انطلقت، أمس الثلاثاء، محاكمة 55 متهما من أفراد عائلة طحكوت ومسؤولين في شركاتهم أمام الغرفة الثالثة للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي لمحكمة عبان رمضان، وذلك بتهمة تبييض الأموال عن طريق إخفاء ممتلكات وعائدات متحصل عليها من جرائم الفساد وكذا إعاقة السير الحسن للعدالة عن طريق الإدلاء بشهادة الزور في جرائم الفساد وعرقلة سير التحريات الجارية بشأنها، إلى جانب التأثير وممارسة ضغوطات على المتصرفين القضائيين الذين عينتهم العدالة. تعود وقائع القضية إلى أواخر أوت 2022، حيث تمكن عناصر المصالح المركزية لمكافحة الجريمة المنظمة بعد عملية تتبع مستمرة من إيقاف المبحوث عنه حميد طحكوت بينما كان على متن مركبة صنف "هونداي أكسنت"، وذلك في إطار تنفيذ الأمر بالقبض الصادر في حقه بتاريخ 18 أفريل 2022، عن قاضي التحقيق في الغرفة الأولى لدى محكمة الرويبة، لأجل قضية تبييض الأموال، إعاقة التحقيق القضائي وإخفاء العائدات الإجرامية. ومكنت ذات العملية من استقاء معلومات بخصوص التعاملات المشبوهة لحميد طحكوت، تتعلق بإشرافه رفقة بقية أفراد عائلته يوسف، ابراهيم، علي وغيرهم على تبييض أموال مجمع طحكوت عن طريق تمويه الطبيعة الحقيقية لعدد من ممتلكاته العقارية، إضافة إلى نقل وإخفاء عدد معتبر من الأملاك المنقولة (مركبات فاخرة) تفاديا للوصول إليها وحجزها، خصوصا بعد مباشرة إجراءات الجرد من طرف الجهات القضائية في إطار الأحكام القضائية والملفات الإجرائية المتبعة ضد الشركات التابعة لمجمع طحكوت و/أو ملاکه محيي الدين، رشيد، حميد، بلال وغيرهم. ويتمحور الأسلوب الإجرامي المعتاد اتباعه من طرف أفراد عائلة محيي الدين طحكوت، حسب ما علمت ''الخبر'' من مصدر مطلع على الملف، في "تسليم الأموال النقدية مع نقل ملكية الممتلكات العقارية والمنقولة إلى أشخاص من معارفهم والمقربين إليهم، كل ذلك بعلم ذات الأشخاص أنها بهدف تمويه الطبيعة الحقيقية لذات الممتلكات، على غرار أساليب أخرى تتعلق باستيراد العديد من المركبات الفخمة من مختلف العلامات، منها دون إتمام إجراءات الجمركة والتسجيل أمام مكاتب تنقل السيارات بالجزائر، مستغلين في ذلك رخص الاستيراد الخاصة بالمجاهدين، ليتم بعد ذلك تحرير وكالات خاصة لها على مستوى بعض مكاتب الموثقين المعروفين بتعاملاتهم معه، التي تدون فيها أسماء أقاربهم أو بعض موظفيهم، ناهيك عن بعض زبائن شركة سيما لعتاد السيارات".
التأثير على المتصرفين
ويواجه أفراد من عائلة طحكوت والموظفين التابعين لشركاتهم تهمة عرقلة السير الحسن للعدالة من خلال التأثير على المتصرفين الذين تم تعيينهم من قبل الجهات القضائية المختصة، حيث يتابع المتهم "م. ا" الذي كان يعمل بشركة "سيما" لعتاد السيارات بمجمع طحكوت منذ سنة 2015 كمدير تقني وتجاري للشركة ثم عين من طرف المتصرف القضائي شودار محمد كنائب مدير عام لشركة النقل سنة 2019، بممارسة ضغوطات على المتصرف القضائي "ك. ز" لإعادة تنصيب المتهم "ش. ا" بعدما خرج من السجن، رغم تورطه مع المتهم الرئيسي طحكوت محيي الدين، وترقيته إلى منصب مسؤول مكلف بالنقل براتب شهري قدره 30 مليون سنتيم. بالمقابل يتابع المتصرف القضائي والإداري لمجمع طحكوت في الفترة الممتدة من تاريخ 6 جانفي 2020 إلى غاية 31 ديسمبر 2020، "كمال. ز" لقيامه بالتوقيع على طلبي شيكات لفائدة الشركة ذات المسؤولية المحدودة "تي ام سي" الكائن مقرها بولاية تيارات، عن طريق بنك التنمية المحلية، بقيمة مالية قدرها 1.2 مليار سنتيم والثاني لفائدة ذات الشركة بقيمة مالية قدرها 2.963.011.50 دج وتحويلهما إلى القابض الرئيسي للجمارك بمستغانم لاستغلالهما في دفع الرسوم الجمركية لمركبة من نوع "فورد اف 250" تم استيرادها باسم "سليماني" الذي لا تربطه أي صلة بالمجمع، فضلا عن ذلك فإن القيمة المالية المحولة لدفع هذه الرسوم الجمركية تفوق القيمة الحقيقية للتكلفة الجمركية، الأمر الذي يؤكد تحويل هذا المبلغ إلى وجهة مجهولة.
شيكات مشبوهة لأبناء المتهمين
ويتهم المتصرف الإداري "كمال. ز" غير الموقوف بالمشاركة في تبييض الأموال باستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاط مهني وفي إطار جماعة إجرامية وبجنحة المشاركة في تبييض الأموال عن طريق إخفاء الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها، مع العلم أنها عائدات إجرامية، وذلك لقيامه بالتوقيع على ثلاثة شيكات بنكية لفائدة طحكوت علي وبلال وإبراهيم بقيمة 1.5 و1.1 و1.5 مليار سنتيم، وهي، حسب ما يقول المتهم، مجموع رواتبهم الشهرية التي لم يتقاضوها من جوان 2019 إلى مارس 2020، كما حرر لطحكوت علي وإبراهيم في شهر أفريل 2020 شيكين بقيمة 1.5 مليار سنتيم لكل منهما. ويقول مصدر مطلع ل"الخبر" إن المتهم "م. محمد"، الذي عين في مارس 2020 مسؤولا للموارد البشرية بشركة طحكوت للنقل، تلقى في شهر ديسمبر 2020 اتصالا هاتفيا من طحكوت بلال للتقرب إلى مكتبه بالحظيرة 3 بالمنطقة الصناعية الرغاية، وسلمه عقد عمل بينه وبين والده طحكوت محيي الدين وطلب منه في نفس الوقت إعادة إدماجه في منصبه السابق بصفته نائب المدير العام لمؤسسة طحكوت للنقل، وقام بعد ذلك بإعداد ثلاثة رواتب خلال نفس الشهر للمدعو طحكوت بلال بمجموع 6 ملايين دينار جزائري، وذلك دون أن يتلقى أي وثيقة أو قرار بالتنصيب أو إعادة الإدماج من المتصرف القضائي "كمال. ز".
الممثل القانوني يرفض تقديم نسخ الصكوك البنكية
كلفت مصالح الضبطية القضائية المتهم "ب. معاذ"، الذي كان يشغل منذ شهر ماي 2018 منصب الممثل القانوني المكلف بالمنازعات بمجمع طحكوت، بموافاتهم بنسخ من الصكوك البنكية المحررة والموقعة من طرف المتصرف القضائي لمجمع طحكوت المتهم "ز. كمال" لفائدة المتهم طحكوت إبراهيم، علي، بلال. ولم يقم المتهم بموافاة مصالح الضبطية القضائية بالوثيقة التي تبرر عملية سحب الأموال من الحساب البنكي الكائن ببنك ''سوسيتي جينرال'' بالرغم من وجود تعليمة تلزم بأن تكون التعاملات المالية التي تفوق مبلغ مليار سنتيم بوجود وثيقة تثبت الغرض من سحب هذا المبلغ.
تحايل في جرد الممتلكات
وفي واقعة أخرى قام المتهم "محمد. م"، مسؤول الموارد البشرية بشركة طحكوت للنقل، بإعداد قائمة رفقة المتهم "ل. محمد أمين" تخص الموظفين المؤهلين لإجراء عملية الجرد، تضم كلا من طحكوت زايد وطحكوت احمد، وتنقل بتاريخ 17 جانفي 2022 إلى مقر المخزن الرئيسي لقطع غيار الحافلات لمعاينة محتوياته، ولم يتم ذلك إلا بعد حضور المدعو طحكوت حميد، كما أن المخزن المعاين لم يتم العثور به على أي قطع غيار خاصة بالشركات الثلاث للنقل، كما أن المعاينة مست مستودعا واحدا فقط دون المستودعات الأخرى.
التصرف في الممتلكات دون تصريح المتصرفين
وعلمت "الخبر" من مصدر مطلع على الملف أن المتهم طحكوت إبراهيم قام في أفريل 2020 بإخراج سيارات ومركبات من حظائر المجمع ليلا ونهارا بالاستعانة بأشخاص أجانب عن الشركة ودون وصل خروج المركبات، ووجه تعليمة لابن عمته المتهم "ج. محمد جلال" لإخراج 6 سيارات فخمة من الحظيرة رقم 8. ولم يقم المتهم طحكوت إبراهيم بالتصريح للمتصرف الإداري المعين من طرف العدالة بالعتاد الذي كان يديره ويشرف عليه، خاصة فيما تعلق بجرد العتاد الذي كان مكلفا بإدارته. ويتبين من خلال سماع الشهود أن المتهم كان يرسل المركبات عن طريق السائقين الخاصين به، كما كان يقوم من حين إلى آخر بتغيير مكان بعض المركبات دون تحديد أماكنها. من جهته يواجه المتهم "ج. محمد جلال" جنحة تبييض الأموال عن طريق إخفاء ممتلكات أو مصدرها مع العلم أنها عائدات إجرامية، إخفاء عمدا عائدات متحصل عليها من جرائم الفساد، جنحة إعاقة السير الحسن للعدالة عن طريق الإدلاء بشهادة الزور في جرائم الفساد وعرقلة سير التحريات الجارية بشأنها، حيث أخرج المتهم وهو ابن أخت المتهم طحكوت محيي الدين، ابتداء من تاريخ 21 أفريل 2021، بصفته منسق الصفقات بشركة طحكوت محيي الدين للنقل بمعية سائقين أجانب عن المؤسسة، 59 مركبة أغلبها في الليل دون وصل خروج كلها سيارات فخمة، منها أمريكية الصنع لا يعلم، أحد وجهتها والراجح أنه تم التصرف فيها بالبيع.