تكتسي زيارة وزير الشؤون الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، إلى موسكو، اليوم، أهمية خاصة لاسيما في ظل التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات الثنائية والمرشحة لأن تتعزز أكثر مع قرب انعقاد اللجنة المختلطة الجزائرية- الروسية للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني خلال هذه السنة، إلى جانب تطابق وجهات نظر البلدين إزاء عدة قضايا دولية لاسيما تلك المتعلقة بالشأن العربي. وينتظر أن تعطي زيارة السيد لعمامرة إلى موسكو والتي جاءت بدعوة من نظيره الروسي، السيد سيرغي لافروف، نفسا جديدا للعلاقات الثنائية من خلال تحديد أطر التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، لاسيما في مجال الطاقة والمحروقات على ضوء ما تضمنه الإعلان حول الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين الجزائروروسيا في أفريل 2001. وتعود العلاقات الجزائرية- الروسية إلى عقود طويلة وبالتحديد غداة التوقيع على اتفاقيات ايفيان، أي قبل الإعلان عن استقلال الجزائر وهو ما شكل موقفا قويا من قبل روسيا التي التحقت بزمرة البلدان الصديقة لبلادنا، فكان أن مهد هذا الاعتراف العلاقات التقليدية بين البلدين التي ما فتئت تتميز بكثافتها ونوعيتها. ورغم أن الفترة الانتقالية التي عرفها البلدان بسبب الظروف الداخلية التي مرا بها قد كبحت التعاون، إلا أن التقارب بين الجزائروروسيا اللتين تتقاسمان نفس الأفكار حول عدة مسائل على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف كان لامناص منه، من خلال إعطاء نفس جديد لهذا التعاون بموجب إعلان الشراكة الإستراتيجية. وتأتي زيارة وزير الخارجية إلى موسكو بعد تلك التي قام بها الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش الوطني إلى روسيا، منتصف شهر أكتوبر الماضي، والتي أجرى خلالها عدة لقاءات مع كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين، وفي هذا الصدد، كان فاليرى جيراسيموف، رئيس أركان الجيش الروسى والنائب الأول لوزير الدفاع، قد أكد أن روسياوالجزائر تبحثان عن أشكال جديدة للتعاون الفني العسكري، مؤكدا عقب لقائه بالفريق قايد صالح أن الجزائر شريك قديم وموثوق به لروسيا. وكانت الجزائر أولى الدول العربية التي توقع شراكة استراتيجية مع روسيا في عام 2001 خلال زيارة الرئيس بوتفليقة إلى موسكو، كما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة رسمية إلى الجزائر في مارس 2006 وهي الأولى لرئيس دولة روسي إلى البلاد، وتم خلالها الاتفاق على تسوية الديون الجزائرية مقابل اقتناء معدات عسكرية روسية، إلى جانب توسيع التعاون ليشمل قطاع الاستثمار ككل. وكان رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، قد أشار في خطاب ألقاه أمام الوفد الروسي إلى أنه "يتعين علينا الإبقاء على هذه الحركية الجديدة بتكثيف هذه المبادلات وبتنويعها أكثر، خصوصا في القطاعات الكفيلة بإنتاج آثار مضاعفة على المبادلات الاقتصادية وتعاوننا الثنائي برمته"، مضيفا في هذا الصدد "لقد بات الحوار السياسي والمبادلات بين الجزائر وفدرالية روسيا بعد المحادثات المعمقة التي دارت بيننا، وإعلان الشراكة الاستراتيجية الذي اعتمدناه، مندرجين في إطار تعاون تميزه معاملات مثالية، تقوم على أسس من القناعات المشتركة والمصالح المتبادلة". وقد توجت أشغال الدورة ال6 للجنة المختلطة الجزائرية-الروسية المنعقدة شهر جوان الماضي بالجزائر العاصمة بالتوقيع على محضر يلتزم فيه الجانبان بتعزيز التعاون الاقتصادي والتقني والعسكري، وتنص هذه الوثيقة التي وقعها وزير المالية، كريم جودي، ووزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، على ترقية علاقات التعاون الثنائي وتسريع استكمال الاتفاقيات التي يتم إعدادها. وترى أطراف روسية أن زيارة لعمامرة إلى موسكو من شأنها أن تتيح تبادلا معمقا للآراء حول القضايا الراهنة أهمها الأوضاع في سوريا وشمال أفريقيا ومنطقة الصحراء، مشيرة إلى تطابق المواقف الروسية والجزائرية حول الملفات السياسية الهامة، حيث يدعو الطرفان إلى ضمان الاستقرار وتحقيق التوازن في العلاقات الدولية، ودعم الدور المحوري لمنظمة الأممالمتحدة واحترام مبادئ القانون الدولي الأساسية بما فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها دون تدخل خارجي. وأشارت الخارجية الروسية إلى أن الجزائر من أهم شركاء روسيا في مجال الصناعة والتجارة في إفريقيا والعالم العربي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في 11 شهرا من عام 2013 نحو 567ر1 مليار دولار. وتتواجد المؤسسات الروسية في الجزائر بشكل معتبر وتمثل مختلف القطاعات، حيث يشهد يشهد لروسيا تحكمها في الكثير من التكنولوجيات الصناعية التي تحتاج إليها بلادنا والتي يمكن نقلها من خلال إقامة شراكات ومؤسسات إنتاجية روسية جزائرية في الجزائر.