بعد أيام من فوزه الرائع ببطولة الدوري الأسباني لكرة القدم للمرة الأولى منذ 1996 ، يسعى أتلتيكو مدريد إلى الهرب من ظلال جاره ومنافسه التقليدي العنيد والعملاق ريال مدريد. مساحه اعلانيه وتبدو الفرصة سانحة أمام أتلتيكو لتحقيق هذا من خلال المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوروبا يوم السبت المقبل والتي يلتقي فيها الفريقان بالعاصمة البرتغالية لشبونة. وخلال السنوات الأربع الماضية ، قطع أتلتيكو خطوات عملاقة على طريق اللحاق بالريال رغم الفارق الهائل في الإمكانيات بين الناديين حيث يتصدر الريال قائمة أعلى الأندية في العالم من حيث العائدات بينما يحتل أتلتيكو المركز العشرين بأقل من ربع عائدات الريال. كما تزيد القاعدة الجماهيرية التي يتمتع بها الريال على ضعف قاعدة جماهير أتلتيكو. ورغم هذا ، فاز أتلتيكو منذ 2010 بعدد من الألقاب يفوق ما أحرزه الريال. وخلال السنوات الأربع الأخيرة ، أحرز أتلتيكو تحت قيادة كويكي سانشيز فلوريس والمدرب الأرجنتيني دييجو سيميوني لقبين في مسابقة الدوري الأوروبي ومثلهما في كأس السوبر الأوروبي إضافة للقب واحد في كأس ملك أسبانيا وكان هذا في الموسم الماضي بالفوز على ريال مدريد في النهائي. وتوج الفريق جهوده في الموسم الحالي بإحراز لقب الدوري الأسباني اثر تعادله 1/1 مع برشلونة يوم السبت الماضي في المرحلة الأخيرة من المسابقة. وفي غضون هذه الفترة ، اقتصرت ألقاب الريال على لقب وحيد في الدوري الأسباني ولقبين في كأس ملك أسبانيا. وذكرت إذاعة "كادينا كوبي" الأسبانية ، قبل نهائي دوري الأبطال يوم السبت المقبل ، "سيتبادر إلى الذهن تلقائيا أن أتلتيكو كان أكثر نجاحا في الملعب من الريال في السنوات الأخيرة". وأضافت "لم يحقق النادي (أتلتيكو) عائدات ولم ينفق على دعم صفوفه باللاعبين بنفس القدر الذي حققه لريال. ولكن أتلتيكو كان ، بلا شك ، صاحب المسيرة الأفضل وكانت إدارته أفضل". وأدت الإدارة المشتركة بين إنريكي سيريزو وميجيل آنخل جل مارين والعمل الجاد بينهما إلى الاستقرار في هذا النادي رغم أن خططهما بشأن بيع أرض استاد "فيسنتي كالديرون" والاتجاه إلى الضواحي الشرقية للعاصمة الأسبانية مدريد لم تلق قبولا لدى المشجعين. وفي الوقت نفسه ، وضع خوسيه لويس بيريز كامينيرو مدير الكرة بالنادي فريقا قويا وبارزا يتمتع بالمهارات الفائقة وذلك بسين يدي المدرب سيميوني الذي كان زميلا له في صفوف أتلتيكو قبل سنوات. وخاض كامينميرو وسيميوني سويا مواجهات عديدة عندما لعب جنبا إلى جنب في خط وسط الفريق عام 1996 حيث ساهما في فوز الفريق بثنائية الدوري والكأس في أسبانيا والتي لم تكن متوقعة للفريق في ذلك الوقت. كما نجح الاثنان في فرض قيم الفريق والتي تتركز حول العمل الجاد والصمود والإصرار والتواضع لتكون هذه هي ملامح الفريق الحالي لأتلتيكو. وعبر ماريو سواريز اللاعب الشاب بخط وسط الفريق عن هذه القيم قائلا "سنفعل في لشبونة ما حرصنا دائما على تقديمه : سنبذل كل ما بوسعنا بصدق وتواضع". وبالعودة إلى تاريخ الناديين ، كان أتلتيكو أكثر نجاحا من الريال حتى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وقبل أن يدفع به الريال إلى الظلال من خلال احتكار النادي الملكي للقب دوري الأبطال الأوروبي في أول خمس نسخ للبطولة على التوالي وبلغ أتلتيكو نهائي البطولة في 1974 وكان على بعد ثوان من رفع كأس البطولة ولكن بايرن ميونيخ الألماني منافسه في المباراة النهائية سجل هدف التعادل 1/1 في الدقيقة الأخيرة من الوقت الإضافي الذي لجأ إليه الفريقان بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل السلبي ثم فاز بايرن 4/صفر في المباراة المعادة بين الفريقين ليتوج باللقب. وكانت جماهير أتلتيكو أساسا من الضواحي الصناعية في غرب وجنوب العاصمة مدريد وأيضا من الجمهوريين والاشتراكيين المعارضين لفتة الحكم الديكتاتوري الطويلة للجنرال فرانكو. وعلى النقيض ، كان الريال هو فريق وسط العاصمة وحظي أيضا بتشجيع القاطنين في الضواحي الغربية والشمالية لمدريد وحظي أيضا بدعم الجنرال فرانكو والعديد من وزرائه. كما يحظى النادي الملكي حاليا بتشجيع رئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوي بينما يشجع الأمير فيليب ولي عهد أسبانيا فريق أتلتيكو. وربما يكون نهائي السبت المقبل هو الفرصة الأخيرة أمام أتلتيكو لينال السطوة في العاصمة مدريد لسنوات عديدة مقبلة في ظل إقبال النادي على بيع العديد من لاعبيه البارزين في صيف هذا العام لتقليص حجم الديون التي يعاني منها النادي.