تترجم دعوة الجزائر لعقد اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة، لمناقشة الوضع الخطير بالأراضي الفلسطينية، الالتزام الكامل الذي ما فتئت تبديه بلادنا لصالح القضية العادلة، حيث يشهد لها التاريخ وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني عبر مختلف مراحل الكفاح من خلال تقديم مختلف أشكال الدعم وفاء لمبدئها "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة". ويكفي أن الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية تم على أراضيها يوم 15 نوفمبر 1988، ويظل أكبر دليل على تمسكها بمبادئها الثابتة في مجال دعم القضايا التحررية. وإذا كانت مبادرة الجزائر غير مفاجئة بالنظر إلى مواقفها المعروفة إزاء هذه القضية، فإنه يمكن القول بأنها صنعت الاستثناء لا سيما في هذا الظرف المتميز بالكثير من الحذر والترقب الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط على ضوء التقلبات الجيو استراتيجية، وإفرازات ما يسمى بثورات الربيع العربي، وكانت من أولى الدول التي نددت بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ففظاعة الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وشبكات التواصل الاجتماعي ما كانت لتجعل الجزائر تكتفي بدور المتفرج لا سيما وأن العدوان الغاشم دخل أسبوعه الرابع، وفي وقت مازالت فيه الآلة الصهيونية تحصد المزيد من الأرواح. ففي الوقت الذي اكتفت فيه المجموعة الدولية بالتنديد فقط عبر التصريحات الدبلوماسية المتناقضة أحيانا، بادرت الجزائر إلى عقد دورة طارئة للجمعية العامة الأممية للنظر ومناقشة الوضع الخطير الذي آل إليه قطاع غزة والشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي. وإذ تبنّت الكتلة العربية بالهيئة الأممية المبادرة الجزائرية الهادفة إلى وضع حد لهذا العدوان، مع إرسال بعثات إنسانية إلى السكان المتضررين في القطاع، فإن العديد من الكتل الإقليمية الأخرى أبدت اهتمامها أيضا بهذه المبادرة إلى جانب العديد من الدول. وكان سفير الجزائر وممثلها الدائم لدى الأممالمتحدة صبري بوقادوم، قد أكد أول أمس، لوكالة الأنباء الجزائرية أن "الجهاز الدبلوماسي الجزائري بصدد تداول المبادرة الجزائرية عبر العالم"، كما صرح وزير الخارجية السيد رمطان لعمامرة، أن الجزائر قامت بمراسلة الأممالمتحدة ومجلس الأمن، إلى جانب تحرك السفراء الجزائريين لشرح موقفها ومناشدة الدول الصديقة والشقيقة بغية "إيجاد مواقف تحمل إسرائيل على وقف عدوانها الوحشي على غزة"، في وقت أكد فيه أن موقف الجزائر إزاء القضية الفلسطينية لن يتغير سواء كانت ظالمة أو مظلومة. وتهدف المبادرة الجزائرية إلى الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، وإرسال مساعدات إنسانية عاجلة للسكان المتضررين، إلى جانب إعادة توفير الظروف المناسبة لاستئناف مبادرات السلام التي من المفروض أن تفضي إلى وضع حد للاحتلال وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس. وحظيت مبادرة الجزائر بدعم مصر، وذلك في اتصال هاتفي أجراه وزير خارجيتها سامح شكري، مع نظيره الجزائري السيد رمطان لعمامرة، حيث جدد استعداد بلده للمضي قدما في عملية التنسيق الثنائي الجزائري - المصري للتحرك المشترك والفاعل في إطار هذه المبادرة. وسبق لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أن أجرى محادثات يوم الأربعاء المنصرم، مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني حول الوضع في غزة. ولم تتوقف جهود الجزائر عند هذا الحد بل رأت أنه من الضروري التكفل بمآسي الشعب الفلسطيني من خلال منح إعانة مالية استعجاليه بقيمة 25 مليون دولار لفائدة فلسطينوغزة على وجه الخصوص، كما أعلنت الجزائر استعدادها لاستقبال الجرحى والمصابين في مستشفياتها والاستجابة لكافة احتياجات سكان غزة الذين يعيشون كارثة إنسانية حقيقية. ومثل هذه المواقف ليست جديدة على الجزائر التي تعد من أولى الدول العربية التي تستوفي التزاماتها المالية على مستوى الجامعة العربية فيما يتعلق بدعم صندوق فلسطين، ففي شهر أفريل الماضي منحت الجزائر صكا بمبلغ 26.5 مليون دولار للجامعة العربية، في إطار دعم موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية. وكان الوزير الأول عبد المالك سلال، قد جدد خلال زيارته لولاية قسنطينة في أواخر شهر رمضان، دعم الجزائر الدائم للقضية الفلسطينية منوها في هذا الصدد بالجهود الدبلوماسية الجزائرية الساعية إلى وقف العدوان على غزة. كما لم تتوقف الأعمال التضامنية التي بادرت بها السلطات أو المجتمع المدني منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث تم في هذا الإطار إرسال كمية من الأدوية والأجهزة الطبية من طرف الهلال الأحمر الجزائري، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية. وموازاة مع ذلك مازالت تشهد العديد من ولايات الوطن العديد من التجمعات والمسيرات المتضامنة مع سكان غزة الذين يواجهون العدوان الصهيوني، على غرار التجمع الذي نظم بساحة الوئام بالجزائر العاصمة، والذي شارك فيه الآلاف من المواطنين.