلك المرتبط بإنتاج الأمونياك والهيدروجين، وكذلك الشبكة الواسعة من الجامعات ومراكز البحث.