أطلق اتّحاد الكتاب الجزائريين، أوّل أمس، بقصر "رياس البحر" موسمه الثقافي لسنة 2014-2015، من خلال تظاهرة شعرية حملت عنوان "الشعر الجزائري الجديد، معاني وجماليات" شارك فيها بعض ممثلي فروع الاتحاد بالولايات وكانت فرصة للحديث عن الشؤون الثقافية المستجدة. في كلمته الترحيبية، أشار الأستاذ جمال سعداوي المستشار الثقافي بمركز الفنون والثقافة "قصر رياس البحر" (الشريك في التظاهرة) إلى أنّ مكان الاجتماع المعبق بإنجازات الماضي يفرض رهانات مستقبلية في المستوى، كما نوّه بسلوك اليد في اليد المنتهج من قبل مؤسستي مركز الفنون واتحاد الكتاب واللتين رسمتا معا افتتاح هذا الموسم الجديد. وثمّن بدوره رئيس اتحاد الكتاب الأستاذ يوسف شقرة المناسبة مجددا الترحاب بالفروع الحاضرة منها فرع عين وسارة، تيزي وزو، تيبازة، المسيلة ووادي سوف، متمنيا أن يكون هذا الموسم الجديد أكثر ثراء وتنوّعا واستشرافا للمستقبل من خلال برنامج متكامل، مؤكدا أنّ الأمانة الوطنية للاتحاد اجتمعت شهر أوت الفارط بسكيكدة بمناسبة أحداث 20 أوت الخالدة لتضع برنامجا يرتكز على تنظيم بعض الملتقيات التي يعتقد أنّها ستعطي الإضافة اللازمة منها مثلا؛ تنظيم ملتقى "مخيم الأدباء الشباب" وذلك بالتعاون مع وزارات الثقافة، الشباب والسياحة، وسيهتم بالنشء من مبدعين لا تزيد أعمارهم عن ال30 سنة وسيكون ذو طابع عربي يساهم فيه اتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي سيرسل أديبين من كلّ بلد عربي وبإشراف أساتذة وباحثين في مجال التخصّص قصد إنشاء ورشات لتسطير منهج عمل يبعد الغرور والاندفاع عن المشاركين الهواة. الملتقى الثاني الذي أعلن عنه رئيس الاتحاد يحمل عنوان "لبلادي أغني"، وسيحتفل بالأدباء الشهداء وسيخصّص للأديب الشهيد الحبيب بناسي، وسيكون بالتعاون مع وزارتي المجاهدين والثقافة، إلى جانب ذلك تعكف لجنة مؤتمر الاتحاد لتحضير اجتماع المؤتمر الذي سيقيّم العهدة الفارطة وكذا الخروج بقيادة جديدة تكمّل المشوار وتعطي مجهودا إضافيا. انطلقت الجلسة الشعرية باستقبال الشاعر عقيل عزوز رئيس فرع اتحاد عين وسارة، الذي أعطى بداية لمحة عن المشهد الثقافي في هذه المنطقة الداخلية، مؤكّدا أنّه يمر بفترة زخم إبداعي خاصة منذ تأسيس فرع اتحاد الكتاب به الذي لمّ شمل المبدعين الشباب. كما استعرض بعض العناوين الصادرة عن الفرع مؤخّرا منها كتاب يضم تعريفا ل23 مبدعا من المنطقة أضيف على ال18 كتابا الذي طبع في هذه السنة وسيصدر في الأيام القادمة للمبدع رقام بن حرز الله رواية جديدة وكتابا خاص بأدب الطفل. قرأ الضيف المتحصل على عدة جوائز عربية مقاطع من شعره من مجموعته "رفقا بقلب" قال في مطلعها: "يا من تريد الإقداما، عذرا ليس لي ثروة لأنال وجهك البساما"، كما قرأ "السنبلة" التي تقول: "سنأتي كما قالت الريح نحمل، وهج المدينة وأسرار المدينة"، وقرأ "فاطمة" التي تقول؛ "مثل الحمامة في الحدائق هائمة، وأنا هنا مازلت أهوى فاطمة". تقدّم بعده السيد سعيد حرير من وادي سوف وهو مسؤول فروع الولايات بالاتحاد، وراح في بداية تدخّله يمتدح مسقط رأسه الوادي ويقول؛ أنّ تحت كلّ قبة شاعرا، كما نوّه بمختلف الفروع حيث زار مؤخّرا فروع المنطقة الشرقية التي فتحت تبادلا مع بعض بلدان المغرب العربي في انتظار جولة ستقوده هذا الموسم لكل ّالفروع المنتشرة عبر الوطن، وعن فروع الجنوب أشار إلى أنّها تنشط أكثر في الإطار المحلي لذلك تقرّر استضافتها في العاصمة علما أنّ بها مبدعين في القمة وهنا نوّه بمجلة "رؤى" الثقافية التي تصدر في الجنوب ذات القيمة الأدبية الراقية. قرأ السيد حرير الواقع العربي من خلال "رسائل الهدهد" قائلا؛ "أكتب هنا الآيات تكشف للورى أسرارها، والأرض حولك قد حدثت أسرارها.. أكتب ولا تخشى أحد"، وقرأ الضيف أيضا؛ "همسات قبيل الشروق" و"قراءة في كف مأساة" التي تناول فيها الراهن العربي المزري. تنقل الحضور بعدها إلى مدينة أخرى من مدن الجزائر ليحطوا بعاصمة جرجرة تيزي وزو من خلال استضافة الأستاذ حسين تومي رئيس فرع اتحاد الكتاب بالولاية الذي أشار إلى أنّ الفرع لا يزال في بداية محتشمة وذلك لا يعني الخمول، إذ يمضي الجميع قدما لتوفير جو إبداعي متميز، ويضيف "أنا لست شاعرا بل روائيا وأحيانا مترجما واعتبر ولايتي مشتلة للمبدعين بكلّ اللغات ولا يبقى سوى لمّ شمل هؤلاء المبدعين". قرأت الشعر الفصيح ابنة جرجرة مسعودة لعريط التي ارتبطت منذ سن ال17 بالقافية، وسرعان ما أصبحت تمضي مجموعاتها الشعرية، والبداية كانت ب"مرايا الجسد" ولا يزال لديها الكثير من النصوص المنثورة علما أنّ المسار العلمي أخذها من الشعر فهي متحصلة على الدكتوراه ومرتبة التأهيل وتحصّلت على عدة جوائز وطنية، كما كتبت في القصة وتحصّلت على جائزتها الثانية بسكيكدة، كما صدر لها الكثير من الكتب والدراسات في أدب الطفل والأدب النسوي وفي النقد وفي غيرها واختارت بالمناسبة أن تقرأ قصيدة بعنوان "نجمة" أهدتها لكاتب ياسين تقول؛ في مطلعها "أكتبك بعيون الفقراء والمحتاجين والمغتربين والمغتالين، يا نجمتي يا نجمة عميروش وبن بولعيد وجميلة". حضر أيضا شاعر ذو ظل خفيف وهو الأستاذ عبد القادر عبدي الذي دخل عالم الشعر بالكلمة الأمازيغية المعبّرة ولاقى كلّ التشجيع من مختلف الجهات الثقافية بما فيها اتحاد الكتاب وتحصّل على العديد من الجوائز الوطنية والمحلية، ورغم موهبته في الشعر والترجمة إلا أنّه شديد التواضع يفرض حضوره بإبداعه وروحه الخفيفة ولقد قرأ بالأمازيغية "الشهيد" يصف فيها أبا يرثي ابنه الشهيد ويصفها أنها تشبه رثاء فيكتور هيجو لابنته ثم قرأ بالفصحى "سامحيني". قرأ أيضا نائب رئيس اتحاد الكتاب الأستاذ نور الدين طيبي مركّزا على الراهن العربي الذي غيّب فيه العقل ودنّست الأديان والأوطان والقيم، واختار "أسبابي" وهي قصيدة -كما وصفها- تحمل الكثير من الإزعاج، كما أشار إلى أنّه ترجم 3 روايات صينية تصدر لأوّل مرة للقارئ العربي إضافة لمشروع كتاب خاص ب"دلالات القواعد العربية في المنظومة السلوكية". على هامش اللقاء أوضح السيد جمال سعداوي ل"المساء"، "أنّ هذه المناسبة تمثّل انطلاق الموسم الثقافي الجديد من خلال أحد الفنون الإبداعية التي يتم فيها رعاية المواهب وتشجيعها واستهداف الجيل الجديد الذي له رؤاه ووجهات نظره حول ما يجري في الساحة ويتم أيضا تهيئة الفضاء المناسب لها لتكون لها فرصة الظهور للجمهور". وأشار المتحدث أيضا إلى التعاون الذي يجمع بين مركز الفنون والثقافة "رياس البحر"، واتحاد الكتاب وأنّ مثل هذه المبادرات المشتركة ستتكرّر وسيتم من خلالها التعريف بمختلف الرؤى بكلّ توازن مع مراعاة التكامل بين المبدع والجمهور والمؤسسة الثقافية، ليكتمل المشهد في فضاء مؤطر ومثمر ومستقر وأشار أيضا إلى أنّ هذا الموسم سيوسّع مساحات الفنون الإبداعية الأخرى منها المسرح، الموسيقى، الصناعات التقليدية، الفن التشكيلي وأدب الطفل وغيرها.