حقق بايرن ميونخ قبل أيام بطولة كأس العالم للأندية، حقق البطولة بسهولة نسبية ففاز على جوانزو ثم المفاجأة الجميلة الرجاء البيضاوي، فحصد بالتالي أول لقب كأس عالم أندية في مسيرته، فوصل البافاري إلى المكان الذي سعى له طويلاً، فتذكرت وهم يحملون هذا اللقب أيام سوداء عاشها البافاري وخسارة قاسية ما زلت أذكر كل أهدافها ضد ميلان 4-1 في بطولة دوري الأبطال 2005-2006 ورباعية برشلونة في دوري أبطال 2008-2009، وكيف استطاع هذا الفريق في 4 سنوات القفز من الحضيض بالنسبة لفريق كبير إلى قمة العالم وأصبح المرعب للجميع. التقرير التالي هو مواصلة نهج جديد يبدأه موقع سوبر من تقارير حصرية ومفصلة، فبعد تقرير "كل ما تحتاجه عن رحيل تشابي الونسو" ، وتقرير "برشلونة معتاد على أساطيره"، نقدم اليوم هذا التقرير عن أسرار بايرن ميونخ، ويطرح الزميل أحمد الشوم تقريراً غنياً عن كل مشاركات العرب في كأس العالم للأندية. إنهم لا يلعبون مقابل "البوب كورن" ... الأموال أولاً: لا تصدق أنه يمكنك حالياً المنافسة من دون أموال، فالمال ليس فقط لشراء اللاعبين بل للحفاظ عليهم من خلال دفع الأجور الكبيرة، فقد تنجح أكاديميتك بتخريج أفضل اللاعبين لكن من دون أجور سيرحلون عنك، وعلينا أن نلاحظ بأن فاتورة أجور برشلونة رغم العدد الكبير من خريجي أكاديميته هي الأعلى بين الأندية الأوروبية لأنهم نجوم. بعد موسم 2006 كان بايرن ميونخ في الترتيب الثامن أوروبياً من حيث الدخل وكان عقد رعايته أقل قيمة مالية من عقد رعاية توتنهام، لكنه الآن بات الرابع مع توقعات كبيرة بأن يصبح ثالثاً نهاية الموسم متخطياً مانشستر يونايتد وخلف كل من ريال مدريد وبرشلونة، هذه الزيادة في الدخل لم تكن من خلال زيادة الشعبية أو الجوائز الكروية كما يعتقد البعض فهي لم تكن اللاعب الرئيسي في المسألة بقدر النشاط كنادي يعتبر واجهة المانيا والاستفادة من قوة شركات هذه البلد. فمثلاً نقل موقع دويتشه فيله في تاريخ 27-11-2009 الإعلان الرسمي عن انضمام أودي لقائمة المالكين في بايرن ميونخ بنسبة 9% مقابل 90 مليون يورو نقداً و10 مليون يورو كل سنة بعد ذلك حتى عام 2019، في حين أن أديداس تدفع سنوياً ما يقارب 25 مليون يورو سنوياً في عقد ممتد حتى عام 2020 ومن المتوقع أن يبقى أبدياً وهي تملك تقريباً 10% من العملاق البافاري، ولا ننسى العقد الضخم الذي تم توقيعه في عام 2009 مع عملاق الاتصالات الألماني Telekom. أما العملاق الأخير الألماني الذي يدعم بايرن ميونخ فهو شركة الطيران لوفتانزا وهناك عقد مستمر حتى عام 2018، وكل هؤلاء شركاء نجاح، وألمحت كل الصحف أنهم مستعدون لدعم بايرن ميونخ كي يشتري أي نجم يريده، بل إنهم يغضبون منه في حال لم يشتر نجوم كما حصل في موسم لويس فان جال الثاني حيث قيل إن لوفتانزا هددت بالبحث عن شريك أخر فهم مستعدون للدفع حتى في الصفقة، شراء جوتزه لم يكن مجرد كرة قدم ولاعب موهوب، بل هي مسألة أن يكون أفضل لاعب الماني شاب في بايرن ميونخ حيث تدعمه كل شركات البلد. كل ما سبق ألخصه بقول مهندس نجاح بايرن ميونخ الإداري الكبير أولي هوينيس عند اقترابه من تجديد عقد ريبيري بقوله "النجوم لا يلعبون مقابل البوب كورن"، وكان يقصد أنهم مكلفون للغاية في هذا الزمان. إعلان ظريف بين بايرن ميونخ ولوفتانزا: لا مزيد من أسواق الانتقالات الفضائحية: كانت مشكلة جمهور بايرن ميونخ مع فريقها قبل نهاية موسم 2008-2009 بأن الفريق لا يقوم بسوق انتقالات كبيرة إلا في حال شعروا بأن الفريق ينهار، ولكن منذ نهاية ذلك الموسم وعقب الخسارة ضد برشلونة بشكل مؤذٍ لكبرياء الألمان فتغير كل شيء. ففي الموسم التالي تعاقد بايرن ميونخ مع آرين روبن وماريو جوميز وايفيكا اوليتش وتيموشاك فلعب نهائي دوري الأبطال مباشرة، بعدها بموسم كان جلب لويس جوستافو واستعادة توني كروس وترفيع ديفيد الابا، وأما الصيف الثالث فكان هناك نوير ورافينيا وجيروم بواتينج، ثم جاء الصيف الذي سبق الثلاثية بشراء خافي مارتينيز ودانتي وماندزوكيتش وشاكيري، وأما الموسم الأخير فقتل بايرن ميونخ خصمه دورتموند بشراء جوتزه ثم جلب الموهوب تياجو الكانتارا في رفع جودة واضح لخط الوسط ليلائم عقلية المدرب الجديد بيب جوارديولا. هذه السوق الممتازة لم نكن لنراها لولا التميز المالي المذكور في النقطة الأولى، والدعم الكبير الذي يجده بايرن ميونخ كممثل المانيا الأول من الشركات العملاقة. لا تنسَ أصلك في نفس موسم التسوق: بايرن ميونخ ورغم كثرة سيولته وصفقاته ما زال يهتم بمدرسته وأكاديميته من جهة، وشراء لاعبين المان متميزين من جهة أخرى، ففي 2009 كان ترفيع مولر و2010 استعادة كروس، أما 2011 فاستعادة الابا من إعارته في هوفينهايم، وهو في نفس الوقت اشترى نوير وجوتزه وبواتينج وهم جميعاً من الألمان والدوليين في آن واحد. التوازن بين الحصول على المواهب من الأكاديمية بعد إعارتها وتجربتها في فرق أخرى، وشراء نجوم كبار وبنفس الوقت شراء لاعبين يخدمون الفريق هي معادلة توازن البافاري الناجحة، فخافي مارتينيز ليس ميسي أو رونالدو كما قال عنه هاينكس لكنه يحقق المطلوب.. بل حقق المطلوب الموسم الماضي، في حين أن روبن وريبيري نجوم مع حفظ العنصر الألماني الذي هو بالأصل سبب الدعم الكبير الذي يتلقاه محلياً من الشركات الألمانية العملاقة. قضية بالاك لن تتكرر: في صيف 2006 خسر بايرن ميونخ القيصر الصغير مايكل بالاك مجاناً إلى تشلسي، وبعدها تغيرت طريقة تعامل النادي مع تجديد عقد نجومه، فلم نعد نسمع عن أي خوف في البايرن من خسارة نجم مجاناً. لم يعلن بايرن ميونخ عن تغيير سياسة تجديد عقوده لكنها واضحة جداً هذه الأيام، بايرن يبدأ بالتفاوض مع اللاعب قبل عامين من نهاية عقده ولا ينتظر الموسم الأخير، وبالتالي يعرف مبكراً نوايا اللاعب ويبيعه كي لا يخسره مجاناً، كما أن فترة عام كامل قبل الدخول في الفترة الحرجة من العقد كافية للمفاوضات مثلما حدث مع ريبيري وشفاينشتايغر من قبل. هنا يمكن القول إن سر بايرن ميونخ "التعلم من أخطائه، ففي الانتقالات تعلم، وفي العقود تعلم، وفي المال تعلم" تخيلوا بايرن خسر مثل هذا النجم الظاهر بالفيديو التالي مجاناً !: التعامل بهدوء مع الأزمات: إن كان هناك شيء يؤخذ للبايرن في كل الأزمات التي ضربته سواء في أواخر عهد ماجاث أو نهاية أيام فان جال وموسمي النجاح لدورتموند فهو الهدوء، بايرن ميونخ لم يخلق ضجة كبيرة في تعامله مع الأمور، بل تصرف بعقلانية دوماً واستعان بالخبرة ولم يتسرع بإعادة هيكلة اللاعبين بل يمكن القول إن اللاعبين الذين عايشوا كل الأزمات ما زالوا موجودين بغالبيتهم. بايرن لم يغير سياسته كل عامين بل بقي محافظاً عليها وإن تغير المدرب، لم يلزم أي منهم بأسلوب لعب حالياً إلا الحفاظ على الكرة الهجومية أما الخطط والنهج فهو حر بها، كان يستبدل المدرب ولا نسمع بتغيير كل شيء بسببه، فالبنيان ثابت والمدرب له حرية التزيين، ومن أدلة الهدوء أن يوب هاينكس استمر في التدريب رغم أن موسمه الأول شهد تحقيقه ثلاثية المركز الثاني وليس ثلاثية الألقاب؛ وصيف الدوري ودوري الأبطال والكأس وتعرض لخسائر ساحقة ضد دورتموند، فالهدوء جعلهم يدركون بأن المشكلة لم تكن في المدرب بل ببعض الجودة المفقودة في بعض المراكز، ونذكر أن الفريق خاض نهائي الأبطال تحت بدء تكون فضيحة أولي هوينيس المالية. يوب هاينكس: ناكر للجميل وجاهل بالتفاصيل من ينكر أهمية يوب هاينكس في وضع بايرن ميونخ على قمة العالم، القصة لم تبدأ بالثلاثية وإن كانت شهرة المدرب المخضرم بدأت منها، لكن القصة تعود إلى موسم 2008-2009 بعد إقالة يورجن كلينسمان نتيجة الخسارة ضد شالكه في الأليانز أرينا 1-0 وبعدها بات البايرن مهدداً بعدم لعب دوري الأبطال وهو المسحوق في ذلك العام 5-1 من فولفسبورغ الذي فاز باللقب في النهاية. يوب هاينكس استلم الفريق عائداً من اعتزاله في أخر 5 مباريات خلال ذلك الموسم فحقق 13 نقطة من أصل 15، وجعل البايرن يحتل المركز الثاني ثم كان تعيين لويس فان جال مدرباً فتنحى الرجل بصمت وذهب ليدرب باير ليفركوزن حيث أعادهم إلى بطولة دوري الأبطال. بعد ذلك عاد هاينكس في موسم 2011-2012 ونجح ببناء فريق حطم أساليب الجميع، وهو أول فريق جعل الكلام عن نهاية حقبة برشلونة كأقوى فريق في أوروبا مشروعاً، وما نراه الآن نتاج عمل هاينكس مرتين، إنقاذ دوري الأبطال 2009-2010 بتأهيلهم له وهو الموسم الذي لعب فيه بايرن ميونخ نهائي البطولة وكانت نقطة عودة مع تناسي فضل الرجل الذي أخدهم هناك، ثم ثلاثية تاريخية تحققت الموسم الماضي، ليكون هاينكس فعلاً أحد أركان قصة النجاح هذه. هاينكس أحد أهم الأسرار البافارية التركيز على ما هو مهم : عندما تراقب الفرق الكبيرة فإن هناك شيئاً يتميز به بايرن ميونخ عن غيره من الفرق وهو التركيز على المهم فقط، لا يهتمون بأي شيء ينشر في الإعلام من إشاعات أو غيره ويكتفون بالحسم السريع، مصادر التصريحات لديهم واضحة ولا نسمع كل يوم شخصاً مختلفاً يتحدث بصفته في هذا النادي أو ذاك. عن هذه المسألة قالت دير شبيغل الألمانية إن مبدأ بايرن ميونخ واضح وبسيط، ركز على ما هو مهم، أي ركز على كرة القدم بغض النظر عن كل الضوضاء التي تثار من حولك، وهذا ما أكده رومينجه لهم في مقابلة صحفية. أين مشكلة جوارديولا والجاسوس؟ أين مشاكل روبن؟ أين مشكلة هوينيس؟ تجاهلها بايرن وركز على كرة القدم، فنسيها الإعلام ! قلم رومينجه ! : من القصص الظريفة أنه في عام 2010 قام المدير العام كارل هاينز رومينجه بإهداء فرانك ريبيري قلماً بمناسبة عيد ميلاده وقال له هذا كي توقع على العقد الجديد معنا به، وآنذاك كان هناك اهتمام غير طبيعي من ريال مدريد وبرشلونة وتشلسي باللاعب، لكن في النهاية وقع ريبيري واستمر وكان أحد أسباب الثلاثية. بقاء ريبيري لا يعنيه كفرد واحد استمر وحسب وليس هو السر بل "الحفاظ على النجوم"، تلك الحادثة كانت رسالة لكل من في الفريق بأن البايرن يريد بناء عملاق كبير من جديد ولن يستغني عن نجومه وكذلك للكبار في أوروبا بأن عليهم الابتعاد، بقاء ريبيري ساعد على بقاء لام وشفاينستايجر وأقنع أسماء أخرى بالقدوم إلى بايرن ميونخ، وبالتالي لا يمكنني نسيان فكرة القلم الذي ساهم بشكل أو بأخر بنجاح بايرن ميونخ الكبير. حفل عيد ميلاد ريبيري بعد الفوز على مانشستر يونايتد 2010 Mia San Mia Bayern Munich!!! ! لا ليس خطأ تركت الكلام بالألمانية هنا، بل هو شعار بايرن ميونخ الذي يعني "نحن ما نحن هو عليه .. بايرن ميونخ"، وهذه رسالة تعني أن عليك الفخر بكونك مشجعاً لبايرن ميونخ، بكونك لاعباً لبايرن ميونخ، وهو الجو العام في النادي، ذلك الفخر يدفع الفريق بعدم رضا مواسم طويلة من الجفاف أو الغياب، فيعملون ويأتون بحلول كلما تراجعوا لذلك هو ثالث أفضل فريق بتاريخ دوري أبطال من حيث الألقاب (يتفوق على ليفربول في عدد المباريات النهائية) وأفضل فريق بلا منازع في تاريخ المانيا.