كشف الدكتور خالد فوضيل، أستاذ وباحث بمعهد تسيير التقنيات الحضرية في جامعة قسنطينة 3 تخصص عمران وبيئة وتسيير الأخطار الكبرى والكوارث الطبيعة ومناضل بيئي، أن أغلب الدراسات تشير إلى استمرار قلة التساقط المطري على دول البحر الأبيض المتوسط والجزائر، وستسجل فترات من الجفاف مثل السنة الماضية مع ندرة في المياه. وكشف الدكتور إمكانية هطول أمطار فجائية عنيفة ورعدية تكون بين فترات جافة وأخرى باردة تنجرّ عنها فيضانات وسيول جارفة ستعرفها بعض الولايات الوطنية، مؤكدا أن فصل الشتاء سيتأخر عن موعده هذه السنة، خاصة بعد أن عشنا فصل صيف متمدد ب 20 يوما من سبتمبر على شاكلة شهر أوت، وهو الأمر الذي يستلزم -حسبه - وضع استراتيجية وطنية جديدة لمجابهة الأخطار والعقلنة في تسيير المياه مع الوزارة المستحدثة التي تعترف بأن الأمن القومي من الأمن المائي. وقال الدكتور فوضيل، إنه لا يمكن فصل مناخ الجزائر عن باقي دول المتوسط وشمال إفريقيا وتأثيرات التغيرات المناخية على هذه الأخيرة لن تستثنيها، مؤكدا أن انعكاساتها ستكون بشكل أول على الفلاحة والمنتوجات الفلاحية والزراعية وحتى تربية الماشية، وهو قطاع حساس جدا بالجزائر، وهذا بسبب الجفاف الناتج عن شح الأمطار التي فرضها هذا التغيّر. وواصل في ذات السياق، إلى أن المنظمة العالمية للتغذية أشارت في تقريرها، إلى أنه إذا استمرت حالات الجفاف بهذه الحدة سنفقد من 15 إلى 20 بالمائة من الإنتاج الفلاحي العالمي، خاصة الحبوب والبقوليات، في الوقت الذي يزيد فيه الطلب على هذه المواد الغذائية والمنتجات الفلاحية. موضحا أن التأثير بدأ يظهر في غلاء هذه المواد الأولية على المستوى الوطني وستزيد حدتها في حال غياب مياه السقي والموارد المائية، وهو عامل، يقول محدثنا، أدى إلى تراجع مساحة الأراضي الفلاحية بالجزائر، قائلا: "هذا الأمر سيمس المواطن الجزائري الذي يعتمد على هذه المواد في غذائه الأساسي". كما تحدّث الدكتور عن تقرير الأممالمتحدة لسنة 2021، والذي يشير إلى أن استمرار تناقص الغذاء بسبب الظروف المناخية سيقف في وجه الإنتاج والتجارة العالمية، والجزائر من البلدان ال 25 في إفريقيا التي ستعاني من الجفاف سنة 2025، وصنّفت ضمن بلدان القلق المائي والتي ستواجه صعوبة توفير المياه، فيما أكدت دراسة أخرى لخبراء البحر الأبيض المتوسط، أعلن عنها شهر فيفري الماضي، أن تراجع الهطول المطري يرتفع من 15 إلى 30 بالمائة، حيث وجهوا ملخصا بلغات متعددة لأصحاب القرار، ذكروا فيها بتغيّر المناخ على بلدان العالم وخاصة بلدان المتوسط التي ستكون على موعد مع الجفاف والفيضانات وارتفاع منسوب المياه في البحار مع تسارع كبير في التنبؤات والتغيرات. وأردف الباحث في الأخطار الكبرى والكوارث الطبيعية، أن ذات التغيرات يمكنها أن تحدث فيضانات فجائية، خلال هذا الشتاء وتسجل في المدن التي تقع في أحواض مائية تعبرها وديان، موضحا أن التساقط المطري في الجزائر سابقا كان عند رقم 1000 الى 1200 ملمتر في السنة وبمعدل 1200 لتر في كل متر مربع، غير أن نسبة استغلال مياه الأمطار آنذاك كانت ضئيلة جدا وطاقة استيعاب السدود لا تتجاوز 50 بالمائة من المياه، مؤكدا أنه يجب التحضير للجفاف والعقلنة في تسيير المياه وتجنب الفيضانات بعيدا عن الخسائر المادية والبشرية والاستعداد لهذه التحديات، ليضيف أن غياب الأمطار كذلك بسبب التغير المناخي سيؤدي إلى اندلاع الحرائق، علما أن الجزائر تفقد ما بين1 إلى 2 بالمائة من الغطاء النباتي سنويا، مما يزيد من عوامل التعرية وبالتالي التصحر وهو ما نلاحظه يؤكد في الغرب الجزائري، حيث يتقدم التصحر بخطى ثابتة نحو ولايات كان مناخها شبه رطب وتحول إلى شبه جاف على غرار سعيدة ومستغانم وحتى في الشرق الجزائري بسبب فترات الجفاف بجنوب خنشلة وباتنة. وعن آثار التغير المناخي كذلك على الجزائر أو التذبذب المناخي الذي يصعب قياسه حاليا ويحدث بصفة فجائية، من خلال تسجيل ارتفاع في درجات الحرارة وتغيّر النظم الإيكولوجية البرية والبحرية، أوضح الدكتور أنه يجب الاستعداد لسيناريوهات مقلقة تدفع المسؤولين لاتخاذ إجراءات عديدة للتصدي لتغيرات المناخ وتراجع الفلاحة والزراعة بشكل كبير، سواء بارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، مع تأثير موجات الجفاف التي ستجعل المحاصيل لا تكمل دورتها، مبرزا عامل ندرة المياه والذي سيكون محل تنافس بين الدول مستقبلا على المصادر القليلة للمياه المستعملة في الزراعة والري والرعي لتفادي أزمة غذاء، حيث أن توفير المياه سيكون أكبر تحد نواجه به تحديات تغيّر المناخ، هذا الأخير وحسب منظمة الصحة العالمية سيؤدي إلى وفاة حوالي 250 ألف شخص في السنة من بينهم 38 ألف بسبب تعرضهم للشمس و60 ألف جراء الملاريا.