نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، اليوم الأربعاء، برقية تحت عنوان "من الاستقلال.. إلى الجزائر الجديدة" تحدثت فيها عن عدة محاور أهمها مواصلة الجزائر دعمها للقضيتين الفلسطينية والصحراوية، انجازات الجزائر بعد 61 سنة من الاستقلال إضافة إلى ما تحقق تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والمشاريع المستقبلية. البرقية كاملة: لا يزال تاريخ الجزائر الفريد يشكل مصدر أمل لعديد الدول التي لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار. فلقد لعبت الجزائر، التي افتكت استقلالها من أحد أكبر القوى العسكرية في العالم، دورا هاما في حركات التحرر لا سيما بإفريقيا، وهو الكفاح الذي سارت على دربه قارة إفريقيا في سبيل التحرر من الاستعمار ونظام التمييز العنصري الابارتايد. كما شكل الكفاح من أجل تحرر آخر المستعمرات أحد المبادئ التي ارتكزت عليها سياسة الجزائر الخارجية في سنوات السبعينيات حيث كانت الديبلوماسية الجزائرية صوت الدول المستعمرة في جميع المحافل الدولية. وها هي الجزائر اليوم، بعد مرور واحد وستين (61) سنة عن استقلالها، ماضية في نضالها من أجل طي آخر ملفات إنهاء الاستعمار: قضيتا الصحراء الغربية وفلسطين. تشييد الدولة الجزائرية وبعد سنوات حرب التحرير الدامية التي وضعت حدا لاستعمار فرنسي عنيف وهمجي، استطاعت الجزائر أخيرا أن تنعم بخيرات الاستقلال وهبت عليها رياح الفخر والأمل والتفاؤل فمضت تبني دولتها. ليأتي بعدها زمن الطموحات الكبرى والإنجازات الجسام، فطفقت الجزائر تنشئ جيشا وطنيا شعبيا، سليلا لجيش التحرير الوطني المجيد وترسي قواعد للإدارة وتعمم التربية الوطنية وتوفر العلاج المجاني ونظام حماية اجتماعية للجميع، علاوة على تأميم القطاعات الاستراتيجية وإطلاق سياسية صناعية وفلاحية. لقد دبت الحياة في البلاد بعد أن تركتها الإدارة الاستعمارية كالأرض البور وهي التي كانت تنتهج سياسية الأرض المحروقة. كما أقر البلد العديد من البرامج الخاصة والمخططات الخماسية التي سمحت بإنجاز واسع للسكنات. كانت الجزائر تحصي عام 1962 جامعة واحدة وبعض الثانويات وبعض قاعات العلاج دون أدنى تأطير، وكان الجزائريون يقطنون أكواخا وبيوت قصديرية. وبعد واحد وستين سنة، تحصي الجزائر الآن أزيد من 12 مليون تلميذ متمدرس، أي ثلث سكانها، وأكثر من مليون ونصف المليون طالب يدرسون في أزيد من 100 جامعة، يتخرج منها 250.000 طالب في السنة. كما تحصي جزائر 2023 العشرات من المراكز الاستشفائية الجامعية. الحصول على السكن والتنمية البشرية تعود جذور أزمة السكن إلى ماض بعيد. فعمدت الجزائر إلى إعطاء الأولوية إلى سياسة الإسكان وذلك من خلال برامج التنمية المختلفة وأطلقت مشاريع ضخمة لبناء السكنات وأنفقت مبالغ طائلة من اجل حل أزمة السكن من جهة، والقضاء على السكن الهش من جهة أخرى. ويعد قطاع السكن الذي عرف، منذ سنة 1962 والى غاية يومنا هذا عدة محطات، مفخرة الجزائر المستقلة، ذلك انه لا يمكن لأي بلد في العالم أن يجاري الجزائر في سياستها السكنية، حيث يعد الحصول على سكن بالنسبة لكل شرائح المجتمع أحد المبادئ الأساسية لسياسة التنمية البشرية في الجزائر. لقد تقلصت آجال الحصول على السكن بشكل محسوس بعد أن كانت في الماضي تدوم لسنوات عدة. وبعد أن كان المواطن ينتظر حتى يتقدم به العمر من أجل الحصول على سكن، ها نحن اليوم نرى شبان لم يبلغوا الثلاثين من العمر يتحصلون على سكناتهم. لا توجد أي دولة قادرة على منح مئات الآلاف من السكنات كل سنة كما تفعل الجزائر. لم يسبق وان حصل هذا، والأفضل قادم، حيث ستشهد سنة 2024 توزيع ما يقارب مليون وحدة سكنية. العيش الكريم في الجزائر يرجع للطابع الاجتماعي للدولة الذي نص عليه إعلان الفاتح من نوفمبر 1954: نظام حماية اجتماعية لا يتخلى عن أحد، إعفاء من الضرائب للأجور المنخفضة ورفع للأجر الأدنى الوطني المضمون ولمنحة التقاعد، فضلا عن إقرار منحة البطالة مؤخرا وهو إجراء لم تتبناه سوى بعض الدول الغربية. الجزائر الجديدة لقد تضمنت الالتزامات الانتخابية ال54 لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، جميع رسائل ومطالب الحراك. فبعد انتخابه الباهر عقب اقتراع حر، سرعان ما بادر الرئيس تبون إلى إرساء أسس جزائر جديدة، جزائر العهد الحديث، جزائر الحرية والعدالة والرفاه، جزائر لها مكانتها في هذا العالم الجديد الذي بدأت ترتسم معالمه. ورغم بعض مقاومات التغيير نجح الرئيس تبون في الوفاء بالتزاماته. من استعادة هيبة الدولة إلى استكمال عملية البناء المؤسساتي مرورا بأخلقة الحياة العمومية، نجح رئيس الجمهورية في إعادة الثقة بين الجزائريين ودولتهم، فبات المواطن في هذه الجزائر الجديدة في صلب الأولويات وحماية قدرته الشرائية أضحت معركة دائمة. استطاعت البلاد في ظرف ثلاث سنوات أن تقطع أشواطا هامة في كافة المجالات وهي تسير بخطى ثابتة نحو القمة، بل نحو الريادة. وشهدت البلاد تحولا حقيقيا، فالجزائر الجديدة للرئيس تبون لا تمت بصلة إلى النظام القديم الذي تحن إليه القوى المفترسة. كما يشهد مسار تنويع الاقتصاد دفعا قويا بفضل قانون الاستثمار الجديد الذي يحرر المبادرات ويشجع على خلق الثروة. وتعرف الصادرات خارج المحروقات تطورا استثنائيا منذ سنة 2020، فيما يتم إيلاء أهمية خاصة للفلاحة، هذا القطاع الحيوي الذي كان ضحية البيروقراطية التي أعاقت نموه. يجب على الجزائر ضمان أمنها الغذائي خاصة في هذه الأوقات العصيبة في ظل الأزمات العالمية الكبيرة. وقد أطلقت الجزائر مشاريع ضخمة في قطاع المناجم، وهي مشاريع هيكلية حقيقية ستمكن البلاد من دخول قائمة الدول العشر الكبرى في هذا القطاع. ولضمان الأمن المائي، في ظل تهديدات النزاعات المحتملة حول المياه، قامت الجزائر بإطلاق برامج شاملة لمحطات تحلية مياه البحر. هذا وسيساهم إطلاق مشروع السكك الحديدية الضخم الرابط بين شمال وأقصى جنوب البلاد، في بروز أقطاب اقتصادية جديدة ستضمن للجزائر استدامة النمو، فمشاريع السكك الحديدية تعد من أبرز مشاريع الفترة الخماسية. وبالنسبة لرئيس الجمهورية، فان جزائر 2030 التي سيبلغ تعداد سكانها حوالي 60 مليون نسمة، تبنى اليوم، حيث تبذل كل الجهود الممكنة من أجل بروز الجزائر التي تسعى للانضمام إلى مجموعة بريكس ولمنظمة شنغهاي للتعاون. لقدت كرست الجزائر الجديدة المتأقلمة مع عصرها، عودتها بقوة إلى الساحة الدولية من خلال مساهمتها في تسوية الأزمات، كما ستفاجئ العديد بإطلاقها في المستقبل القريب العديد من المشاريع المهيكلة ستعزز التحول الذي تشهده البلاد منذ 2020.