أشادت الجزائر، أمس، بالمصادقة على دستور تونس الجديد، واعتبرت ذلك مكسبا تاريخيا لإرساء أسس دولة ديمقراطية يمهد الطريق لانتقال سياسي توافقي في هذا البلد الشقيق، مجددة بالمناسبة دعمها التام لتطبيق خارطة طريق الحكومة التونسية الجديدة. وأكد الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية، عمار بلاني، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أمس، أن "الجزائر تشيد بالمصادقة بالأغلبية الساحقة على دستور تونس الجديد من طرف المجلس الوطني التأسيسي وتهنئ الشعب التونسي الشقيق على هذا المكسب التاريخي الذي يرسي أسس دولة ديمقراطية ويمهد الطريق لانتقال سياسي توافقي، من شأنه أن يتوج بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية خلال سنة 2014". وأشار السيد بلاني إلى أن الجزائيين يقاسمون الشعب التونسي هذا الانتصار، الذي جاء "بفضل حكمته وروح المسؤولية التي يتمتع بها ممثلوه"، مشيدا بقدرة الشعب التونسي على تغليب روح الوئام وتكريس وفاق وطني في هذا القانون الأساسي، "الذي من شأنه أن يسمح للبلاد باجتياز المراحل المقبلة للانتقال السياسي بنجاح". وخلص الناطق باسم وزارة الخارجية إلى القول "نحن سعداء أيضا لتشكيل الحكومة الجديدة المكلفة بالسهر على إنجاح هذه المرحلة الانتقالية، وفي انتظار الثقة التي يرتقب أن يمحنها إياها المجلس الوطني التأسيسي، نجدد لها دعم الجزائر التام لتطبيق خارطة طريقها وكذا للجهود المعتبرة المدعوة لبذلها لرفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد". كما أكد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أن تبني المجلس التأسيسي التونسي للدستور الجديد يعد خطوة عملاقة في سياق بناء تونس الجديدة، مجددا التزام الجزائر بالعمل معها على تعزيز وتعميق علاقات التعاون في مختلف المجالات من منطلق المصير المشترك ووحدة التطلعات. وشدد بن صالح في مداخلته في الجلسة العامة التي عقدها المجلس التأسيسي التونسي بمناسبة مراسم المصادقة على المشروع النهائي لدستور تونس الجديد، على أن الجزائر كانت حريصة على متابعة أشغال المجلس التأسيسي بكل اهتمام، معبرا عن تقديره للجهود الجبارة التي بذلت "والحكمة والمرونة التي سادت وسمحت بتحقيق تنازلات". وبعد أن ذكر بأن الجزائر لم يراودها أدنى شك في قدرة المجلس التأسيسي التونسي على الوصول إلى اتفاق حول الدستور الجديد، "كما لم يراودها أي شك في قدرة الشعب التونسي على تجاوز كل الصعوبات التي تنبثق عن أي عملية انتقالية"، قدم السيد بن صالح تهاني البرلمان الجزائري لكافة الشعب التونسي "على هذه الخطوة العملاقة في سياق بناء تونس الجديدة. واعتبر هذا الحدث بمثابة وثبة جديدة للشعب التونسي نحو تجسيد أهداف الثورة التي حددها بكل سيادة، مبرزا أن حضور وفود مختلف الدول في هذا الحفل يحمل دلالات مميزة ويعكس مدى الأهمية التي يوليها شركاء تونس لنجاح الثورة التونسية. وقد شارك كل من رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، أمس، في الجلسة العامة التي عقدها المجلس التأسيسي التونسي بمناسبة مراسم المصادقة على المشروع النهائي لدستور تونس الجديد. وأكد مصدر عن الوفد الجزائري أن حضور رئيسي غرفتي البرلمان في الجلسة العامة للمجلس التأسيسي يأتي تلبية لدعوة تلقياها من رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي السيد مصطفى بن جعفر. وصادق النواب التونسيون على ثاني دستور للبلاد في الوقت الذي قدم فيه رئيس الحكومة المكلف السيد مهدي جمعة تشكيلته الوزارية التكنوقراطية، مما يفسح المجال لإجراء الانتخابات العامة واستكمال المسار الانتقالي الديمقراطي. وصوت البرلمانيون على الدستور الجديد بأغلبية 200 صوت، فيما اعترض عليه 12 نائبا وامتنع 4 آخرون عن التصويت، مع الإشارة إلى أن صياغة هذا الدستور الجديد شرع فيها مباشرة بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، لكنها تأخرت بسبب الخلافات السياسية التي نشبت بين حزب النهضة الإسلامي الذي يتمتع بالأغلبية البرلمانية وأحزاب المعارضة العلمانية. ويعد الدستور الجديد ثاني دستور للجمهورية التونسية بعد الدستور الأول الذي صدر في جوان 1959 والذي تم التخلي عن العمل به عقب الثورة التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي.