شارك الحرفي في صناعة خشب الزيتون، أنيس الحمدي، من تونس الشقيقة في فعاليات الطبعة ال19 من الصالون الدولي للصناعة التقليدية، ولفت جناحه انتباه زائرات الصالون كونه يجمع كل ما يحتاجه المطبخ المنزلي من أدوات بمختلف أحجامها. فمن الشوكة إلى أطباق الخبز وقلل حفظ الزيت، كان جناح الحرفي مكتظا عن آخره بمصنوعات أبدع فيها، وذكر في حديثه ل "المساء"، أنه يعتز بحرفته اليدوية التي تلقى رواجا في بلده، كونها تعتمد على أعواد شجرة مباركة. يتحدث أنيس عن حرفته، فيقول بأنه يتقنها منذ حوالي 10 سنوات، فبعد أن تعثر في مواصلة مشواره الدراسي، ارتأى تعلم حرفة يدوية تكون بمثابة مورد مالي مستقبلي له عوض البطالة، فكان أن اختار حرفة يقول بأنها معروفة لدى فئة قليلة من الحرفيين في منطقة سوسةالتونسية. ويعرف الحرفي صناعته اليدوية هذه بالقول بأنها تعتمد على أشجار الزيتون المسنة التي يتم اقتلاعها لأنها لا تنتج، ولعل هذا الأمر يجعل اقتناء المادة الأولية تشوبه بعض الصعوبات، رغم توفر تونس على مساحات هائلة من أشجار الزيتون، يقول أنيس الذي يحول خشب الزيتون إلى أدوات وتحف خشبية تستعمل في الحياة اليومية، خاصة في المطبخ. ويحرص الحرفي على إضافة لمسته الفنية عبر النحت والنقش على خشب الزيتون، لتتحول القطعة فيما بعد إلى منتوجات تقليدية مميزة. وتتطلب هذه الحرفة التقليدية صبرا كبيرا، إلا أن روعة المجسمات التي تتشكل في النهاية تجعل الحرفي ينسى تعبه والوقت الكبير الذي يمضيه في صناعة هذه القطعة أو تلك. يقول أنيس بأن مشاركته هي الثانية في معرض الجزائر الدولي للصناعة التقليدية، إذ عمد هذه السنة إلى إحضار العديد من القطع الحرفية التي صنعها خصيصا لهذه التظاهرة التي سمحت له بنسج علاقات تجارية مع جزائريين، حيث يؤكد أن مشاركته في العام الماضي جذبت العديد من الحرفيين الذين أرادوا نسج علاقات عمل في إطار تبادل الخبرات، إلا أنه يشير إلى أن المشروع ما يزال في المهد ويتطلب عملا كبيرا وإرادة قوية لجعله يرى النور، كما أبدى تفاؤلا في هذا السياق لأن من أهم أهداف هذا الصالون، مثلما سطرته السلطات المعنية، خلق فضاء معرفي وتكويني وتجاري بين الحرفيين سواء داخل الوطن أو خارجه. ويشير الحرفي الشاب الذي يؤكد في معرض حديثه بأنه دخل هذا المجال كهاو حتى أضحى محترفا، لأنه مجال سمح له بإظهار إبداعاته، أن عود شجرة الزيتون صلب جدا، لذلك فإن أغلب الأواني المصنوعة منه صلبة وذات جودة كبيرة "كما ترون كل هذه المصنوعات من عود شجرة الزيتون، وهي أدوات تعمر طويلا، بل يمكن للشخص أن يمل قطعة ما يشتريها بماله بسبب صدأ إذا كانت من مادة حديدية أو غيرها، لكن لا يمكنه أن يمل من ملاعق أو أطباق أو جفان مصنوعة من شجرة الزيتون لأنها شجرة مباركة، وكل ما يصنع من عودها صلب قلما تجد مثله في السوق". وبعد أن اختص الحرفي في صناعة أدوات المطبخ التي تحتاجها كل ربة بيت، فإنه يطمح إلى صناعة صالون بكامل قطعه ليس كديكور وإنما للاستعمال اليومي، وإن كان يقر بأن هذا المشروع يتطلب منه رأسمال كبير بالنظر إلى غلاء المادة الأولية، إلا أن سيره نحو الإبداع في حرفة أحبها يجعله يتجاوز كل ما قد يعيق طريقه، ويؤكد الحرفي ل«المساء"، أن مشاركته في طبعة الصالون لعام 2015 المقبل، ستكون صالونا كاملا مصنوعا من عود الزيتون، وهو يطمح بذلك إلى حصد جائزة الإبداع في صالون الصناعات التقليدية والحرف في طبعته القادمة.