أعلن وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد محمد عيسى عن إنشاء هيئة شرعية موحدة لأعضاء المجالس العلمية، تحاكي تلك الموجودة على مستوى مجمع بنك البركة الإسلامي؛ باعتبارها "هيئة مرجعية". وستقوم الهيئة بمهمة "تقديم النصح" للبنوك العمومية في الجزائر؛ من أجل تقريبها من المجتمع بتقديم منتجات بنكية توافق الشريعة الإسلامية، وتسهيل الحصول على قروض دون فوائد، لاسيما للشباب. وأوضح الوزير أن الهيئة سوف تعمل كذلك على تنوير الرأي العام وخاصة الشباب، للتفريق بين "الدمغة والضريبة"، التي قال إن "الفقه الإسلامي يصوّرها على أنها ظلم"، والمساهمة والمشاركة التي تدفع الإنسان إلى أن يبذل من "فضل ماله" للمجموعة الوطنية، من أجل مشاريع تنموية وعمليات تضامنية، دون أن يحس بأنه يدافع عن الضريبة، مستشهدا بالحديث النبوي الشريف: "من كان له فضل ظهر فليرجع به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من قوت فليرجع على من لا قوت له". وأمام جمع من الأئمة والعلماء من الجزائر وخارجها الذين حضروا أمس بدار الإمام بالعاصمة للمشاركة في ندوة حول "الاجتهاد الفقهي في القضايا الخلافية ودور هيئات الرقابة الشرعية في ضبط وترشيد عمل المؤسسات المالية الإسلامية"، انتقد السيد عيسى ما وصفها بالفتاوى التي تهدّم وتفرّق، والتي تبتعد عن مرجعية الرخصة والبحث عن الحلول وفتاوى الشرع التي تؤسس وتبني، وقال: "إننا نعيش اليوم في الجزائر وغيرها من البلدان الإسلامية، شعورا بالانكفاء عن البحث في كنف الشريعة، عن حلول تدمج الشباب في الإنتاج والعمل، وتدمج المجتمع في بث الرفاه والاكتفاء والقضاء عن التبعية". وعبّر عن اتفاقه مع فكر مالك بن نبي ونظرته إلى الاقتصاد الإسلامي، وقال إنه "ليس المطلوب من أمناء المجالس العلمية في الجزائر ولا من علماء الشريعة اقتراح حلول اقتصادية والانكفاء عن المؤسسات المصرفية بطرح بدائل تخدم السوق الموازية، التي تُنهك الاقتصاد الوطني... ولكن أن يكونوا مصححين ناصحين واعظين، مؤسسين للمقترح الذي ينبع من الخبير الاقتصادي، مراعين أن يكون ذلك في كنف الشريعة؛ أي أن تكون الخبرة والعقل والذكاء البشري المصرفي قائدا، ويكون الإمام والعالِم راعيا ومرافقا ومرشدا". ودافع الوزير عن "الفتاوى المؤسساتية"، معتبرا أننا في عصر ولّى فيه الاجتهاد الفردي، ليحل محله الاجتهاد الجماعي. وأشار، في السياق، إلى أن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تحضّر لإقامة "المجمع الفقهي"، الذي سيصدر آراءه وتوجيهاته وفتاواه، داعيا كل الفاعلين في الساحة الوطنية والخبراء الذين سيدعوهم المجمع من خارج الجزائر، إلى "أن يكون جهدهم داخل هذه المؤسسة، وأن نكف عن التشويش على المجتمع وإحباط معنوياته". وشدّد على أنه من الضروري أن يجد الشاب الذي يريد أن يعمل، الفضاء المناسب في هذا المجمع، الذي عليه أن يبحث عن حلول للمشاكل المطروحة في كنف الشرع، لكن بما يسمح بالعيش في العصر الراهن؛ فالمبتغى، كما قال، هو "هدي البحث عن الفتاوى والرخص ليعيش المسلم عصره باحترام دينه". وجاء تنظيم هذه الندوة العلمية المفتوحة حول الاجتهاد في فقه المعاملات المالية الإسلامية المعاصرة، بمناسبة انعقاد الاجتماع الدوري لهيئة الرقابة الشرعية الموحدة لبنك البركة. كما أوضح الأمين العام للبنك السيد ناصر حيدر، أن الهيئة التي تشرف على ضبط وترشيد وتأصيل عمل المؤسسات البنكية التابعة للبركة، هي جهة الفتوى والرقابة الشرعية. وقال في تصريحات صحفية: "لقد اغتنمنا وجود ثلة من علمائها المتخصصين في المعاملات المالية الإسلامية من أجل نشر الثقافة والمعرفة الفقهية، وتعميم الفائدة بهذه المسائل الهامة". وكشف، بالمناسبة، عن منتجات جديدة لبنك البركة، تستجيب لتطلعات المجتمع، وتراعي أحكام الشريعة، منها تأسيس شركات للتأمين التكافلي، وتقديم التمويل المصغّر للشباب والنساء الماكثات في البيوت والخدمات العقارية، مضيفا أن البنك يتوجه نحو تأسيس مجموعة تعمل في مجالات مختلفة.