استقبل الوزير الأول السيد عبد المالك سلال،أمس بالجزائر العاصمة، رئيس غرفة نواب دولة ليبيا عقيلة صالح عيسى، الذي يجري زيارة عمل وصداقة للجزائر بدعوة من رئيس المجلس الشعبي الوطني العربي السيد ولد خليفة. حيث سمح اللقاء للطرفين بتبادل وجهات النظر حول الوضع السائد في ليبيا على الصعيدين السياسي والأمني. وحسب بيان لمصالح الوزير الأول، فإنه تم خلال هذا اللقاء "التوصل إلى توافق في وجهات النظر حول سبل مرافقة الإخوة الليبيين في إرادتهم الحوار؛ بغية التوصل إلى حل للخروج من الأزمة، يضمن أمن هذا البلد الشقيق والجار وسيادته". وجرى الاستقبال بحضور وزير الشؤون الخارجية الليبي محمد الهادي الدايري ووزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل. وكان رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد محمد العربي ولد خليفة، قد استقبل، مساء أول أمس، بإقامة الميثاق رئيس مجلس النواب الليبي؛ حيث تطرق الطرفان خلال اللقاء -حسب المصدر - للعلاقات البرلمانية بين البلدين، واتفقا على ضرورة تطويرها. وقد وصل رئيس مجلس النواب الليبي، أول أمس، إلى الجزائر في زيارة رسمية بدعوة من السيد العربي ولد خليفة. وكان في استقبال السيد عقيلة بمطار هواري بومدين الدولي، السيد محمد العربي ولد خليفة والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل. ويُجري رئيس مجلس النواب الليبي خلال تواجده بالجزائر، محادثات مع عدة مسؤولين سامين في الدولة. وتأتي زيارة عقيلة في وقت يشهد الوضع الليبي تأزما بسبب اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش الليبي ومجلس شورى ثوار بنغازي، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات. ويرى متتبعون أن زيارة المسؤول الليبي إلى الجزائر تحمل الكثير من القراءات التي لها علاقة بالتطورات الخطيرة التي يشهدها هذا البلد، في وقت تعكف الجزائر على تحضير أرضية جلسات الحوار الليبي، المزمع عقدها على أراضيها خلال الأسابيع القادمة، انطلاقا من موقفها القائم على "حل سلمي ومتفاوَض حوله في ليبيا"؛ مما يتطلب مباشرة "حوار وطني شامل يضم كل الأطراف المتنازعة وتلك التي تؤمن بليبيا موحدة ومستقرة وديمقراطية". ويأتي هذا الحوار المرتقب بعد استجابة الجزائر لدعوة الأطراف الليبية لاستضافة هذا الحوار؛ حيث أبدت استعدادها لاستقبال هذه الأطراف إذا ما رأوا أن الجزائر هي المكان المناسب لجمع شملهم وإطلاق مسيرة للتوحيد في إطار المصالحة الوطنية وبناء مستقبل ليبيا. واستندت الجزائر في ذلك إلى احتضانها لتجربة الحوار المالي الأخيرة، ومختلف الحوارات التي احتضنتها عبر التاريخ لجمع شمل الأشقاء الفلسطينيين، حيث ظل موقف الجزائر واضحا بهذا الخصوص؛ كونه يدعو إلى حوار وطني وإلى مصالحة وطنية في ليبيا، مع إعطاء الفرصة للمؤسسات المنتخبة لكي تكتسب المزيد من الشرعية من خلال جمع الشمل. وكانت الجزائر التي أعلنت عدم تدخلها في الشؤون الداخلية لليبيا منذ بداية الأزمة، قد أكدت في عدة مناسبات على أن الظروف العسيرة التي تمر بها ليبيا حاليا، تتطلب الاحتكام إلى القوانين والإجراءات التي من شأنها المساهمة في تهيئة الأجواء لإطلاق الحوار بين الليبيين. غير أن الجزائر ترى أن تمسّكها بمبدأ عدم التدخل لا يعني لا مبالاتها إزاء ما يجري في ليبيا، من منطلق المصير المشترك بين البلدين والتاريخ الحافل بالتضامن، في الوقت الذي تدعو دول جوار ليبيا قبل غيرها، إلى التعامل مع هذه الأزمة بشكل يجعل من الدول المجاورة طرفا فاعلا وذا مصداقية في الحل. كما ناشدت الدول المجاورة لليبيا الالتزام بموقف عدم التدخل، والامتناع عن صب الزيت على النار، من خلال الاحتكام إلى الشرعية الدولية، على ضوء قرار مجلس الأمن الدولي، القاضي بالتحكيم وبرفض تمويل وتزويد الفرقاء الليبيين بالأسلحة والذخائر وقطع الغيار؛ قصد خلق المناخ المؤهل والمسهل لإطلاق حوار ليبي - ليبي. من جهة أخرى، شكّل إطلاق حوار شامل يجمع كل الليبيين قريبا من أجل حل نهائي للأزمة الداخلية في ليبيا، محور نشاطات الدبلوماسية الجزائرية بالتشاور مع ممثلي المجتمع الدولي ودول الجوار، خلال انعقاد الدورة العادية ال 69 للجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة؛ حيث قدّم وزير الخارجية السيد رمطان لعمامرة تقييما عن التحضيرات الجارية لإطلاق حوار بين الفرقاء الليبيين، وتصور الجزائر بشأن التنسيق بين مجموعة دول الجوار والشركاء الدوليين المدعوين للمساهمة في جهود الوساطة الدولية. وقد تم دعم موقف الجزائر بشكل تام من طرف الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الصديقة والشقيقة؛ حيث أشادوا في هذا الصدد، بمبادرة الجزائر المتعلقة بدعوة الزعماء الليبيين وممثلي مختلف القوى السياسية، للمشاركة في حوار يسمح بالتوصل إلى مصالحة وطنية في هذا البلد.